«الجزيرة» - المحليات:
تواكب الذكرى الرابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز القائد الأعلى لكافة القوات العسكرية مقاليد الحكم في البلاد مسيرة عطاء ممتد تزخر بالإنجازات والتحولات الاقتصادية والتنموية المشهودة في ظل رؤية طموحة تنطلق نحو مستقبل مشرق تعززه المكانة الراسخة للمملكة بين الدول، بالتزامها بالشريعة إطارًا وأساسًا للعمل، وريادتها للعالم الإسلامي من خلال الثقل الإقليمي والتأثير العالمي الكبير، بتوفيق الله، ثم بحكومة رشيدة نشطة يقودها خادم الحرمين الشريفين، ويتابع أعمالها سمو ولي العهد الأمين، حفظهما الله ورعاهما.
وبهذه المناسبة العزيزة يشرفني باسمي ونيابة عن منسوبي مركز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب أن أرفع التهنئة الصادقة إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وإلى الشعب السعودي الكريم مباركاً هذه العطاءات والإنجازات المتحققة في هذا العهد الميمون. وإذ تؤكد البيعة رسوخ تقاليد ونظام الحكم وأصالة النظام السياسي في المملكة، فإنها تعبر عن عمق التماسك بين القيادة الرشيدة والقاعدة الشعبية المتجسد بالمكتسبات الحضارية والتنموية المتحققة بالعمل المخلص لأبناء الوطن، وتمثل تطلعات القيادة نحو وطن طموح، ومجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر. إن مسيرة المملكة المعبدة بنجاحات ممتدة على مختلف المجالات تستحق وقفات وتأملات تستقيها وتتمثلها ولا سيما في مثل هذه المناسبة. حيث تعد تجربة المملكة الرائدة في محاربة الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف من التجارب الملهمة عالمياً، بتحقيقها نجاحاً مشهوداً في محاربة الإرهاب والحد من خطره على المجتمع، ومنع أي كيان إرهابي من إيجاد تموضع جغرافي أو خلق بيئة حاضنة له. وقد كانت المعالجة الشاملة سرّ هذا النجاح باعتماد المملكة المقاربة الأمنية والفكرية والإعلامية المتكاملة، خلال الفترة الممتدة من 2003-2014م، وحافظت على الأمن والاستقرار الداخلي بإبعاد شبح التهديدات الإرهابية. وفي خضم هذه التحديات والمتغيرات اعتبرت المملكة أن التحدي الأكبر لا يكمن في محاربة الإرهاب والتطرف بل في جعل الحياة جديرة أن تعاش، وأن الإنسان يستحقها، ومن هذا المنطلق جاءت رؤية 2030 التي رُسِمت بعناية وتنفذ بإصرار وحصافة لجعل البيئة السعودية بيئة حية ومشجعة وجاذبة ومنتجة. وقد بلغ من حرص القيادة على أبنائها أن جعلت من زلت به قدمه إلى طريق الزيغ والضلال فانضم إلى الفئة الضالة هدفاً تسعى إلى استنفاذه من هذا المستنقع ومحاولة إصلاحه وإعادته إلى الحياة والمجتمع. ولذا كان من أبرز الإجراءات المواظبة لعمليات المواجهة الأمنية إطلاق برامج المناصحة لمعالجة الفكر المتطرف لدى الموقوفين ثم تلاه تأسيس مركز محمد بن نايف للمناصحة عام 2007م. وفي السنوات الأخيرة جرى إنشاء مراكز متخصصة منها: مركز الحرب الفكرية، والمركز العالمي لمكافحة التطرف (اعتدال)، ومعهد الأمير خالد الفيصل للاعتدال، لمواجهة جذور التطرف والإهاب وترسيخ مفاهيم الدين الإسلامي الحق. ومضيّاً في هذا النهج السديد جاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب إيماناً في المملكة بأهمية العمل المنسق والجهد الجماعي المشترك وضرورة تعزيز الجهود الدولية في محاربة الإرهاب ولا سيما بعد تصاعد أنشطة التنظيمات الإرهابية في عدد من لدول، فتوجهت عام 2015م إلى الدول الإسلامية بوصفها المتضرر الأكبر من الإرهاب العالمي لتوحيد جهود هذه الدول، فتحقق النجاح بضم 41 دولة تحت مظلة واحدة كمؤشر قوي على القدرة بتحقيق التضامن بين الدول الإسلامية عبر إرساء بنيان متماسك واضح الغاية هدفه محاربة الإرهاب وما يسببه من سلبيات على الاستقرار والأمن على المستوى الدولي.
فكان تأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب نهاية العام ذاته، واحدة من ثمرات الجهود السعودية المخلصة الرامية إلى مساندة الدول المتضررة من جرائم الإرهاب، وإعادة الاستقرار والأمان لشعوبها، من خلال إيجاد منصة مؤسسية مؤهلة تعزز إمكانية تعاون الدول الأعضاء، وتقدم تكاملاً مع الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه. ولذا يسعى التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب إلى أن تكون الدول المشاركة فيه، وبمساندة الدول الصديقة المحبة للسلام والمنظمات الدولية، قادرة على تنسيق وتوحيد جهودها في المجال الفكري والمجال الإعلامي، ومجال محاربة تمويل الإرهاب، والمجال العسكري لمحاربة جميع أشكال الإرهاب والتطرف. ومع أن التحالف الإسلامي انطلق بمبادرة سعودية إلا أن مبادئه الأساسية وقيمه المؤسسية تؤمن بالمشاركة والفاعلية والتعاون والشراكة والسيادة. ولذا يسعى إلى تمكين الدول الأعضاء من القيادة الفاعلة والمشاركة المؤثرة في اتخاذ القرارات وموجهة المستجدات، حيث تتولى وفود الدول الأعضاء القيام بمهام وأدوار رئيسة في التحالف، بما يجعل مصدر القوة يكمن في التنسيق والتعاون مع الدول الأعضاء في التحالف والدول الداعمة. وإن التحالف إذ يمضي قدماً في إتمام العناصر الجوهرية والتأسيسية التي تؤمن أرضاً صلبةً لإطلاق أعمال وبرامج مستدامة تحقق الأهداف الإستراتيجية له، تعزز التزام الدول الأعضاء بأهدافه بشكل راسخ وفعّال، ليتلقى مؤشرات إيجابية من عدة دول إسلامية للانضمام إليه في أقرب وقت ممكن -بإذن الله-.