الذكرى الرابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- سدة الحكم في المملكة العربية السعودية.. مناسبة عزيزة وغالية.. تجسد مسيرة حافلة بالبناء والنماء.. وإنجازات كبيرة في زمن قياسي.. وعنوانها الالتحام الراسخ بين القيادة والشعب.. وهي علاقة متفردة بين الحاكم والمحكوم قلما نجد لها مثيلا في العالم.
ولذلك قال (روبرت لاسي) في كتابه (داخل المملكة Inside the Kingdom): «لم أر مثيلا لالتحام شعب المملكة العربية السعودية بقيادته».
وذلك لأن المواطن ظل دائما وأبدًا محور الاهتمام في فكر القيادة وإستراتيجياتها.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان.. أصبحت للمملكة (رؤية) نسير في هداها.. ونستنير بها في مسيرة بناء المستقبل.. وهي في مضامينها مشروع حضاري تنموي شمولي جبار.
حيث ظللنا على مدى نحو نصف قرن من عمر الزمن.. منذ خطة التنمية الخمسية الأولى الصادرة في عام 1970م وحتى الخطة العاشرة الحالية.. وهدف (تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمورد وحيد وأساسي للدخل الوطني) ظل هذا الهدف يتصدر هذه الخطط العشرة.. وفي النهاية لم يتحقق.. وبقي الدخل الوطني معتمدا بشكل شبه كلي على النفط بنسبة تتراوح بين 90 % و95 %.. وبالتالي أرتهنا لتقلبات أسعار النفط مما أثر سلبا على اقتصادنا وبرامجنا ومجتمعنا بشكل عام.
(إنجازات اقتصادية غير مسبوقة)
ولذلك ولله الحمد جاءت رؤية المملكة 2030 ببرامج تنموية حيوية لتنويع مصادر الدخل بشكل فعلي وعملي.. وتحققت إنجازات كبيرة وغير مسبوقة في زمن قياسي.. حيث زادت الإيرادات غير النفطية بنسبة 300 % وأصبح النفط لا يشكل سوى نحو 60 % من الدخل الوطني.. وانخفض العجز المالي بنسبة 40 %.. وأصبحت لدينا ميزانية تريليونية.
كما أصبحت لدينا «شفافية» غير مسبوقة في الأمور المالية.. حيث تصدر وزارة المالية تقارير ربع ونصف سنوية.
وأصبحت التقارير السنوية لوزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة الحرس الوطني ورئاسة الاستخبارات العامة تعرض على مجلس الشورى.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان.. تمت إعادة هيكلة الجهاز الإداري الحكومي.. بما في ذلك إلغاء ودمج أجهزة وهيئات.. وإنشاء أجهزة وهيئات جديدة وفقا لمتطلبات رؤية المملكة 2030.. وبما يواكب المستجدات ويخدم مصلحة الوطن والمواطن.
(محاربة الإرهاب والتطرف)
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده تم القضاء على التطرف والتشدد والغلو القاتل.. كما تم إيقاف المتطرفين الذين يستغلون الدين غطاء لنشر أجندتهم.. والذين تسببوا في تعطيل مسيرة التنمية والتطور.
وفي المقابل تم تبني ثقافة الاعتدال والوسطية والتسامح والانفتاح وتقبل الآخر.
(برنامج جودة الحياة)
وصدر برنامج (جودة الحياة) أحد برامج الرؤية.. ليؤصل مفاهيم السعادة والحياة السعيدة والراحة والطمأنينة والسلام والاعتدال والمحبة والتسامح والترفيه والثقافة والفنون وحب الحياة وتعزيز التعايش.
(مشاريع عالمية عملاقة)
وفي هذا العهد الزاهر وفي زمن قياسي أصبحت لدينا مشاريع عالمية عملاقة جاري العمل على تنفيذها.. لعل منها: نيوم والقدية والبحر الأحمر.. وبالأمس وضع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حجر الأساس لمشروع عملاق جديد هو (مدينة الملك سلمان للطاقة - سبارك) التي سوف تسهم بأكثر من 6 مليارات دولار في الناتج الوطني وستوفر نحو 100 ألف وظيفة.
وفي الغد القريب سوف تدشن مدينة جازان الاقتصادية..
وهذه المشاريع العملاقة سوف تحقق نقلة كبيرة لاقتصاد المملكة وسوف تنعكس بإيجابيات كبيرة على الإنسان السعودي.. وستوفر مجتمعة مئات الآلاف من الوظائف للسعوديين.
(تمكين المرأة السعودية)
حظيت المرأة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بدعم كبير ومنحت الكثير من الثقة والتمكين.. وصدر العديد من الأوامر والقرارات السامية لدعم المرأة وتمكينها وإشراكها في التنمية وفي صناعة القرار.. حيث تم توسيع دائرة توظيف المرأة وسمح لها بقيادة السيارة ودخول الملاعب الرياضية وخففت عنها بعض القيود التي بنيت على عادات قديمة.. كما وصلت المرأة السعودية إلى أعلى المناصب في القطاعين العام والخاص.. داخل المملكة وخارجها.. حيث وصلت إلى منصب مساعد الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة.. وتتواجد في أكبر مراكز البحث العلمي في أرقى الجامعات العالمية خارجيًا.. ووصلت إلى منصب نائب وزير بمرتبة معالي داخليًّا.. ومنصب الرئيس التنفيذي لواحدة من أكبر المجموعات المالية في القطاع الخاص..
وتستهدف رؤية المملكة 2030 رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 % إلى 30 % وعندما نقول 30 % فنحن نتحدث عن مليون وظيفة لمليون امرأة.
ونتيجة لهذا الاهتمام الذي حظيت به المرأة السعودية من القيادة الرشيدة ارتفع عدد سيدات الأعمال ليصل إلى 35 ألف سيدة أعمال سعودية.
وبلغ حجم الاستثمارات العقارية للنساء 85 مليار ريال.
وهناك 20 ألف مشروع من المشاريع الصغيرة والمتوسطة يترأسها نساء.
ووصل حجم الاستثمارات النسائية إلى 22 % من حجم الاستثمار الكلي للقطاع الخاص.
وفي مجال التعليم تمثل السعوديات 52 % من عدد الدارسين في الجامعات السعودية.
ويبلغ عدد المبتعثات السعوديات اللاتي يدرسن في خارج المملكة 35 ألف مبتعثة.
ولقد أثبتت المرأة السعودية جدارتها وكفاءتها ونجاحها وحققت الكثير من الإنجازات داخل وخارج المملكة..
وباعتباري عضوًا في مجلس الشورى.. وهناك 30 عضوة في المجلس.. أستطيع أن أنوه بمشاركتهن الفاعلة والهامة في المجلس.
وأذكر بهذه المناسبة ما قالته المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي السيدة كريستين لاغارد عن المرأة السعودية حيث قالت: «إن تجربة المملكة العربية السعودية تعتبر نموذجاً لما سيكون عليه مستقبل النساء في العالم».
(المملكة في المشهد الدولي)
للمملكة مكانة كبيرة وثقل سياسي واقتصادي كبير في المشهد الدولي.. ولها دور فاعل ومؤثر في المحافل الدولية المختلفة.. حيث رأينا كيف تستقبل الدول وشعوبها خادم الحرمين الشريفين في الزيارات الخارجية.. وكيف يستقبل سمو ولي العهد في زياراته الخارجية.. حيث يستقبل استقبال الملوك.. وتكسر البروتوكولات الرسمية تقديرًا واحتراما لقادة الممملكة.
ويكفي أن المملكة في مجموعة العشرين.. ضمن أقوى (20) دولة اقتصاديا على مستوى العالم.
ورأينا كيف استطاعت المملكة أن تشكل وتقود تحالفًا دوليًّا عسكريًّا مكونًا من (41) دولة لمحاربة الإرهاب.
وكيف استطاعت المملكة إقامة ثلاث قمم دولية متعددة الأطراف بمشاركة زعماء دول العالم.. وذلك في ظرف يومين فقط.
والمملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين تقود الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب والتطرف على مستوى العالم.. حيث أنشأت (المركز العالمي لمحاربة الفكر المتطرف) في العاصمة الرياض.
(دور إنساني عالمي)
ولم تنس المملكة دورها الإنساني الدولي.. حيث أنفقت بسخاء لإغاثة ومساعدة الشعوب المحتاجة في مختلف أنحاء العالم.. وأنشأ خادم الحرمين الشريفين (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية).. وأنفقت المملكة نحو 70 مليار دولار مساعدات دولية خلال السنوات القليلة الماضية.
** **
د. عبد الإله ساعاتي - عضو مجلس الشورى