«الجزيرة» - ولاء حواري:
زار منسق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية السفير نايثن أ. سايلز الرياض يومي 5 و6 نوفمبر واجتمع بالقادة لمناقشة التعاون من أجل وقف دعم النظام الإيراني للإرهاب ومكافحة تمويل الإرهاب والحد من سفر الأشخاص المرتبطين بالإرهاب، بعدها توجه السفير إلى المنامة ليومي 7 و8 من نوفمبر.
وفي لقاء للسفير سايلز مع عدد من ممثلي الصحف السعودية، تحدث عن العقوبات الأخيرة التي فرضت على إيران، والمتوقع منها للحد من آثار دعمها للإرهاب في المنطقة والعالم.
في البدء، رحب السفير سايلز بممثلي الأجهزة الإعلامية، شاكراً لهم تكرمهم بالحضور، ومشيراً إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يزور فيها المملكة، وأنه يزور المملكة هذه المرة خلال ظرف تاريخي يتزامن مع قرار إعادة فرض العقوبات على إيران الذي أصدره الرئيس الأمريكي في الخامس من نوفمبر الجاري.
وأكد السفير سايلز أن الولايات المتحدة الأمريكية تبذل مساعي حثيثة لإجبار إيران على التخلي عن أجندتها المتطرفة والعودة إلى طاولة المفاوضات، مستخدمة قدرتها على فرض العقوبات عليها بهدف التوصل معها إلى اتفاق أفضل يعالج جوانب السلوك التدميري للسلطة الإيرانية في المنطقة كافة، وفي أنحاء العالم المختلفة، ومن ذلك دعم إيران لأشكال الإرهاب المختلفة حول العالم وأنشطتها الهادفة إلى نسف الاستقرار في سورية واليمن.
زيارة المملكة تاريخية.. وموقف تركيا تحت الدراسة
وحول موقف تركيا الرافض لهذه العقوبات، والسماح لثماني دول منها تركيا بالاستمرار في استيراد النفط من إيران، أوضح السفير سايلز أن الولايات المتحدة تتابع دراسة مبررات الموقف التركي، مؤكداً أن الهدف من العقوبات المفروضة على إيران هو حرمانها من الموارد التي تحتاج إليها لدعم الإرهاب حول العالم.
وفي هذا الصدد، أشار منسق مكافحة الإرهاب إلى أن إيران تدفع لتنظيم حزب الله اللبناني 700 مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ كان من الأفضل توجيهه لتحسين الاقتصاد الإيراني لصالح الشعب الإيراني، ومكافحة البطالة والتضخم وتطوير البنية التحتية في إيران، مؤكداً أن العقوبات تستهدف تصحيح هذا الوضع، والتوصل إلى اتفاق يجعل إيران تسلك السلوك السوي التي ينبغي أن تسلكه أي دولة سوية، ويردعها عن إطلاق الصواريخ على الدول الأخرى عبر التنظيمات الإرهابية التي تمولها، ويمنعها من إشعال الحروب الأهلية في المنطقة.
المنتظر من إيران وقف دعم الإرهاب
وردًّا على سؤال حول أي إجراءات دستورية أو تشريعية اتخذتها إيران لوقف تمويل الإرهاب، أجاب السفير سايلز قائلاً: «إن الولايات المتحدة يهمها أن تتخذ إيران خطوات عملية في هذا الشأن، وأن تكون في مستوى التوقعات المطلوبة منها لتكون دولة متحضرة، مثلها في ذلك مثل أي دولة أخرى»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تريد من إيران أن تكف عن تمويل التنظيمات والمليشيات الإرهابية، بنفس القدر الذي تطالب به فرنسا مثلاً بالكف عن تمويل المليشيات التي تطلق الصواريخ على ألمانيا، أو تطالب به إندونيسيا أو أي دولة بالتوقف عن صرف مئات الملايين من الدولارات لدعم الإرهاب.
مصلحة القطاع الخاص تكمن في البعد عن الاستثمار في إيران
وعن تبعات هذا القرار على الشركات التي تتعامل مع إيران، قال السفير سايلز- منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية: «إن القطاع الخاص له دوره في اختيار الدول التي يتعامل معها، وللشركات الخاصة مصلحة في تجنّب ما يمكن أن يترتب عليها من جراء تطبيق هذه العقوبات»، مؤكداً أن الكثير من الشركات ظلت بمنأى عن الاستثمار عن إيران حتى قبل الإعلان عن هذه العقوبات، كما أن العديد من الشركات أوقفت أعمالها فيها لأنها رأت أن الاستثمار في أي دولة أخرى -غير إيران- يخدم مصلحتها.
وفي هذا الإطار، أوضح السفير سايلز أن وعي المستثمرين بالمخاطر التي تترتب على تعاملها مع إيران سوف يجعل هذه العقوبات أقوى حزمة عقوبات طُبقت على المدى القريب، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي دعا لتطبيق أقسى عقوبات ممكنة على طهران، وأن الإدارة الأمريكية سوف تعمل لتوصيل الرسالة التي أراد الرئيس إبلاغها إلى إيران.
دعم إيران القوي لمليشيات الحوثي ليس سرًّا
وفي رد على سؤال عن التوقعات المطلوبة من إيران من تطبيق هذه العقوبات، قال السفير سايلز: «العقوبات تستهدف التأكد من كفّ إيران عن دعم التنظيمات والمليشيات الإرهابية، إذ لا يخفى على أحد أن إيران من أقوى الداعمين للمتمردين الحوثيين في اليمن، ما أدى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة كلها».
وفي هذا الإطار، أكد السفير نايثن سايلز أن التهديد الذي تتعرض له المملكة العربية السعودية جراء إطلاق الصواريخ البالستية عليها من اليمن، أمر لا يمكن احتماله، كما أنه ليس من المقبول أن تكون الإمارات العربية المتحدة تحت مرمى الصواريخ التي تطلقها المليشيات الحوثية عليها، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي يتوقع من إيران ما يتوقعه من أي دولة طبيعية تلتزم بالمواثيق الدولية وتحترم سيادة الدول الأخرى.
وفيما يتعلق بالتنسيق القائم بين الولايات المتحدة والتحالف اليمني في مجال مكافحة الإرهاب، أكد السفير سايلز أن اليمن ظلت محط أنظار المجتمع الدولي فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب منذ فترة طويلة، ذلك لأن «تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية» ظل على الدوام من أقوى الشبكات الإرهابية العاملة تحت إمرة تنظيم القاعدة، مضيفاً: «لقد عرف العالم قدرات هذا التنظيم عندما نفّذت عناصر، منتمية له هجوماً على طائرة بضائع متجهة إلى الغرب قبل عدة سنوات، لذلك كان من الضروري أن تفرض الولايات المتحدة وحلفاؤها ضغوطاً على التنظيم لحرمانه من الموارد والملاذ الآمن ومن المواد التي يمكن أن يستخدمها في صنع المتفجرات»، مشيراً إلى أن كل هذه الأسباب تفسر حرص الولايات المتحدة وحلفائها على تحقيق الاستقرار في اليمن، وتمكينها من تشكيل حكومة قوية تتعايش بسلام مع جيرانها وقادرة على حماية حدودها.
الولايات المتحدة الأمريكية صديقة للشعب الإيراني
وعن تأثير هذه العقوبات على الشعب الإيراني، أوضح السفير سايلز أن الولايات المتحدة دولة صديقة للشعب الإيراني وتشاركهم آمالهم في العيش في ظل حكومة تلبي احتياجاتهم، وتدافع عن حقهم في الحياة الكريمة، مستدركاً أن حكومتهم الحالية ليست من ذلك الطراز، وأن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها تستهدف إجبارها على دفع ثمن باهظ بسبب دعمها حزب الله، وإنفاقها أموال الشعب الإيراني لإطلاق الصواريخ البالستية على المملكة العربية السعودية من اليمن، مؤكداً أن الولايات المتحدة ليست في حالة عداء مع الشعب الإيراني، ولكنها تطالب الحكومة الإيرانية بتغيير سلوكها كليًّا، والتوقف عن نشر القلاقل في أنحاء العالم المختلفة، والاهتمام بمصالح الشعب الإيراني.
لا نفرق بين الجناح السياسي أو العسكري لتنظيم حزب الله الإرهابي
وحول إستراتيجية الولايات المتحدة في التعامل مع بعض الشخصيات اللبنانية التي لها علاقات استراتيجية مع حزب الله، أوضح السفير سايلز أن الولايات المتحدة تعتبر حزب الله تنظيماً إرهابياً في مجمله، وأنها لا تفرّق بين الجناح السياسي والجناح العسكري للحزب، مشيراً إلى أن سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع الحكومة اللبنانية، مبنية على دعم الأجنحة المستقلة عن حزب الله في الحكومة، وتمكينها من بسط السيطرة على الأراضي اللبنانية، وتوفير الخدمات الضرورية التي يطالب بها الشعب اللبناني، دون الاضطرار إلى الاعتراف بوجود حزب الله.
التطرف نحو الإرهاب تختلف أسبابه.. والفقر ليس سبباً رئيساً
وعن خلفيات الجنوح نحو التطرف وما إذا كان الفقر، والجهل والقمع من الأسباب المؤدية للإرهاب، قال السفير سايلز: «إن أسباب توجّه الشباب نحو التطرف، تختلف باختلاف الظروف التي ينشأ فيها الجانحون، وأن عدوى التطرف تصيب الفقراء مثلما تصيب الأغنياء، ضارباً المثل بأسامة بن لادن الذي لم يكن فقيراً».
وفي هذا الصدد، أشار السفير سايلز إلى أن جهود مكافحة التطرف يجب أن تتوجه في المقام الأول نحو الأيديولوجيا التي تغذي التطرف، مطالباً القائمين على هذه الجهود بتكثيف الرسائل التي تشجع التعددية واحترام حقوق الإنسان أيًّا كانت الخلفية التي جاء منها، والتأكيد على أن هناك بدائل لإراقة الدماء، ودعم الأصوات التي تنشر هذه الأفكار في مختلف أنحاء العالم، حتى تسود الأفكار التي ينادون بها على الأفكار المتطرفة التي يتبناها المنتمون لتنظيمات مثل القاعدة وداعش.
نبذة عن نايثن أ. سايلز:
أدى سايلز في 10 أغسطس 2017 القسم كمنسق لمكافحة الإرهاب برتبة ومكانة السفير المتجول، وهو يقود مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، ويعمل مستشاراً رئيسياً لوزير الخارجية حول المسائل الدولية في مكافحة الإرهاب.
قبل انضمامه إلى وزارة الخارجية، كان السفير سايلز عضو هيئة تدريس محاضر في القانون، حيث درّس وكتب في مجالات قانون مكافحة الإرهاب، وقانون الأمن القومي، والقانون الدستوري، والقانون الإداري، وتم الاستشهاد بمنحته من قبل المحكمة العليا الأمريكية عدة مرات.
كان السفير سايلز -سابقاً- نائب مساعد وزير السياسة في وزارة الأمن الداخلي، وقاد جهود وزارة الأمن الداخلي لصياغة وتنفيذ التشريعات التي تعزز أمن وتوسيع برنامج الإعفاء من التأشيرة، والذي يسمح لمواطني بعض البلدان بالسفر إلى الولايات المتحدة بدون تأشيرة.
ترأس الوفد الأمريكي في محادثات مع سبعة بلدان لتطبيق الإجراءات الأمنية الجديدة، وكان المبعوث الخاص لوزير الأمن الداخلي إلى كوريا الجنوبية.
كما عمل السفير سايلز في مكتب السياسة القانونية في وزارة العدل، حيث عمل على سياسة مكافحة الإرهاب والتأكيدات القضائية.
في عام 2005، أدار «غرفة الحرب» التابعة لوزارة العدل لتأكيد رئيس القضاة جون روبرتس، وحصل على جائزة النائب العام عن الخدمة الاستثنائية -أعلى وسام شرف لوزارة العدل- لدوره في صياغة قانون الوطنية الأمريكية، بالإضافة إلى جائزة الخدمة المتميزة للمدعي العام.
حصل السفير سايلز -وهو من مواطني ولاية أوهايو- على درجة البكالوريوس بامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة ميامي في أكسفورد، أوهايو، حيث تم انتخابه لفي بيتا كابا.
حصل على درجة الدكتوراه في القانون بامتياز من جامعة ديوك لو، حيث كان محرر أبحاث في مجلة Duke Law Journal، وانضم إلى وسام The Coif، وبعد مدرسة القانون، كان كاتبًا للمحترم ديفيد ب.سنتيل من محكمة الاستئناف في الولايات المتحدة في دائرة العاصمة.