أهل العلم والصلاح والتقوى يحزن المرء لموتهم؛ ذلك أنهم ينشرون الخير بين الناس، يعلِّمون، وينصحون، ويعظون، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، تراهم يعمّرون أوقاتهم بالعلم النافع تعلُّمًا وتعليمًا، ومدارسة وتبيينًا.. يبارك الله فيهم أينما كانوا.. هكذا هم العلماء العاملون، ومنهم الشيخ أبو بكر جابر بن موسى بن عبدالقادر بن جابر الجزائري - رحمه الله - الذي عرفه الناس بدروسه ومحاضراته ومؤلفاته. وقد كان لي شرف حضور مرة درس من دروسه في المسجد النبوي عام 1416هـ، وكانت حلقته عامرة بطلبة العلم، وهو من العلماء المؤثرين في المجال الدعوي داخل السعودية وخارجها، وقد انتفع بعلمه ومواعظه كثير من المسلمين، وما أحسب ذلك إلا لإخلاصه في نشر العلم والدعوة إلى الله تعالى. ومن أعظم ما تميز به الرفق واللين في الدعوة إلى الله، بحكمة وموعظة حسنة.
ولقد عاش الشيخ - رحمه الله - باذلاً أوقاته في العلم والدعوة إلى الله، وقد تولى التدريس في الجامعة الإسلامية، إضافة إلى درسه في المسجد النبوي الذي تولى التدريس فيه أكثر من خمسين عامًا، وقد تتلمذ عليه خلق كثير، وانتفع المسلمون بمؤلفاته. وقد كان كتابه أيسر التفاسير مقررًا لمادة التفسير في المرحلة الثانوية، وقد استفاد التلامذة منه لسهولته ووضوحه. ومن مؤلفاته - رحمه الله - كتاب العلم والعلماء، وهذا الحبيب محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا محب، ومنهاج المسلم، ورسائل الجزائري. ومن رسائل الدعوة: رسالة كمال الأمة في صلاح عقيدتها، وكتاب عقيدة المؤمن، وكتاب المسجد وبيت المسلم.. وغيرها من المؤلفات.
كانت وفاة الشيخ - رحمه الله - في المدينة النبوية فجر يوم الأربعاء الرابع من ذي الحجة عام تسعة وثلاثين ومائة وألف عن عمر ناهز السابعة والتسعين عامًا، وصُلي عليه صلاة الجنازة بعد صلاة الظهر في المسجد النبوي، ودُفن في مقبرة البقيع. رحم الله الشيخ أبا بكر الجزائري، ورفع درجته في الجنة، وجبر الله مصاب أهله، ومصاب المسلمين في فقده.
** **
- عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري