«الجزيرة» - أحمد العجلان:
بدأت بوادر نجاح مشروع (المواليد) تلوح في أفق سماء الكرة السعودية وذلك من خلال تألق بعض اللاعبين في المنافسات المحلية وكذلك البروز على مستوى منتخبات الفئات السنية، ولعل نجاح الشاب هارون كمارا مع منتخب تحت 21 عاما في أسياد جاكرتا وتسجيله هاتريك في مرمى الصين أحد تلك البوادر المشجعة لهذا المشروع المثمر..
هارون كمارا قصة لها فصول مثيرة فهو من دولة غينيا ومن مواليد المملكة العربية السعودية وتحديدا مدينة الرياض في أحيائها الجنوبية ولم يسافر إلى غينيا حيث إنه لا يتكلم سوى اللغة العربية.. هارون عاش حياة متقلبة الفصول وله معاناة، وكما يقال فالإبداع يأتي من رحم المعاناة حيث فقد هذا الشاب اليافع آنذاك والديه في حادث سيارة وهم في طريق العودة من مكة المكرمة بعد أن أدوا مناسك العمرة، وكان هارون معهم في نفس السيارة ولكن العناية الإلهية أنقذت حياة هذا الشاب..
وبعد هذا الحادث الأليم عاد هارون للرياض يحمل معه الآلام وحسرة فقدان والديه- رحمهم الله- ليعيش بجانب زوجة والده التي تولت تربيته مع أولادها وهي (كفيفة)، وكان هارون في تلك الأيام شابا صغيرا ولكن حب كرة القدم لديه كان واضحا بالإضافة إلى موهبته الكروية المميزة.. ولكن النظام آنذاك لم يكن يسمح له باللعب للأندية السعودية.. غير أن النظام تغير وبات من حق اللاعب المواليد اللعب في دوري الدرجة الأولى، حينها كان هارون كمارا قد عاد لغينيا وهي المرة الأولى التي يخرج فيها خارج المملكة، وذلك بسبب حملة التصحيح التي كانت في السعودية حيث ذهب كمارا لغينيا، وعانى هناك حيث إنه ابن المملكة، ولا يتكلم إلا باللغة العربية وعاش فترة عصيبة.. وعندما أقر نظام المواليد في دوري الدرجة الأولى بالسعودية علم رئيس نادي الرياض آنذاك عبدالرحمن الروكان عن موهبة اللاعب عبر أحد العاملين في النادي وهو السوداني وليد إبراهيم.. حينها قام الروكان بإحضار هارون من غينيا وتكفل بمصاريفه وأدخله في تدريبات الرياض غير أن الأمور لم تكن جيدة لهارون حيث إن المدرب التونسي للفريق لم يقتنع بإمكانات اللاعب ولم يقف الرياض في طريق هارون الذي ذهب للفيصلي وعاش في حرمة وتدرب مع العنابي لينتقل بعد ذلك للقادسية، وهناك لم يتوان أهالي الخبر في احتضان موهبته وتسجيله في صفوف الفريق، وسرعان ما بدأت بوادر موهبته تظهر فبات محط الأنظار وانضم للمنتخب السعودي الأول في أحد المعسكرات قبل مونديال روسيا فضلا عن وجوده حاليا في تشكيلة المنتخب التي تشارك في الأولمبياد الآسيوي في إندونيسيا.. هارون كمارا من المتوقع أن يكون له مستقبل كبير في حال حافظ على نفسه من كل أسباب تراجع لاعبي كرة القدم فهو يملك موهبة رائعة وبنية جسمانية مميزة.. والجميل في كمارا أنه أيضا يتواصل مع الروكان الذي كان سببا بعد الله في حضوره للسعودية مرة أخرى وتقديمه كنجم صاعد في سماء الكرة السعودية.. وتألق كمارا هذه الأيام يدفعنا للبحث عنه والكتابة لعل ذلك يكون دافعا للنجم الشاب في تقديم المزيد متأملين منه أن يكون نجما لناديه وللمنتخب السعودي الأول في المستقبل القريب.