يعد قصر عروة بن الزبير في المدينة المنورة أحد أبرز القصور التاريخية في المملكة. يعود القصر إلى التابعي الجليل عروة بن الزبير -رحمه الله-، وتمت إعادة ترميمه من قبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مستعيداً بذلك مكانته التاريخية كمتحف مفتوح يتخذ من الضفة الشرقية لوادي العقيق مقراً دائماً ومتاحاً للجميع، وذلك بعد سنوات طويلة من إحاطته بسياج حديدي للحفاظ على ما أبقته العوامل الزمنية من جدران متهالكة وهيكل متصدع وبناء يشارف على السقوط والاندثار. وقد شملت التهيئة أعمال الترميم الإنقاذي والتدعيم والفك والإزالة وترميم الأساسات ومعالجة التربة، وترميم الجدران الحجرية والطينية، وكذلك الأعمدة والأقواس الحجرية والأسقف الخشبية، ومعالجة التشققات وأعمال اللياسة بأنواعها والعزل وترميم الأبواب والنوافذ الخشبية والأعمال الكهربائية والميكانيكية.
ويقع القصر الأثري على امتداد الطريق المؤدّي إلى مسجد ذي الحليفة «ميقات أهل المدينة» على طريق جدة ومكة القديم من طريق آبار علي، ويبعد عن المسجد النبوي الشريف قرابة 3.5 كم. وقد شيد على تلة مرتفعة تطل على ضفة وادي العقيق بالمدينة المنورة، جدرانه وأساساته من حجارة الجبال المنتشرة في الموقع أو تلك التي جلبت من الأماكن القريبة من المدينة المنورة، في الوقت الذي تقع فيه بوابته في الجهة الجنوبية، تتوزع وحداته المعمارية حول أفنيته الثلاثة الداخلية، وتدل الكتابات والآثار القائمة في الموقع على وجود استيطان بشري موغل في القدم، حيث بقايا قصور ترجع للعصرين الأموي والعباسي التي من أشهرها بالإضافة إلى قصر عروة بن الزبير، قصر سعيد بن العاص، وقصر مروان بن الحكم، وقصر سعد بن أبي وقاص، وقصر سكينة بنت الحسين، وقد غطت القصور ضفاف وادي العقيق، وشيدت تلك القصور على أرض واسعة، وكان لكل قصر منها مزرعة عامرة بالأشجار.
ويعد قصر عروة بن الزبير ضمن القصور التي شيدت نهاية القرن الهجري الأول، وتعطي دلالة على أهمية ومكانة وادي العقيق، علاوة على مدى الاهتمام بالبنيان وجمالياته، كما أن تلك القصور وصفت أدبيا وأنشد فيها شعر، إضافة إلى وجود بئر عروة العذب بمياهه وكل تلك المعالم المكانية تدل على الجانب الحضاري في عهد الدولة الأموية. ونفذ فريق علمي متخصص من قطاع الآثار بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عمليات تنقيب أثري في موقع قصر عروة منذ عام 1433هـ حتى قبل بدء ترميم الموقع، وشملت مراحل العمل التنقيب لموقع المسجد الذي يقع داخل المنطقة الأثرية وإظهار أساساته والمسح الأثري العام للموقع ونتج عن ذلك تحديد بعض الملامح الأثرية للبدء بأعمال التنقيب فيها بشكل دقيق. وكان فريق التنقيب، اكتشف مبنى حجريًا مطمورًا تم إظهاره وإبراز ملامحه المعمارية من خلال العمل الميداني، ويعود تاريخه للفترة الإسلامية المبكرة، ويرجح أن يكون هو قصر عروة بن الزبير، وتم إبراز أساساته تمهيدا لإعادة بنائه مستقبلاً، كما عثر على الكثير من القطع الأثرية الهامة والنادرة بالموقع من فخاريات، منها قطع حجرية، زجاجية وأخرى دقيقة جميعها حفظت في متحف المدينة المنورة ومعروضة حاليًا للزوار.