الدمام - عبير الزهراني:
أوضح اقتصاديون، أن برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية 2030 ستحدثان تحولاً كبيراً بما يمنح اقتصاد المملكة تصنيفات أكثر من إيجابية، بجانب العديد من العوامل التي أسهمت في متانة الاقتصاد السعودي.
وقال الكاتب الاقتصادي خالد الغدير لـ»الجزيرة»: «لم تكن المملكة في يوم من الأيام ضعيفة، ولكنها في عهد الملك سلمان أتاحت للشباب فرصة القيادة، حيث استطاع الجيل الشاب بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلق ظروف جديدة وجريئة بالعودة إلى أهم مرتكزات الوطن واستخدامها بشكل يظهر المملكة الجديدة بالقوة والعظمة التي هي عليها اليوم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وبشرياً.
وأضاف: أظهرت الأرقام نقاط قوة المملكة ومنها:
أولا،ً في الجانب المالي: فعلى الرغم من تصنيف أسواق المال السعودية من الأسواق العالمية الناشئة بجانب الصين وروسيا والهند والبرازيل إلا أن القدرة المالية السعودية ضخمة وقوية عمودها الفقري قطاع مصرفي حديدي بسياسة نقدية محافظة ومحترفة، حيث صنف كرابع أقوى نظام بنكي في العالم بحسب وكالة «فيتش» إذ حمت تلك السياسات الاقتصاد السعودي من أزمة الرهن العقاري التي اجتاحت العالم عام 2008، ثانياً: من ناحية الطاقة والثروات المعدنية فتحتوي الأراضي السعودية على أكبر إنتاج وأكبر احتياطي نفطي في العالم والمقدر بنحو 25 في المائة من احتياطات النفط العالمية، كما تملك احتياطات ضخمة جعلتها في مراكز متقدمة عالمياً من الغاز الطبيعي والمعادن وأهمها الذهب والفضة والبلاتين والنحاس والزنك والرصاص، وهو ما جعل المملكة مركزاً عالمياً مهماً للطاقة والثروات الطبيعية فضلاً عن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي بدأت الدولة إنشاء مشاريع عالمية عملاقة لاستغلال هذه المصادر والريادة العالمية بها.
وتابع: فيما يخص العامل الثالث من عوامل القوة السعودية فهي القدرة البشرية، إذ تمتلك قوة سكانية بمعدل زيادة سنوي 480 ألف نسمة يواكبها قوة شرائية مغرية للمستثمرين ومستقطبي السياح السعوديين، كما تحتل المملكة المركز الأول عالمياً في معدل زيادة مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي وهو ما يعكس حالة الوعي والمعرفة للسعوديين ومستوى التعليم.. رابعاً: يعد الموقع الجغرافي والعمق الاسلامي والعربي أهم مرتكزات رؤية 2030 والتي تعمل برامجها على استغلالها بشكل إيجابي لخلق فرص تعزز من خلالها المملكة مكانتها.
وذكر الغدير أن هذه الجوانب المهمة عززت مكانة الاقتصاد السعودي لأن يكون بين أكبر وأهم اقتصادات العالم، فدخلت نادي مجموعة العشرين G20 والتي ستستضيف المملكة قمتها عام 2020، وقال: تعمل رؤية المملكة للمحافظة على تلك المكتسبات وتقويتها من خلال مجموعة من المبادرات التنموية الذكية في الجوانب الاقتصادية والصناعية والتجارية والخدمية والثقافية بهدف تحويل الاقتصاد السعودي من الاعتماد على النفط إلى اقتصاد منتج وهو ما خلق فرصاً استثمارية جلبت ما يزيد على 500 شركة عالمية للاستثمار محلياً، كما وأعلنت مؤخراً شراكة استراتيجية بين المملكة والإمارات تشمل ثلاثة محاور استراتيجية هي المحور الاقتصادي، والمحور المعرفي والموارد البشرية والمحور الأمني والعسكري وتهدف إلى بناء شراكه طويلة المدى تهدف إلى خلق فرص اقتصادية وتنموية تدفع للأمام على كل الأصعدة وتقوي الاقتصاد وتحميه.
من جانبه أوضح المحلل الاقتصادي فهد الثنيان لـ»الجزيرة» أنه يمكن تصنيف عوامل أو نقاط القوة لأي اقتصاد فيما يمتلكه ويتم استغلاله أو استخدامه اليوم وهذا يتمثل في عدة أمور أهمها: الثروة النفطية المتوافرة للمملكة وتحديداً الإيرادات النفطية؛ والأهم من ذلك السياسة المعتدلة داخلياً وخاصةً خارجياً لأنها تعطي انطباعاً جيداً للمستثمر ورأس المال الأجنبي بأن إدارة الاقتصاد تسعى وراء الاستقرار والتنمية المستدامة لها ولدول الجوار، فتتدخل وتنظم الجهود متى رأت إمكانية ذلك سواء عسكرياً كما في حالة اليمن أو اقتصادياً كما في حالة الأردن الشقيق؛ فلا فائدة من موارد ضخمة في بيئة غير مستقرة سياسياً.
وأشار إلى أن هناك نقاط قوة تتمثل فيما يمتلكه الاقتصاد وما لم يتم استغلاله اليوم بشكل أمثل ولكنه متوافر ومتجدد أي يتميّز بعدم النضوب وأهم أمثلته: الموارد النفطية من حيث كيفية استغلالها فنحن اليوم نصدر النفط الخام مباشرة باستثناء كميات محدودة يتم تصفيتها وتكريرها؛ بينما هناك مجال لاستغلال النفط كمادة خام لقيم للصناعات الكيماوية ما سيعمل على خلق وظائف أكبر وتحقيق هوامش ربح أكبر مقارنة مع تصديره كمادة خام فقط؛ وبالتالي فهناك مشروع أرامكو وسابك المعروف بـ»النفط الخام إلى الكيماويات» «Crude Oil To Chemicals» وهو مشروع عظيم ونجاحه سيحقق نقلة نوعية. كذلك الثروات المعدنية الموجودة في أرجاء البلاد التي تعرف بتنوعها وتم البدء في تطوير استغلالها جزئياً سواء الذهب أو الفوسفات أو الألمنيوم أو النحاس؛ فهناك مجال لتطوير صناعات تحويلية تستخدم فيها هذه المعادن في صناعات متقدمة ذات عائد اقتصادي أكبر سواء هامش ربح أعلى أو خلق فرص وظيفية أكبر للمواطن؛ كما أن هناك مجالاً أو مساراً آخر يتمثل في استثمار المعادن والأحجار التي لم تستكشف بعد مثل اليورانيوم وغيره.
ومضى موضحاً المورد الآخر المهم الذي يعد محور رؤية المملكة هو العنصر البشري الذي يتميز بنسيج حيوي يغلب عليه الشباب الذي يرغب بالتغيير والتطوير نحو الأفضل، وهذا المورد مثل العملة المعدنية ذات الوجهين أحدهما فرصة (إن تم استثماره بشكل أمثل) والآخر تحد (إن لم يتم استثماره)؛ ولذا من باب وعي وإدراك كبير وغير مستغرب فهو يتلقى دعماً كبيراً من الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد حفظهما الله؛ وذلك خاصةً إذا ما نظرنا إلى أحوال دول أخرى مثل اليابان التي تتطلع لاستقطاب المهاجرين لسد فراغ ناتج عن ارتفاع متوسط أعمار مواطنيها.. هذا من ناحية الموارد القابلة للإحصاء أو العد؛ وبالتالي فهناك موارد أخرى لا يمكن إحصاءها ولكنها ذات أثر ملموس وتعمل كإطار عمل لاستثمار مجموعة الموارد المتوافرة وهي رؤية 2030 فهي مصدر قوة لمن يتعامل في داخل الاقتصاد ولمن يتابعه من الخارج؛ بشمولية برامجها وأهدافها وبمضمونها والرسائل التي توجهها وتجسدها على أرض الواقع هي ذات قيمة لا يمكن تقديرها بالأرقام ولكنها تمنح المستثمر والمتلقي والمتابع ثقة كبيرة في أن السعوديين يملكون الرغبة في صنع التغيير الإيجابي وأنهم ماضون في ذلك. أضف إلى ذلك العمل على جبهات أخرى مثل حملة محاربة الفساد التي ذكر سمو ولي العهد أنها البداية لم تكن إلا صدمة؛ ما يشير إلى أن محاربة الفساد هي عملية مستمرة ضمن منظومة العمل وهذا باعث للاطمئنان لأي مستثمر سواء كان أجنبياً أو سعودياً. كذلك تسهيل عمل المرأة وما يصاحبه من إلغاء القيود التي لا أساس لها بما يعطي انطباعاً أن المجتمع المحيط الذي يؤثر ويتأثر بالنشاط الاقتصادي يتفهم ويتقبل التغيير ويتغير بمرونة.
واختتم قائلاً: «هذا المزيج من الموارد الاقتصادية الضخمة والممكنات المتمثّلة في الحرص على تحقيق الاستقرار الإقليمي ووجود رؤية تدعم تطوير بيئة الأعمال؛ والتقبل المجتمعي للتغيير نحو الأفضل جميعها مصادر قوة في ذات كل مصدر وفي تكاملها أيضاً».