احتلام النائم في نهار رمضان
* ما حكم الاحتلام أثناء النوم في نهار رمضان؟
- الاحتلام لا أثر له في الصيام؛ لأنه خارج عن إرادة المكلف، فإذا احتلم فإنه يلزمه الاغتسال إذا رأى الماء، وأما صيامه فصحيح.
* * *
الاغتسال من الجنابة لمن ينوي الصيام
* إذا جامع الرجل زوجته في ليالي رمضان ولم يغتسل إلا صباح اليوم التالي فهل صيامه صحيح؟
- ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصبح جنبًا من جماع ولا يغتسل إلا بعد طلوع الصبح [البخاري: 1926]، فهذا ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام-، فعلى هذا إذا جامع ناوي الصيامِ قبل طلوع الصبح ولم يغتسل إلا بعد طلوع الصبح، ومثله الحائض وكذلك النفساء إذا طهرتا قبل طلوع الصبح ولم تغتسل إلا بعد طلوع الصبح فالصيام صحيح، والله أعلم.
* * *
إفطار المسافر في نهار رمضان
* ما الحكم إذا أفطر المسافر؟
- المسافر سفر يومين قاصدين، أربعة بُرُد، ويقدر بثمانين كيلاً، سفرًا مباحًا أو سفرَ طاعة لا سفر معصية يجوز له أن يفطر في رمضان، ويجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، ويقصر الصلاة الرباعية ركعتين، ويمسح ثلاث ليالٍ على الخفين أو الجوربين، هذه أحكام السفر، فإذا توافر فيه المدة بحيث لا تزيد على أربعة أيام، والمسافة بحيث لا تنقص عن ثمانين كيلاً، فإنه يجوز له ذلك، ويبقى أنه إذا سمع النداء فإنه تلزمه الإجابة إلا إذا شق عليه ذلك، أو خشي على من معه في سيارته من نساء وأطفال، أو كان المكان غير مناسب إما حر شديد أو برد شديد، أو يخاف على ضياع ماله أو سرقة شيء منه فإنه حينئذٍ يُعذر في ترك إجابة المؤذن في هذه الحالة.
* * *
القضاء لمن أفطر في رمضان وعمره ثلاث عشرة سنة
* أنا شاب أبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، أفطرت في رمضان يومين، فهل يجب علي القضاء؟
- هذا يبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا وهو مظنة للتكليف، فإن كان مكلفًا بالاحتلام أو بالإنبات فإنه يلزمه القضاء، فيجب عليه القضاء؛ لأنه مُكلف، وإن لم يحتلم ولم ينبت فآخر ما يُعرف به التكليف بلوغ الخمس عشرة، وهذا عمره ثلاث عشرة، يعني يناهز الاحتلام ولمَّا يحتلم، لكن يبقى أن الأمر معلق بالاحتلام أو الإنبات أو بلوغ الخمس عشرة، فإذا بلغ وكُلف بأحد هذه الإمارات الثلاث فإنه يلزمه القضاء، وإلا قضاؤه من باب الاستحباب كأصل صيامه قبل التكليف.
* * *
اهتمام أولياء الأسر بحجاب نسائهم
* أرغب بتوجيه رسالة إلى أولياء الأسر أن يهتموا بحجاب من هم في رعيتهم؟
- ولي الأمر راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، وهو مؤتمَن عليهم فيجب عليه أن ينصحهم، ويحرم عليه أن يغشهم، وما من راعٍ يسترعيه الله على شيء فيموت غاشًّا فلا يرح رائحة الجنة، ومثل هذا أمره عظيم، فالواجب على ولي الأمر أن يهتم بشؤون من استرعاه الله، وكلكم راعٍ، الأب راع وهو مسؤول عن رعيته، و»كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته» [البخاري: 2409]، فهو مسؤول أمام الله -جل وعلا- عن هذه الرعية التي استرعاه الله عليها، وعليه حينئذٍ أن يرعاهم ويبذل ما أوجب الله عليه لهم، ومن ذلك نصحهم فيما يحفظ دينهم وأبدانهم وعقولهم وجميع ما يتعلق بهم، فعليه أيضًا أن يهتم بما أوجب الله عليهم كالحجاب الوارد في السؤال، لا بد أن يهتم بذلك، وأن يكون اللباس شرعيًّا ساترًا سابغًا لا يفتن الرائي ولا يخرج شيئًا من مفاتن هذه البنت أو هذه المرأة أو هذه الزوجة، فهذه مسؤولية عظيمة، وقد وقع التفريط فيها كثيرًا، ويُذكر في مجتمعات النساء بل وفي محافل الناس في أسواقهم ألبسة غير مجزئة ولا يجوز لبسها، وفيها تبرج وفيها ما يظهر المحاسن، ولا شك أن هذه وظيفة ولي الأمر، فعليه أن يمنع وبقوة ولا يترك المجال للسفهاء من النساء وغيرهن ممن ولاه الله عليه، ويُذكر في مجمّعات النساء شيء لا يقبله عاقل فضلاً عن مسلم.
* * *
تقصُّد المشقة في العبادة
* هل للعبد أن يتقصد العبادة التي فيها مشقة؛ لكي ينال الأجر وزيادة؟
- المشقة ليست مقصودة لذاتها في الشرع، لكن إذا أتت تابعة لعبادة أُجر عليها، فلو قال شخص: (أنا أذهب إلى المسجد البعيد؛ لأنه أكثر مشقة وأترك المسجد القريب) قلنا: المشقة تابعة للعبادة يؤجر عليها، وإذا كانت قدرًا زائدًا على ذلك فإنها غير مقصودة لذاتها، وإذا أتت تبعًا للعبادة فـ»أجركِ على قدر نصبكِ» [انظر المستدرك: 1733] كما في الحديث، وهذه إذا اقتضتها هذه العبادة، أما أن يقصدها وليست من متطلبات هذه العبادة فكما قرر أهل العلم أن المشقة لذاتها ليست مقصودة، و»إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني» [البخاري: 1865] كما جاء في الحديث.
فمن كان عنده مسجدان وأراد أن يذهب للأبعد منهما وفي الأبعد مشقة فإذا كان هناك مقصد وهدف شرعي غير المشقة كأن يكون هذا الإمام أتقى وأورع وأحفظ لصلاته وأنفع لقلب المصلي فهذا لا مانع منه؛ لأن هذا مقصد شرعي، أما أن يقصده لبعده ولترتب المشقة عليه فهذا لا يترتب عليه أجر، وكذا لو أراد أن يصلي في مسجد بعيد؛ ليمشي، حيث إن من عادته أن يمشي من باب العلاج أو من باب التخفيف أو ما أشبه ذلك، وتقدَّم قبل الأذان بما يكفيه للطريق فهذا من نوع المباح لا يترتب عليه أجر، ولو قصد تكثير الخطى فالخطى ما شرعت لذاتها وإنما هي تابعة للصلاة، فإذا كانت الصلاة تحصل بدونها فلا أجر فيها.
* * *
الندم والتوبة من الذنوب الكثيرة
* عمري ثلاث وعشرون سنة، وقد ارتكبت ذنوبًا كثيرة ما بين السادسة عشرة والثامنة عشرة من عمري، وقد ندمت على ما فات منه فماذا أفعل الآن؟
- عليه أن يكثر من التوبة والاستغفار، وقد بين أنه نادم والندم توبة، وحينئذٍ فلا شيء عليه، إنما يكثر من النوافل، ويكثر من ذكر الله، ومن تلاوة القرآن، والتوبة تهدم ما كان قبلها، وهذا إذا كانت هذه الذنوب فيما يتعلق بحقوق الله -جل وعلا-، أما إذا كانت حقوقًا للمخلوقين فلا بد من رد المظالم إلى أهلها.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء