«الجزيرة» - أحمد القرني:
كشف استشاري الطب الوراثي والتشوهات الخلقية للأطفال ورئيس قسم الأبحاث السريرية في مدينة الملك فهد الطبية الدكتور عيسى علي فقيه توصل مدينة الملك فهد الطبية إلى تطابق تام بين النسخ المندلية أو الطفرة الوراثية لمورثة KCTD3 لأربع أسر مختلفة وتشابهها تماماً في الكود الوراثي مع أسرة سعودية أخرى تم عمل الفحص الوراثي لتؤكد تلك النتائج المتطابقة على أن هذا المرض وراثي موجود في المملكة وقد يصيب الأسر بشكل خاص في مناطق جنوب المملكة.
وقال: «تمكنّا من إيجاد 4 أسر أخرى لديهم نفس الأعراض الوراثية للحالة السابقة التي وجدنا بها المورث الجديد والمحتمل قبل عامين، وهي إعاقة عصبية شديدة وشلل دماغي تام للجوانب الحركية والعقلية مع حصول نوبات صرع شديدة، وتشابه في الملامح الشكلية بالوجه والأطراف، ومنها فقد تم مراجعة الأشعة المقطعية للمخ لجميع الأطفال المصابين ومقارنتهم بالحالة الأساسية التي نشرت مسبقاً في المجلة الأمريكية للوراثة الطبية العالمية عام 2016، فاتضح وجود التطابق الطبوغراقي في حصول الضمور الشديد بالمخيخ بجميع الأطفال والأسر المكتشفة حديثاً، وبجهد مشترك مع مختبر الوراثة الجزيئية بالمدينة الطبية تم عمل الفحوصات الوراثية الدقيقة للمورثة وإيجاد الطفرة بدقة ولله الحمد.
وأضاف: «في عام 2016 فحصنا أسرة سعودية مكونة من أب و أم و3 أطفال مصابين ويعانون من إعاقات جسدية وعقلية وحركية شديدة جداً مع نوبات صرع مستعصية كما بين المسح الطبقي للمخ تأثر جذع المخ وتوسع في تجويفاته مع ضمور شديد في المخيخ وقشرة المخ للأسف لم يكن لتلك العائلة الوحيدة تشخيص وراثي، فيما كانت جميع الفحوصات الوراثية المستفيضة سليمة، إلا أن حصول 3 أطفال مصابين مع القرابة المباشرة بين الزوجين يدلل قطعاً بأن هذا المرض وراثي وبالتالي لا بد من وجود مورث مجهول ويجب إيجاده بأي وسيلة كانت تشخيصية أو بحثية تم عمل فحص تسلسل الاكسوم (الجينوم الجزئي) تشخيصيًا وبحثيًا وبمشاركة مركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي وايجاد مورث محتمل هو KCTD3 وهو مورث مجهول لم يسبق نشره، ما جعل الحالة مبهمة كونها الوحيدة في العالم ولا يمكن التصديق والبت النهائي بسببيتها للمرض الوراثي، وبالتالي انتظرنا سنتين لإيجاد أسر أخرى والتثبت من هذا المورث أو الجين المسبب للمشكلة . وعلى هذا قمنا بمراجعة قاعدة المعلومات الوراثية وعمل استقصاء لأكثر من 400 أسرة سعودية تم فحص الجينوم الكامل في مدينة الملك فهد الطبية حتى تم التوصل لتلك الأسر الأربع».
وأظهرت نتائج الدراسة أن هذا المورث منتشر بشكل واسع بجنوب المملكة وهو مرض وراثي عصبي نادر جدًا ويتسبب في حصول صرع مستعصٍ وتأخر حركي وعقلي مبكر مع ضمور شديد في المخ والمخيخ وتصبغات في طبقات المخ. وأكد فقيه أنه بعد اكتشاف هذا المورث تم التواصل مع الأسر الأربع وإفادتهم بنتائج هذا الفحص وعمل المشورة الوراثية المفصلة وتمكينهم من تفادي حصول المرض مستقبلاً، مشيرًا إلى أن الأسر تتابع في مدينة الملك فهد الطبية حاليًا، كما تم إرسال أسرتين من تلك الأسر لمستشفى النساء التخصصي لحصول الحمل وعمل فحص للجنين والتأكد من سلامة الجنين من الكود الوراثي لمورث KCTD3». وبالتالي عدم الإصابة بهذا المرض. وأفاد د. عيسى فقيه أن نتائج البحث بينت أن زواج الأقارب هو من أقوي الأسباب في انتشار الأمراض الوراثية النادرة عالميًا، وبذلك يوصي بالحد من هذه الظاهرة وخاصة في الأسر التي يكثر بها حالات الإعاقة المتكررة، إضافة إلى مراجعة مشروع فحص ما قبل الزواج ليشمل الأمراض الوراثية الشائعة أو الإرشاد الوراثي الهادف والدقيق والمكاشفة الصريحة بين أفراد القبيلة والعائلات التي ينتشر فيها الأمراض الوراثية، لافتًا إلى أنه يوجد حاليًا وعي نامي بأهمية هذه النقطة مما جعل المختبرات تتسابق فى توفير تلك الفحوصات التي قد تشمل المئات من الأمراض الشائعة بالعالم العربي.
وزاد ويعد هذا المورث هو الوحيد المنشور بالعالم حتى الآن وفي هذه الأسر فقط وقد تم نشره في مجلة الوراثية السريرية Clinical Genetics العالمية في يناير 2018 وهو نتاج بحثي وتشخيصي مشترك بالتعاون مع قسم إعصاب الأطفال بالمدينة ومركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي.