«الجزيرة» - الاقتصاد:
دعا مختص، إلى إيجاد جهة مستقلة ترتبط تنظيمياً بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، لتكون المظلة النظامية لتطبيق مبادئ وقواعد الحوكمة على كافة الجهات وإصدار الأنظمة والتشريعات واللوائح والخطط والاستراتيجيات والبرامج وتحديثها ومتابعتها في تنفيذ أنظمة وقواعد الحوكمة، وكذلك إنشاء وحدة لقياس مؤشر تلك الجهات ومدى التزامها ومساءلتها وإيقاع الجزاءات والعقوبات.
وقال القانوني والمتخصص في الحوكمة الدكتور بدر بن عبدالله الشويعر لـ«الجزيرة» إن تطبيق هذه الخطوة سوف يكون له الأثر الإيجابي في تعزيز مستوى الشفافية والافصاح والمساءلة والمساواة والرقابة وتعزيز المكاسب الاقتصادية وتشجيع الاستثمار وتحقيق التنمية والقضاء على الفساد الإداري، مضيفاً بأن هذه الجهة من شأنها أن تساعد بشكل كبير في تحقيق رؤية 2030 وبرامجها وأهدافها الطموحة.
وتابع موضحاً: لقد صدرت لائحة حوكمة الشركات بموجب القرار رقم (8 - 16 - 2017) وتاريخ 16 - 05 - 1438هـ المعدلة بقرار مجلس هيئة السوق المالية رقم (3 - 45 - 2018) وتاريخ 07 - 08 - 1439هـ، في ثماني وتسعين مادة موزعة على اثنى عشر باباً وقد أبرزت خصائص الحوكمة ومنها: الانضباط، والشفافية، والاستقلالية، والمساءلة، والمسؤولية، والعدالة.. وقد ارتكزت على ثلاث أسس هي: السلوك الأخلاقي، وتفعيل دور الهيئات الإشرافية كهيئة سوق المال، وإدارة المخاطر من خلال وضع نظام لإدارة المخاطر.. وقد استهدفت زيادة الثقة في الاقتصاد الوطني، تعميق دور هيئة سوق المال وزيادة قدرته على تعبئة المدخرات ورفع معدلات الاستثمار، الحفاظ على حقوق المساهمين، تنمية القطاع الخاص ودعم قدراته التنافسية، خلق فرص عمل جديدة، وتحقيق معدلات النمو المطلوبة وغيرها.. وإذا كانت الحاجة العلمية تدعو إلى تطبيق وتفعيل حوكمة الشركات؛ فالواقع العملي يحتاج تطبيقها بشكل أكثر من قبل لا سيما في الآونة الأخيرة حيث الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية المتتابعة.
وأضاف: من أبرز مميزات لائحة حوكمة الشركات السعودية، تشكيل لجنة الترشيحات والمكافآت، بينما لم ينص في كثير من قواعد ومبادئ العديد من الأنظمة على هذه اللجنة.
وقررت لائحة حوكمة الشركات الصادرة من هيئة السوق المالية إلزامية بنودها كأصل عام، باستثناء ما أشارت إلى أنه استرشادي، ومن القواعد الالزامية حقوق المساهمين كالمعاملة العادلة والحقوق المرتبطة بالأسهم وحصول المساهم على المعلومات والتواصل مع المساهمين وانتخابات أعضاء مجلس الإدارة والحصول على أرباح، والحقوق المرتبطة باجتماع الجمعية العامة، وتشكيل مجلس الإدارة.. وأيضاً من القواعد الاسترشادية المهارات المتطلبة في عضوية مجلس الإدارة، وإشراف العضو المستقل على تطوير قواعد الحوكمة الخاصة بالشركة، وتدريب وتأهيل أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، وضع مجلس الإدارة بناء على اقتراح لجنة الترشيحات الآليات اللازمة لتقييم أداء المجلس وأعضائه ولجانه والإدارة التنفيذية سنوياً، وتقييم المجلس بشكل عام.
واستدرك قائلا: «إلا أن وضع مجلس الإدارة بناء على اقتراح لجنة الترشيحات آليات تقييمه فيه تعارض مصالح، فمن غير المنطقي أن يقر مجلس الإدارة قواعد تقييمه، فكان من المفترض وضع هذه القواعد بناء على أسس علمية من قبل جهة محايدة ليس لها مصلحة.. وأيضاً من القواعد الاسترشادية وجوب أن يكون رئيس لجنة المراجعة عضواً مستقلاً، كما أوصت اللائحة بأن يفوق عدد المرشحين لمجلس الإدارة الذين تطرح أسماؤهم أمام الجمعية العامة عدد المقاعد المتوافرة بحيث يكون لدى الجمعية العامة فرصة الاختيار من بين المرشحين، ولجنة المخاطر بتشكيلها واختصاصاتها، واجتماعاتها، وتكوين وحدة أو إدارة المراجعة الداخلية والخطة التي تسير على خطاها، ومضمون تقاريرها، وتنظيم العلاقة مع أصحاب المصالح، وتحفيز العاملين، ومبادرات العمل الاجتماعي، وتشكيل لجنة حوكمة الشركات.
وزاد: رغم أن اللائحة أوردت جميع النصوص الاسترشادية على سبيل الجزم والوجوب، إلا أنها بينت عدم إلزاميتها ؛ إذاً فالأصل العام هو إلزامية جميع القواعد المنصوص عليها في لائحة الحوكمة الجديدة، ومن ثم في حالة عدم وجود نص يقضي بإلزاميته القاعدة فتعتبر إلزامية، وقد أوضحت لائحة حوكمة الشركات الأردنية أنه يقوم مبدأ «الالتزام أو تفسير عدم الالتزام» على أساس التزام كل الشركات بتطبيق القواعد الواردة في - اللائحة الأردنية - أما في حالة عدم الالتزام أو عدم قدرة الشركات على الالتزام لأي سبب كان فيجب عليها تفسير أسباب عدم الالتزام، وهذا ما أكده دليل حوكمة الشركات المصرية الصادر بموجب قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم (84) وتاريخ 26 - 07 - 2016م.
ورغم تنوع قواعد لائحة حوكمة الشركات السعودية بين قواعد إلزامية وأخرى استرشادية، إلا أنها لم تضع أي جزاءات عدم الالتزام بالقواعد الإلزامية؛ وما هو أثر عدم الالتزام بالقواعد الإلزامية؟ فقد اكتفت اللائحة بالإحالة للجزاءات المنصوص عليها في نظام الشركات، سواء كانت هذه الجزاءات مدنية كالبطلان والفسخ ونحو ذلك، أو جنائية كتوقيع عقوبات أو غرامات ونحوها، وهذا ما تبنته ضوابط ومعايير حوكمة دليل الشركات المساهمة الإماراتي الصادر بموجب قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية رقم (518) لسنة 2009م وكذلك دليل حوكمة الشركات المصرية سالف الذكر وأيضاً دليل قواعد حوكمة الشركات المساهمة الأردني الصادر عن هيئة الأوراق المالية.
لا شك أن هيئة السوق المالية قدمت الجهد الكبير في إصدار هذه اللائحة المعدلة بمساهمة الجهات ذات العلاقة كـ وزارة التجارة والاستثمار، إلا أن إصدار الأنظمة والتشريعات في الحوكمة تحتاج أن تسير وفق إجراءات ومعايير وضوابط ومتابعة تنفيذ تطبيقاتها في جهة مستقلة لا سيما في ظل برامج التحول الوطني وبرنامج جودة الحياة والتخصيص.