خشية أن تُجرح عيون الصباح، لم أكن أصحو في الساعات الأولى له، أدس وجهي في الأحلام حتى لا أستيقظ، أسهر كثيرًا، حتى يفوتني الصباح، لا أريد أن أسمع أني كنت قاسية وأنا أُعمل في ملامحه الخراب، أحرك ملامحه حين لا تعجبني، أغيّر لون سماواته حتى أقنعُني بأحد الألوان، ربما فتحت باب شهقته حين حررت الكلام من حيائه، منعت عنه الاتكاء صامتًا في وحشة الغيب، لم يكن يعجبه هذا، وما كان لي أن أتراجع وبي من شغف الحضور ما يمكّنني من الاستمرار على نسق واحد.
كم صباحًا فاتني منذ آخر مرة عكفت فيها على السهر؟ مرت المناديل الباكية ولم أنتبه، مرت العيون التي لم يحدق بها أحد ولم أرها، مرت قصص بشبابيك زرق ولم أمد يدي لألمس غرقها، مررتُ؛ وفاتني أن أحدس أي بياض كان لي، الكثير من الأشياء عبرت بندم حين كنت نائمة باختياري، لكنني كنت هنا أنتقِ أحلامي ببساطة.
تركت أصابعي برهانًا على وجودي في كل صباح، لكن الأمر لم يستمر، سرعان ما أغاظت الأصابع النحيلة، وجه الصباح، سرعان ما نبذ صورتها، وسحق آخر آثارها، رضي بغبار قاتم، ولم يرض بمطر الأصابع، رضي أن أكون صورة في عداد الصور المنبوذة، تلك التي أباحت له أن يكشف عن وجه قبيح جدًا، لا يحتمل.
نما حول الليل أضغاث كثيرة، من بينها شموس صغيرة متآكلة، قرأت مرة في أحد الكتب التي تختص بتفسير الأحلام، أن مشاهدة هذه الشموس المتآكلة نذير طيب لأيام سعيدة، هل هذا يعني انتفاء السهر؟ لا أعرف، علي أن لا أغامر، حتى تنتهي هذه الأحلام.
لم تنته الأحلام، بل تكررت حتى أصبح جسد الليل مبقعًا، بأضواء غير معروفة، ثبت لي في مرة حين كنت أرى الليل ينتفض، أن الصباح لا يمكن أن يُجرح بالاستيقاظ، و أن الأيادي التي ترتب شعث الليل، ما هي إلا يد الصباح التي توقظني من حلم البارحة لأشرق من جديد.
** **
- موضي العتيبي