«الجزيرة» - الاقتصاد:
أكد محلل السندات بـ«الجزيرة» ضرورة تبني مبادرات لتوظيف الكوادر الوطنية في وظائف أسواق الدين بالمصارف والشركات الكبرى التي تصدر أدوات الدين بطريقة منتظمة، وقال محمد الخنيفر إنّ على الجهات الرقابية إلزام المصارف بإحلال الكفاءات السعودية، مبدياً أسفه على أن الغالبية العظمى من مصرفيي أسواق الدين الذين يرتبون إصدارات السعودية يعملون من الخارج، الأمر الذي يعني تجاوز الكفاءات السعودية. وإذا كانت بعض تلك الكفاءات غير مؤهلة فنشترط على البنوك الدولية (التي تجني الرسوم من ترتيب إصداراتنا السيادية) بتوظيف السعوديين بمثل هذه الوظائف وتأهيلهم (ولو لفترة زمنية مؤقتة)، مشيرا إلى أن معظم من توظفهم البنوك من السعوديين يعملون في وظائف العمليات المساندة من خلال فرعهم بالمملكة. وأضاف: الكفاءات الخارجية لم تصل لما وصلت إليه لولا اشتراط الجهات الرقابية على البنوك الدولية توظيف المواطنين وتأهيلهم في كافة التخصصات المصرفية. وتابع: صحيح أن نسبة سعودة الوظائف المصرفية عندنا تصل إلى90 % ولكن الاستثناء ينطبق على وظائف أسواق الدين (وقس على ذلك مثل تلك الوظائف لدى البنوك الدولية المرخص لها بالعمل هنا). وقال الخنيفر محذرا: وظائف أسواق الدين حساسة ولا يجدي معها التوظيف وفقاً لصلة المعرفة بالشخص صاحب النفوذ. هذه الوظائف من المفترض أن تكون مقصورة على أصحاب الكفاءات المخلصين (القوي الأمين).
تحديات رأس المال البشري
وأوضح الخنيفر أن وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي كشفت عن التوجه نحو زيادة حجم سوق أدوات الدين من 9 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2016 إلى أكثر من الضعف بنسبة 15 % في2020. إلا أن الوثيقة لم تتطرق بشكل مباشر لتحديات رأس المال البشري من الكوادر الوطنية المتخصصة بأدوات الدخل الثابت التي ستساعد في تحقيق هذا الهدف. وتعد مهام المصرفيين الذي يعملون بأسواق الدين من الوظائف الحرجة لأي مؤسسة. فمن خلال تلك الكفاءات تزداد أو تنخفض تكاليف التمويل والاقتراض لجهة الإصدار التي تريد طرق باب أسواق الدين عبر السندات والصكوك. فأي إخلال بتحديد القيمة العادلة لتسعير أدوات الدين والقروض يعني أن جهة الإصدار قد فرطت بعدة ملايين لصالح المستثمرين (من دون أن تدرك).
معاناة التوظيف
وأشار الخنيفر إلى أن وسيلة إعلام بريطانية (جلوبال كابيتال) أصدرت تقريراً بعنوان «معاناة التوظيف لأسواق الدين السعودية» تطرقت خلاله إلى أن البنوك الأجنبية تتسابق لدخول السوق السعودي ولكن هناك معاناة تجاه بناء قوة عمل من المصرفيين المحليين المتخصصين بأسواق الدين، وهذا لا يتواءم مع طموحات البلاد الخاصة بتطوير سوق الدين المحلي. ولكن بحسب ما رصدناه، يجد المصرفيون السعوديون الدوليون (المؤهلون على صعيد العمل الدولي) أن من الصعوبة ربح مقاعد لهم بأنشطة أسواق الدين المحلية. بحسب التقرير يقول أحد المصرفيين «يعمل بالرياض»: عندما يتعلق الأمر بالبنوك السعودية فنحن لا نملك ثقافة توظيف المتخصصين بأسواق الدين. وتابع: المواهب يتم تجاهلها. في حين يقول آخر إنه عندما رجع لبلاده محملاً بشهادات متخصصة من الخارج، فإن صناعة المال المحلية عاملته بنوع من الشكوك، واعتقدوا أنه سيأخذ مناصبهم (مع مرور الوقت). وكان يجب عليه أن يثبت نفسه».
تحدٍ آخر
ورأى الخنيفر أن أحد التحديات أيضاً هو الحاجة لمزج القواعد الشرعية للتمويل الإسلامي مع أسواق الدين، الأمر الذي يضيف طبقة أخرى من هيكلة (الصكوك) المعقدة. وهذه الأمور مجتمعة تسهم في تعقيد الحصول على الكفاءات المحلية المتخصصة بالجانب الشرعي والمالي. ولكن تحقيق هذه الأمور قد يبدو صعبا في ظل بيئة العمل الدولية. فإذا كان للبنك الدولي خيار إحضار مصرفي متمرس بأسواق الدين من الخارج من أجل تولي عملية الإصدار أو توظيف مصرفي محلي، فإن البنك لديه التزام بإغلاق الإصدار وليس تحسين قوة العمل المحلية.
** **
- تويتر: @Mkhnifer
مصرفي مُتخصص بأسواق الدين الإسلامية ويعمل لصالح مؤسسة دولية متعددة الأطراف.
mkhnifer1@gmail.com