عمر إبراهيم الرشيد
شهدت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية منذ عدة سنوات، وبالأخص مع انطلاق برنامج التحول والرؤية 2030 نقلات مشهودة في الرؤية والأهداف وأسلوب العمل، حتى أن تغيير مسمى (العمل والشؤون الاجتماعية) إلى (العمل والتنمية الاجتماعية) يعكس جانبًا مهمًا من هذا التحول، وهو مساعدة الفئات المستهدفة لتنهض وتصبح منتجة قدر المستطاع، ومعالجة أوضاعها الاجتماعية على اختلاف أشكالها ومسبباتها، مع حفظ كرامة تلك الفئات كمواطنين ومواطنات لهم حقوقهم ومكانتهم المستحقة.
قبل أيام وصلني من مستفيدين من مركز الإرشاد الأسري التابع للوزارة، ومن عاملين فيه كذلك، شكوى ممزوجة بشعور بالإحباط لقرار إغلاق المركز الذي يقوم بدور حيوي ومشهود من نواح عدة، أهمها تقديم الإرشاد والتوجيه النفسي والاجتماعي كمرحلة أولى للمتواصلين مع المركز، على اختلاف مستوياتهم وخلفياتهم الاجتماعية والتعليمية والمهنية، واستقبال شكاواهم بكل سرية وخصوصية مع الإشراف على تلك الاتصالات وتسجيلها لغرض التوثيق والمتابعة. عدا عن ذلك، ما يتم تحويله من حالات تستدعي استكمالها وتدخل الجهات المعنية، كالشرطة، المحاكم، الجهات الطبية، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وغيرها من الجهات الحكومية، لذا فإن هذا المركز يقوم بدور الوسيط الحيوي الفاعل والنشط لإيصال صوت من لا صوت له، ممن يجهل أو يعدم وسائل المساعدة وإيصال شكواه إلى أصحاب القرار.
والناحية الأخرى المهمة، هي تلك الكوادر العاملة في المركز من أخصائيين وأخصائيات في علم النفس والخدمة الاجتماعية، ومرشدين ومرشدات اجتماعيات، ما يجعل هذا المركز ميدانا حيويا لزيادة وصقل خبراتهم العملية وتطبيق ما يلزم من رصيدهم العلمي، على ما يتلقونه من حالات وقضايا، وكمثال، فإن المركز تعامل خلال العام الماضي مع أكثر من 9000 حالة بواقع 700 حالة شهريا حسب ما صرح به مدير المركز الأستاذ فهد الجنيدل. وأخصائيون ومرشدون نفسانيون واجتماعيون (عددهم 25) في رأيي يشكلون ركيزة في بناء الوزارة التي يتصل عملها مباشرة بالمجتمع على اختلاف فئاته واحتياجاته، وبما يقدمونه إلى الفئات السالفة الذكر من دعم وتوجيه وحل لقضاياهم واحتياجاتهم. هذه الفئة من العاملين وبتخصصهم النفسي والاجتماعي يستحقون برأيي أخذ آرائهم ومشورتهم في قرار كهذا، وأي مجتمع بشري إنما هو بأمس الحاجة لأعمال ودعم هؤلاء المختصين في السلم وفي الكوارث.
هذه رسالة مفتوحة أبعثها إلى معالي الوزير الدكتور علي الغفيص وهو الجدير بتفهم وتقدير هذه المسألة، من المستفيدين من هذا المركز الحيوي بجميع فئاتهم وعلى اختلاف شؤونهم وقضاياهم، ومن المشغلين لهذا المركز والداعمين نفسيًا واجتماعيًا أخصائيين وأخصائيات، بأن يعيد معاليه النظر في قرار الإغلاق. ولا ينكر دعم الوزارة السخي للفئات المستحقة إلا جاهل أو مغرض، وهذا المركز يقع ضمن الدعم والتنمية الاجتماعية لهذه الوزارة الحيوية. وإن كان إغلاقه من باب الترشيد، فإن ما يوفره هذا المركز على الوزارة بمساعدة تلك الفئات، والحفاظ على موارد الوزارة من الهدر الناجم عن العلاج بينما هو يقوم بدور وقائي، وبما يوفره على تلك الفئات من عناء وجهد مكلف لهم ولأسرهم اقتصاديا واجتماعيا، كل هذه المعطيات وغيرها تؤكد أضرار وسلبيات قرار الإغلاق، فمن لتلك الأصوات من مجيب بعد الرحمن الرحيم، غير معالي الوزير؟ إلى اللقاء.