سعد بن عبدالقادر القويعي
يحدثنا الدكتور محمد العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي، عن عدد كثير من كبار علماء، ومفكري الشيعة، بأن المذهب الشيعي بريء من المشروع الإيراني الطائفي، فقبل عام 1979م، وهو عام الثورة الخمينية، كانت المنطقة بتنوعها تعيش بسلام، ووئام، ثم جاءت «البروباغندا الإيرانية» التي تحاول العمل عليها حول العالم، وهي مكشوفة تماماً، ونعتقد أنها تمارس عتها -سياسياً وفكرياً - تجاوزه الزمن بمسافات، وقد بات خارج سياقه تماماً؛ ليتحول مثل هذا التخلف بعتهه، وخرافته، ومراهقته إلى أيديولوجية، ومشروع سياسي. وهو -في تقدير كاتب المقال- ستخضع تلك الإشكالية العميقة لفعل الزمن، وصيرورة التاريخ؛ لتؤثر، وتتأثر به، ومن ثم سيتشكل إلى أحد الأبعاد الموازنة في الصراع في المنطقة؛ نتيجة غياب العقلانية، وحس المسؤولية، وركوب من تأثر بتلك الأفكار العبثية موجة التحريض الشعبوي.
التحليل أعلاه يقدم أساساً نظرياً مهماً، وعتاداً صلباً، تكمن أهميته العلمية في تفهم المشكل الطائفي، وبالتالي فعندما تتشكل الطائفة عقدياً، فلا يمكن الابتعاد حينئذ عن الدور السياسي المشبوه، أو ممارسة دور إيجابي في الشأن العام أبدًا؛ بسبب تراجع القضايا المصيرية الموحدة إلى قضايا -إثنية وطائفية- مفرقة؛ مما نتج عنها تمزيق النسيج الاجتماعي باسم الدين، والطائفية على حساب الوحدة الوطنية، وتضييع سيادة الدولة، وتحول الجماعات المذهبية إلى بيادق بيد قوى - إقليمية ودولية -.
وهذا ما انتجهته إيران انطلاقاً من مبدأ تصدير الثورة، واعتماد نظرية «ولاية الفقيه» التي تعد نظرية مبتدعة في الفكر السياسي الشيعي كنظام ديني سياسي، يقوم على أساس وجوب سيطرة ولاية الفقيه على أنظمة الحكم في المنطقة.
في وقت الأزمات، فإن الخطط الاستراتيجية بعيدة المدى لمقتضيات الأمن - الوطني والقومي، ومتطلبات الصراع، تؤكد على ضرورة إحاطة الرأي العام بالحقائق الكاملة؛ حتى لا تلجأ بعض الأطراف الإقليمية - ذات المصلحة المباشرة - في تفتيت المنطقة، والعمل على زعزعة أمنها، واستقرارها، وجعلها ساحة لصراعات - سياسية وطائفية ومذهبية -؛ ولأن هناك أنظمة عالمية، لا تسلم سياساتها الخاطئة من خلفيات - دينية وثقافية، تسببت في تأجيج الصراعات، فإن بلورة الرؤى الهادفة إلى تحقيق الأمن، والأمان، وذلك من خلال دعم الوحدة الوطنية، واندماج شرائح المجتمع؛ حماية لسيادة الوطن، وتعزيزاً لدوره - الإقليمي والدولي - الفاعل على كافة المستويات؛ الأمر الذي يقتضي درء الأطماع، والتهديدات، وتعزيز الأمن، والاستقرار المنشود.