قضيت حياة ملؤها البر والتقى
فأنت بأجر المتقين جدير
الموت زائرٌ غير مألوف لكل كائن حيّ مُدرك لمن فرّ منه، مهما تحصن بأي سبب من الأسباب، قال سبحانه وتعالي في محكم كتابه العزيز قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ الآية الثامنة من سورة الجمعة.
ولقد انتقل الفقيد الحبيب سعود بن عبدالعزيز الخراشي إلى رحمة الله يوم الأربعاء 9/8/1439هـ إثر عملية جراحية ومعاناة مع مرض ألزمه الفراش وقد حاول الأطباء كبح جماحه بشتى الأدوية فأعيتهم الحيلُ:
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل (وسيلة) لا تنفع
وأديت صلاة الميت عليه بعد صلاة العصر بجامع الراجحي، وووري جثمانه الطاهر بمقبرة حي النسيم -تغمده الله بواسع رحمته- بعد حياة معمورة في طاعة الله وعبادته، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم، فالسعيد كل السعادة من يَهَبُه المولى حسن الخلق، والاستقامة في طاعته، وصلاح عقبه، ومحبة الصالحين من عباد الله المخلصين فإنه يعيش حياة مِلْؤُها الغبطة والمسرات، محبوباً لدى أسرته ومجتمعاته.. وهذه الصفات الحميدة التي مَنَحَها المولى لأبي عبدالعزيز الأستاذ سعود بن زميلي وصديقي الأستاذ الحبيب عبدالعزيز بن عبدالله الخراشي -رحمهما الله- وكانت ولادته في مدينة الرياض وبعد بلوغه السن النظامية ألحقه والده بإحدى المدارس الابتدائية بالرياض حتى نال الشهادة بها ثم واصل دراسته في المرحلتين المتوسطة والثانوية، بعد ذلك عمل إدارياً بمدرسة المصانع حتى تقاعد تاركاً أثراً طيباً وذكراً حسناً في نفوس زملائه وجيرانه ومحبيه.. ومخلفاً ذرية صالحة بنين وبنات أفاضل، فهو محبوب لدى الجميع لما يتمتع به من دماثة خلق ولين جانب، وإخلاص في أداء أعماله كلها.. مما جعل النفوس تميل إليه حُباً واحتراماً:
وإذا أحب الله يوماً عبده
ألقى عليه محبة في الناس
ولقد سعدت مُبكراً بمعرفة والده قبل بدء الدراسة النظامية بتلقي مبادئ في العلم لدى مشايخنا الأجلاء سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وأخيه فضيلة الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم -رحمهما الله-، وذلك قبل التحاقي بمدرسة دار التوحيد بالطائف عام 1371هـ وبعد انتظام الدراسة بالمعهد العلمي بالرياض انتقلت إليه في الصف الثالث عام 1373هـ ونلت الشهادة الثانوية عام 1374هـ وواصلنا الدراسة بكلية اللغة العربية مع والد الأستاذ سعود الزميل الكريم عبدالعزيز بن عبدالله الخراشي، ونُعد من الدفعة الثانية من خريجي كلية اللغة العربية، فعلاقتنا مع أسرة الخراشي علاقة ودّ وتآلف، وتنافس في اقتناص العلوم النافعة المفيدة، حتى فرق بيننا هادم اللذات ومفرق الجماعات، وكنا نحضر الحفل السنوي بجائزة أسرة الخراشي في بلدهم بمحافظة أشيقر، ولسان حال الأبوين عبدالعزيز وشقيقه الأستاذ عبدالرحمن يرددان هذا البيت:
نبادله الصداقة ما حيينا
وإن متنا سنورثها البنينا
وقد استمر التواصل -بحمد الله- مع أبنائهم الكرماء ومع عمهم الحبيب الدكتور سليمان بن عبدالله الخراشي طبيب العيون المعروف، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وعمه د/ سليمان وأبناءه وبناته وإخوته وأبناء عمه الشيخ عبدالرحمن، وعقيلته أم عبدالعزيز، وكافة أسرة الخراشي الصبر والسلوان.
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف