الهروب فكرة الطبيعة لكسر الحواجز والتملص من كل ما يثقل كاهلك أو يسبب لك الضيق قد يكون الخيال وسيلة ولكن الفعل العملي هو الطريقة الأولى والمثلى التي يلجأ إليها كل مخلوق يدرك معنى الاختناق.
الهروب رسالة أن لا حل إلا مغادرة ما يؤلمنا إلى مكان نتنفس فيه كما يجب ونمارس حياتنا به كما نحب وكقائدة مدرسة تواجهني بعض الحالات خلال العام الدراسي ولا أعتبرها ظاهرة ولكنها حالات تتكرر بين الفينة والأخرى استوقفتني كثيراً وحاولت البحث عن أسبابها الجذرية التي يجب أن تبدأ بسؤال الفاعل حتى نجد الإجابة.
في لقائي مع الطالبات (الهاربات) خرجت بأن الطالبة قادرة على احتمال واستيعاب أربع حصص دراسية فقط وبعدها يصيبها التذمر والملل وتحاول أن تخترق حصون ودفاعات المراقبات بابتكار أساليب كر وفر وخداع حتى تستطيع الهرب والاختباء ولكن أين ؟!
المشكلة ليست بأن الطالبة تحمل سلوكا خاطئا تريد ممارسته ولكنها تقع حائرة بين حقيقة الجدول الدراسي والنظام المدرسي وبين محاولة التعايش مع الوضع اليومي وبين رغبتها في الانطلاق والركض والصراخ واللعب ورمي البالونات المعبئة بالماء ونثر البودرة الملونة اللامعة على وجوه صديقاتها ونشر بخاخات الثلج في ساحات المدرسة، وأن تفترش الأرض لتلعب الأونو وبطاقات التذكر والتخيل وبين أن تهرب بالكرة ويطاردنها زميلاتها حتى تصل إلى نقطة النهاية وتفوز فوزاً طفولياً يعني لها الكثير .!
النشاط المدرسي كان فكرة جميلة لو خصص له حصتان تضاف إلى أربع حصص دراسية ونترك بعدها للطالب ممارسة كل مايحب بلا خجل وخوف
حتى يخرج لنا طلاب قادرون على التعبير بحرية بعيدين كل البعد عن التصنع واختراع الأكاذيب لا أن نصنع من خطوة رائدة شيئا يشبه الغوريلا تبطش بيدها وترمي بكل ما تمر عليه بعيداً عن مكانه.!
الحل الذي نبحث عنه للقضاء على كل سلوك سيئ تجبر الطالب عليه الأنظمة التعليمية يبدأ من صانع القرار لأنه هو من يضع الأسس الصحيحة وبعدها يترك للقادة صف اللبنات حتى نصل جميعاً إلى بناء متكامل هو الإنسان الذي سيعيد تدوير كل ما حوله ليخدمه ويرتقي به ..!
تدور في ذهني فكرة مجنونة عن الهرب الذي كلما تعثرت بطفلة هاربة أدركت أنها الضحية بلا ريب.!
لذلك قد أهرب معهن يوماً لأمارس طفولتي وأجد بينهن الضحكة الصادقة ولكن هذه المرة سنجتمع سوياً في ملعب المدرسة نتقاذف الكرة ونرش بعضنا بالماء .!
هل يحدث .!
** **
- بدرية الشمري
badreehk@gmail.com