احترت كيف أبدأ الحديث عن أخي وصديقي وأستاذي أبي أوس الأستاذ الدكتور إبراهيم بن سليمان الشمسان، هل أكتب عن خلقه وتواضعه، أو عن موسوعيته العلمية والأدبية؟ إنني أمام بحر لا ساحل له من الصفات السامية والخصال الحميدة. عرفت أبا أوس منذ أكثر من عقد من الزمان مشاركًا له في وضع معجم اللغة العربية للمرحلتين المتوسطة والثانوية لوزارة التعليم، فعرفت أخلاقه ومكانته العلمية عن قرب؛ لكن وصول محاسنه إلى السمع، ولطائفه إلى النفس سبقت ذلك بسنوات... (وما المرء إلا ذكره ومآثره).
والحقيقة أن أبأ أوس أديب متعدد الجوانب ومتنوع المواهب، فهو مثقف ونحوي ولغوي وكاتب وناقد وتربوي، قبل أن يكون أستاذًا جامعيًّا وباحثًا ومؤلفًا. وقد عرفت عنه هذه المواهب والصفات كما عرفها عنه زملاؤه في الجامعة، ومن شاركوه في الندوات والمناقشات، وكل طلابه ومعارفه يصفونه بأكثر من ذلك. فإلى جانب هذا الشمول والإحاطة بفنون اللغة وآدابها من خلال عمله في الجامعة وما يكتبه في الصحف والمجلات العلمية من مقالات ومراجعات لغوية، وما يشارك فيه من ندوات ومحاضرات وحلقات إذاعية ودورات تدريبية، وإشراف على رسائل علمية ومناقشات أخرى داخل المملكة وخارجها، وما ينتجه من مؤلفات وبحوث تزيد على ثلاثين (30) منجزًا، وغيرها من المنجزات التي تحتاج إلى سفر خاص يرصدها ويدونها، إنه دون مبالغة عدة أساتذة. لقد استفدت من أخي وأستاذي أبي أوس كثيرًا، ولولا أني أعلم أنه لا يحب ذكر جمائله مع الآخرين لسطرت كثيرًا مما يقدمه لمن يعرف ولمن لا يعرف...، إلا أنني سأذكر له عملاً واحدًا وليسامحني بذكره، فقد جرى الحديث معه مرة أني في حاجة إلى تصوير مخطوطتين في إحدى الدول العربية، فطلب مني تحديد أماكن وجودهما وأرقامهما، وظننته حديثًا عابرًا، ولم يمضِ وقت قصير على حديثي معه إلا وهو يفاجئني بها في إحدى المناسبات... وما زلت ألتقي به أو أهاتفه في قضية نحوية أو لغوية فأجد الرأي السديد المبني على الدليل الذي ترتاح له النفس، ويسكن الضمير... شكر الله له جهوده لقاء ما يقدمه لبلده وأبنائه وللغة القرآن، والحديث الشرف، ولسان العربية.
** **
- د. عبد الله بن علي الشلال