عرفته في رحاب جامعة الملك سعود بحضوره المشهود وجهده البحثي الدؤوب، وأخلاقه العالية. فهو أبو الدرس اللغوي فيها بشهادة الجميع، شغله تمحيصا وتنقيبا وتأليفا وأثراه إشرافا ومتابعة للأطروحات، وأغناه بالبحوث الجادة وتحكيم الندوات محليا وإقليميا.
يشكل حضور طلبته في الجامعات السعودية حضورا مشرفا له بما أدى وأسدى من جهود بحثية وإشرافية جليلة.
هو من فتح المجال لأجيال كثيرة من الطلبة السعوديين وغيرهم للإيمان بتأسي شخصيته الوطنية في عطاءاتها المتنوعة ودفعه للاعتزاز بتراثها المجيد وحثه على مسايرة المناهج الحديثة.
يكفي أن تذكره في أي محفل علمي أو حضور طلابي لتنثال الكلمات ثناء عليه وللإشادة بجهوده. البحثية ومؤلفاته الرصينة، لقد تواضع لله فحباه سعة العلم ودقة الفهم.
والحديث عن أبي أوس إبراهيم الشمسان حديث ذو شجون أقول ذلك وأنا أعي أن الحديث عن شخصية بوزنه ليس بالأمر الهين؛ شخصية تعدى حضورها المشهود الساحة الفكرية والثقافية محليا وامتد إقليميا ليلبي نهم طلاب العلم والمكتبات ومحركات البحث السيارة.
من المفروض في شهادة عن أبي اوس أن نتوقف عند عطائه في جامعة من أعرق الجامعات عربيا وأن نستعرض مؤلفاته الناصعة في لغة الضاد تأصيلا وتفصيلا، وفي المجالات المحايثة لها دراية وتوثيقا.
نعم ذلك ما تقتضيه الموضوعية حين الحديث عن شخصية أكاديمية بوزنه؛ ولكن أليس هذا تحصيل حاصل وترديدا لما سُطر في سيرته الذاتية الغنية وفي مصنفاته المتوافرة لدى المكتبات ومراكز البحث في الجامعات.
من نافلة القول التأكيد على هذا فالقائمة تطول وللقول متسع في المجال.
لكني بوعي سأعدي عن هذا المسار الموثق لأطل من شرفة أخرى تتسم بالحقيقة ولكنها تشرع أبوابها على معاينات اقتضتها صداقتي مع زوجه الغنية عن التعريف أ.د. وسمية المنصور وذلك لما يربو على عقد من الزمن فقد كنت في نفس الجامعة التي يعملان فيها ويشكلان علامة من علامات تميزها وفرادتها.
نعم عرفته من خلال زوجه تلك السيدة التي تحتضن الكل معارف وجيرة وأصحابا وأحبابا برحابة صدر ووافر بذل وامتلاك لأسباب الإمتاع والمؤانسة والألفة.
كنت وغيري من الأستاذات المتعاقدات في الجامعة ضيوف الأسرة في مناسبة وغير مناسبة، في كل رمضان ومع بدء كل عام دراسي وبين هذا وذاك.
وكان أ.د. أبو أوس يتلقانا في بيتهم العامر بالبشر والحفاوة. متسما بوقاره العلمي وجوده الحاتمي.
ولا يبخل علينا بالإفادة من معارفه واستشاراته في كل ما يشغلنا من أمور البحث والتدريس، لم يتوان في تقديم الإرشاد والنصح السديد.
نحس مع الأسرة دفء العودة إلى الأهل والوطن ونرجع من عندهم محملين بالطمأنينة والهدايا ولسان حالنا يقول:
ودعته وبودي لو يودعني
صفو الحياة وأني لا أودعه
ولعلي سأخرج على أعراف الشهادات بحق الأعلام وأطلق لنفسي العنان لأطل من نافذة الشعر وأتخذ منها متكأ صدقا لما أقول عن أبي أوس:
حروفي عن أبي أوس أبيني
وإلا عنكِ سيدتي دعيني
أبيني عن معارفَ واسعات
وعن فهم دقيق مستبين
وعن بحث ينقب فيه عما
تناثر في المراجع من دفين
وعما فيه من كرم ونبل
وعما فيه من تقوى ودين
أبيني كل ذلك وانشريه
وفيه لو سمحت فأنشديني
رأيتُ عرابةَ الأوسيّ يسمو
إلى الخيرات منقطع القرين
إذا ما راية رفعت لمجد
تلقاها عرابة باليمين
** **
مباركه بنت البراء - المدرسة العليا للتعليم بانواكشوط