حين تم تكليف معالي الأستاذ إياد مدني بوزارة الثقافة والإعلام، بادرصديق الجميع محمد القشعمي بعقد لقاء في منزله بحي الربوة حضره عدد من الأدباء والمفكرين ليستمع الوزير لآرائهم ومقترحاتهم، وكان حظي أني كنت من ضمن الحضور وتحدثت عن افتقار الثقافة في المملكة لسلاسل الكتب، بعد زمن كانت هنالك مبادرة من الدكتور عبد العزيز السبيل عندما كان وكيلا للشئون الثقافية بإصدار سلاسل محدودة مواكبة لمعرض الكتاب كان من ضمنها إعادة لبعض كتب الرواد، ولكن توقفت هذه السلاسل، وإذا بقي نسخ منها فغالباً في مستودعات الوزارة.
مضى على ذلك اللقاء خمس عشرة سنة، وحتى الآن لم يصدر عن أي مؤسسة ثقافية سلسلة إبداعية، ربما يقول البعض إن الإقبال على الكتاب الورقي بدأ ينحسر والاتجاه الآن للرقمي، أقول الكتاب الورقي لايزال حاضراً وخير مثال على ذلك الإقبال الشديد لاقتناء الكتب في معرضي الرياض وجدة للكتاب، ووجود عدة معارض في عدد من المدن.
هنالك مبادرات محدودة من بعض دور النشر مثل سلسلة نوافذ عربية عن دار أثر التي نشرت رواية الوسمية لعبد العزيز مشري والرهينة للروائي اليمني زيد مطيع دماج وغيرها، ولكن هذه السلسلة التي تشكر دار النشر على مبادرتها ليست مقيدة بتاريخ معين بمعنى ليست تصدر بصفة دورية شهرية أو فصلية أو سنوية، بل تصدر مواكبة لمعرض الكتاب، وهذا يشبه مبادرة وكالة الثقافة التي توقفت مع تغيير الوزراء والوكلاء.
ومنذ أيام صدر الأمر السامي بتشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة الأمر الذي حفزني لطرح حاجة المشهد الثقافي السعودي لسلاسل دورية تعنى بالإبداع، ولدى وزارة الثقافة والإعلام الشئون الثقافية سلسلة بعنوان «نصوص مسرحية»، ولكن هذه السلسلة غير منتظمة، وربما توقفت، لذا أتمنى أن يكون أولويات مجلس الإدارة الاهتمام بالنشر وتنظيمه، وتكوين إدارات تشرف على إصدار السلاسل.
أنا لا أتفق مع من يقول إن الأولويات الثقافية تغيرت، ولدى الهيئة أولويات أخرى ربما في المقدمة السينما ثم الموسيقى والمسرح وبعد ذلك الثقافة والأدب، لأنه لن يكون هنالك إبداع سينمائي إذا لم يكن هنالك إبداع سردي، ولن يكون هنالك إبداع موسيقي إذا لم يكن هنالك إبداع شعري، النص هو الأساس، والأدب يتشكل من النصوص الإبداعية.
أعود لأهمية السلاسل والتي قد تحتاج إلى مساحة كبيرة للحديث عنها، أتمنى أن نستفيد من تجربة الهيئة المصرية للكتاب، فهي تصدر عشرات السلاسل المختلفة، وكثير من الأدباء من مصر والوطن العربي عرفناهم من إصداراتهم ضمن تلك السلاسل، وأهم من ذلك أن أغلب تلك السلاسل تصدر بطبعات شعبية رخيصة، وهذ يساعد على انتشارها، ويوصل إبداعات الشعراء وكتاب القصة والروائيين لشريحة كبيرة من المجتمع.
إن إصدار سلسلة إبداعية شهرية، توزع في كل مناطق المملكة مقابل مبلغ زهيد، يشجع على القراءة، ويساعد على وجود أجيال تمتلك لغة جيدة، وثقافة مفيدة.
** **
- عبد العزيزالصقعبي