«الجزيرة» - المحليات:
ترتكز العلاقات السعودية الأمريكية على إرث قديم، وأسس راسخة، وصلات وثيقة، ورؤى متجددة، وتجمعهما مصالح إستراتيجية متعددة؛ منها تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، والمحافظة على استقرار أسواق النفط، والعمل على استقرار الاقتصاد الدولي ومحاربة الإرهاب، وظلت العلاقات على متانتها وعمقها في إطار تحالف استراتيجي، رغم ما تشهده المنطقة من تقلبات وتحديات.
وتحرص المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله– على الدفع بعلاقات البلدين إلى آفاق أرحب، وبناء شراكات استراتيجية جديدة للقرن الحادي والعشرين؛ بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
لقد أكدت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للرياض، كأول محطة في زياراته الخارجية، بعد تقلده منصبه تقدير فخامته للعلاقات الراسخة، ومكانة المملكة القوية بين دول العالم، وأهميتها في قيادة العالم الإسلامي.
ففي أول زيارة خارجية له، وصل الرئيس الأمريكي في العشرين من مايو 2017م إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض، وكان في استقباله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وشهدت الزيارة ثلاثة مؤتمرات قمة تحت عنوان «العزم يجمعنا»، «سعودية أمريكية»، و»خليجية أمريكية» و»عربية إسلامية أمريكية، بمشاركة قادة وممثلين عن 55 دولة إسلامية، وبرؤية واحدة، وهي: «سوياً نحقق النجاح» لتأكيد الالتزام المشترك نحو الأمن العالمي والشراكات الاقتصادية العميقة، والتعاون السياسي والثقافي البناء، تحت شعار «العزم يجمعنا، كما شهدت توقيع العديد من الاتفاقيات.
وتزداد العلاقات السعودية الأمريكية قوة ومتانة يوماً بعد يوم؛ بما يخدم مصالح الشعبين في جميع المجالات في هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله- الذي ارتبط بعلاقات طيبة مع الولايات المتحدة، فقد زارها في الحادي عشر من أبريل 2012م، حينما كان ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للدفاع، بدعوة من وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا، والتقى خلالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وبحث معه تعزيز العلاقات بين البلدين؛ خاصة في المجال العسكري والاستراتيجي المشترك.
وفي الثالث من سبتمبر 2015 م وصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية، تلبية لدعوة من فخامة الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، والتقى في مقر إقامته في واشنطن معالي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وفي اليوم التالي استقبل الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في البيت الأبيض خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ وعقدا جلسة مباحثات استعرضا خلالها العلاقات المتينة بين البلدين.
وفي نفس اليوم، استقبل خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ في مقر إقامته بمدينة واشنطن فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق جورج دبليو بوش، وفخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق بيل كلينتون، كلاً على حدة، كما شرف في الخامس من سبتمبر في واشنطن حفل عشاء منتدى الاستثمار، الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي الأمريكي، وألقى – حفظه الله – كلمة خلال الحفل، أكد فيها متانة العلاقات السعودية الأمريكية، ووصفها بأنها علاقات تاريخية واستراتيجية، منذ أن أرسى أسسها جلالة المغفور له ـ بإذن الله ـ الملك عبدالعزيز، وفخامة الرئيس فرانكلين روزفلت.
وفي 24 أكتوبر 2015 م استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ في قصر العوجا بالدرعية معالي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والوفد المرافق له.
وفي 8 نوفمبر 2015 م استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – في مكتبه بقصر اليمامة معالي رئيس جهاز المراجعة المالية بالولايات المتحدة الأمريكية يوجين دودارو.
جهود سمو ولي العهد
على صعيد آخر، شكل لقاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد (آنذاك) مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في أبريل 2017م نقطة تحول تاريخية في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية.
وقبيل زيارة سموه لأمريكا في مارس الحالي 2018 أكد سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، أن العلاقات السعودية الأمريكية تاريخية، وتعود لأكثر من 80 عاماً، واصفاً المملكة بأنها أقدم حليف للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك ضمن الحوار المطول الذي أجراه سموه مؤخراً في الرياض مع مراسلة قناة (CBS) الأمريكية.
ويدرك الرئيس ترمب ما هو بديهي، أن المملكة هي البلد الأهم بين الدول العربية في الشرق الأوسط. ويُعزى ذلك جزئيًا إلى دورها ونفوذها الذي يؤثّر على الاقتصاد العالمي، وموقعها ووزنها السياسي والجغرافي والإسلامي غير أن عملية محاولة إبرام اتفاق مع إيران لم تسهم في الاستقرار الإقليمي. ففي الواقع، حصل عكس ذلك، لقد كانت الولايات المتحدة هي المصرة على إبرام الاتفاق أكثر من إيران. وقد دفع ذلك بطهران إلى الاعتقاد بأنها قادرة على تحدي حلفاء أمريكا في المنطقة من دون أن تترتب عليها عواقب كبيرة، أو حتى إنها ستفلت من العقاب.
وما يكتسي الأهمية ذاتها هو أنه في سعيها إلى إبرام الاتفاق مع إيران، مالت إدارة أوباما إلى التغاضي عن مخاوف حلفائها منذ زمن بعيد.
وقد بعث الرئيس ترمب برسالة واضحة مفادها، أنّ سياسته في الشرق الأوسط تقوم على إحياء التحالفات مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في المنطقة، والحدّ من خوض تجربة سنوات عهدي بوش وأوباما. بعبارة أخرى، إنها تتمحور حول التعامل مع العالم كما هو، والسعي فقط إلى جعله أفضل. إن العلاقات السعودية الأمريكية قوية وثابتة وقائمة على أسس صلبة، وستستمر على هذا النهج في تعزيز قوتها وصلابتها.
علاقات تاريخية متجددة
يعود تاريخ العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة إلى عام 1931م، مع بداية ظهور بشائر إنتاج النفط في البلاد بشكل تجاري، ومنح حينها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – حق التنقيب عن النفط لشركة أمريكية، تبعها توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين عام 1933م دعمت هذا الجانب الاقتصادي المهم الذي أضحى قوة اقتصادية عالمية في هذا العصر.