«الجزيرة» - ياسر الجلاجل/ تصوير - حسين الدوسري وفواز:
استضافت هيئة الصحفيين السعوديين الكاتب والأكاديمي الدكتور نبيل الحيدري بإقامة ندوة وحوار مفتوح حول (قضايا وشؤون إيرانية)، بحضور رئيس الهيئة الأستاذ خالد المالك وعدد من رؤساء تحرير الصحف ونخبة من المثقفين والمثقفات والأكاديميين والكتاب والصحافيين المهتمين بالشأن الإيراني. وقد أدار الحوار الدكتور سليمان العيدي، وذلك بمقر الهيئة بالرياض مساء يوم الأربعاء.
واستهل الضيف الحيدري حديثه عن إيران وتصديرها للفتنة في المنطقة العربية منذ (39) عامًا، أي منذ بداية الثورة الإيرانية ومشروع الخميني وتصدير التناحر ونشر الطائفية في المنطقة.
وقال الحيدري إن النظام الإيراني استخدم الشعارات الرنانة والتسويق لهذه الثورة من خلال شعارات (الموت لأمريكا وإسرائيل) وادعائها بتبني القضية الإسلامية والفلسطينية، وقال إن ما يحدث في إيران وما تصدره للوطن العربي من بدع وطقوس وممارسات لا أساس لها من الصحة بداية من غلو في الأئمة، وأكد الدكتور الحيدري أن إيران دخل عقيدة الشيعة وغيرتها حتى يومنا هذا والذي أسميه قمة في كل هذا البدع، وما رأيناه على أرض الواقع في العراق وسوريا ولبنان واليمن واقع طائفي مزق المسلمين.
وقال إن العراق قبل عام 2003م عندما كان في حضنه العربي، كان بلدًا مختلطًا ما بين السنة والشيعة والعلاقة ما بينها لا يشوبها أي فتنة أو كره بل إنك لا تجد عائلة شيعية إلا لديها نسب مع السنة ولا تجد عائلة سنية إلا لديها نسب مع الشيعة، وما يحدث الآن هي ثقافة غريبة صدرتها إيران، وقال إن المشروع الإيراني يعتمد على أمور عدة من ضمنها الاستثمار السلبي في العقيدة من خلال إيهام عقول الشباب بأنهم مظلومون ويدافعون عن حريتهم. وأكد الحيدري أن هناك أصواتًا تساعد المشروع الإيراني من دون أن يعلموا من خلال جعل جميع الشيعة العرب في ميزان واحد وهو التبعية العامة للولي الفقيه في إيران، وهذا يساعد إيران في احتضان الشيعة العرب الرافضين للوجود الإيراني في المنطقة والتبعية لهم، حيث إن هناك الكثير من الشيعة في الوطن العربي ضد إيران بل حاربوها ولنا في حرب العراق وإيران مثال، وقال كل بيت عراقي شيعي قدم شهيدًا في حرب العراق ضد إيران، وهذه حقيقة، وإلى هذا الوقت القريب من بغداد وفي البرلمان العراقي هناك شيعة نادت (إيران برا برا)، بخلاف تمزيق الصور لخامنئي في البصرة والجنوب ومدن عراقية أخرى.
واستغرب الدكتور الحيدري وضع جميع الشيعة في خانة واحدة كعملاء لإيران في مجانبه للصواب، وقال «مثلما السنة فيها اتجاهات مختلفة (ليبرالية ومعتدلة ومتشددة) أيضاً الشيعة فيها الاتجاهات نفسها (ليبرالية ومعتدلة ومتشددة). وأوضح أن هناك شيعة عرب حقيقين ليسوا مع إيران وضدها في كل الجوانب، والادعاء مثل هذا خدم إيران من خلال مشروع التشيع حيث إنها تدعي أنها تحامي عن الشيعة في أنحاء العالم وأنها المرجع الأساسي للشيعة في العالم، وبإمكانها ضرب الشيعة في الصميم وقد فعلت من خلال ضرب الشيعة ببعضها في العراق والأحواز وفي مختلف المناطق العربية، وحتى وصل بها الأمر أنها ضربت الشيعة في إيران نفسها، وما يُعرف بـ ( المراقد المقدسة) في مشهد والعسكريين وقم ومن ثم استثمرتها، وقال للأسف إن الجناب الإرهابي من الشيعة العربية هي فئة قليلة وهي لها الصوت الأعلى والقوى الأكبر لأنها مدعومة من النظام الإيراني.
وأشار أن الخميني عندما أتى إلى إيران كان لديه مشروع وهو - للأسف - حقق هذه الأهداف من خلال السيطرة على أربع عواصم عربية، وقد استخدم في البداية شعارات نبيلة وهادفة تدغدغ مشاعر المسلمين بشكل عام، وهي الوحدة الإسلامية ومحاربة إسرائيل وأمريكا، وقد حج إليها في ذلك الوقت وفي البداية السنة والشيعة طمعاً في تحقيق هذه الأهداف الزائفة التي ادعى بها. وشدد الدكتور الحيدري على أن المشروع الإيراني يحمل من ضمن أهدافه المهمة والذي من أولوياته العقلية التاريخية الفارسية الإمبراطورية المتعصبة والعقيدة الدينية السابقة والتي أوقفها وحطمها المسلمون العرب، متأثرين بعظمتها كما يتوهمون وقد يظهر عليها العنصرية على الشيعة العرب والبلوش والأكراد والتركمان.
وشدد على أن المشروع الإيراني معقَّد في جوانب عدة ولكن بعد (39) عامًا من الظلم والطغيان والجور أن هذا النظام كبر وخرف وشاخ وهو الآن ضعيف إلى حد كبير، وأوضح أن المظاهرات التي حدث في إيران طبيعية وقد توقع حدوثها وصرح بها قبل شهرين بسبب الظلم الكبير الحاصل للشعب الإيراني حيث توقع انفجارهم وتحولهم إلى بركان في أي لحظة بسبب ما يمارسه النظام من إجحاف في حق الشعب سواء في البنى التحتية والتعليم والصحة والاستثمار المناسب في المواطن الإيراني وتوفير بيئة تتناسب مع اقتصاد ودخل إيران، بل العكس هي تستخدم أموال الشعب وتصدرها للخارج لمصلحة المشروع الخميني وتدمير الشعوب العربية وتفرقتها، وأصبح المواطن الإيراني على علم وأكثر دارية لما يحدث في إيران من قبل النظام المتسلط، وقد بدأت هذه المظاهرات في مشهد والمعروف أن مشهد لها خصوصية لوجود مرقد أحد الأئمة الأنثى عشر وهي مسقط المرشد الإيراني علي خامنئي وهو يحاول أن يزورها كل سنة ولكن ليس لديه قبول من كبار العائلة في مشهد ويتم إبرازه إعلامياً بأن يتم استقباله ويحظى بقول كبير ولكن هذا ليس صحيحًا بسبب توجهاته العقدية والسياسية, ومشهد هي جزء من خراسان وهي ليبرالية.
والثورة التي حديث في إيران الأخيرة مهمة جدًا وهي من كسر حاجز الخوف لدى الشعب الإيراني، إضافة إلى كشف هشاشة النظام وضعفه وعدم مقدرته في مقاومة الثورة، وهي لم تنطفئ ولكن هي ثورة كان لها أهدافها وتحققت والتي بدأ من قبل قم وطهران ومشهد وأصفهان، وهي النظام الإيراني المستبد، وقد وضح من خلال هذه المظاهر الخوف الكبير لدى النظام لفقده الكثير من أهدافه التي عمل بها طوال الـ (39) عاماً من أهمها أن التشيع سيذهب، وخروج قيادات في النظام لخارج البلد إضافة للاستجداء والاستنجاد بالحرث الثوري ومليشيات من لبنان والعراق وأفغانستان والعراق، وإيران تغيرت بعد هذه الثورة ليس كما هي قبل، وفي أي وقت قد تعود الثورة وهي بحاجة للدعم من قبل الجيش الإيراني إضافة لدعم دولي.
بعدها أُعطي الفرصة للحضور للمداخلة والأسئلة حول موضوع حلقة الندوة، بداها الأستاذة سمر المقرن الكاتبة في صحيفة الجزيرة والتي تناولت موضوع المعارضة الإيرانية ومدى تأثيرها في الحالة الإيرانية الحالية، وهل تكون البديل المناسب للنظام في حالة نجحت الثورة. حيث أكد الدكتور نبيل أن المعارضة الإيرانية سواء مجاهدي خلق أو غيرها لديه الحالة الفارسية الطاغية جدًا وهي ليست تصب لصالح العرب مستقبلاً.
وحول المشروع الإيراني في العراق علق د. الحيدري على مداخلة الأستاذ إدريس الإدريس الإعلامي المعروف ومقدم برنامج الأسبوع في ساعة، قال: يكاد أن يقتل هذا المشروع وهو تحول لمستنقع كبير لإيران ويجب عودة العراق للحضن العربي، من جهة قال عضو مجلس الشورى كوثر الأربش إن هناك من يريد أن يتبنى تغيير صورة الشيعة وتغيرها، حيث إن هناك الكثير من الشيعة المعتدلين والوطنين ويجب أن يكون هناك مؤسسات تعنى بتغيير الصورة المشوهة للشيعة العرب - على حد تعبيرها - والذي أخذ عنها اتبعاهم لإيران دون أوطانهم، وعلق على مداخلة الدكتور محمد السلمي بأن المشروع الإيراني ليس قوياً بل ضعيف ووصول إيران لهذا هو بسبب أن العرب تم اختراقهم لعدم تحصنهم من هذا النظام البائد والفاسد. من جهة علق د. الحيدري على سؤال د. جاسر الحربش حول من يعيشون في المهاجر من العرب وعليهم المسحة الدينية سواء شعية وهم مثقفون لماذا هذا الانجذاب للمشروع الإيراني، قال بسبب نوعية المجتمع الشيعي والذي يرتوي كثير من ثقافته من الحسينيات المنتشرة في المهاجر حيث إن أغلب الخطباء يتبنون الأفكار الإيرانية وتنفيذ المشروع من خلال هذه الحسينيات والتي تعتبر الملاذ الثاني بعد المنزل بالنسبة للشيعي.
وحول مداخلة أحد الحضور عن مصادر قوة إيران قال: استخدام الدين والتشيع الكبير التي أحدثت إيران إضافة إلى ضخ أموال الشعب الإيراني لصالح المشروع الخميني، وكانت أغلب المداخلة حول النظام الإيراني ومشروعها وكيفية إيقاف هذا المشروع، وتناولت المداخلات ضعف إيران في هذه المرحلة ووصولها إلى مرحلة النهاية من الانهيار، وأثرى من خلال هذه الندوة الكثير من المعلومات التي يملكها الضيف أو الحضور حول إيران ومراحل ثورة الخميني وحتى يومنا هذا وكيف استطاعت إيران أن توظف جميع ما تملك لمحاولة تفتيت العرب والسيطرة عليهم.
من جهة أخرى يذكر أن الدكتور نبيل الحيدري من مواليد بغداد عام 1960م تخصص في الدراسات الإسلامية والأدب العربي، درَّس في جامعات بغداد وبيروت ولندن، له بعض الكتابات والمؤلفات والدارسات الفكرية الأدبية، عاش أستاذاً في إيران لمدة ثمان سنوات بين جامعة طهران والحوزات الإيرانية (قم) (1981-1989م)، أمضى حياته العملية بالمشاركة في العديد من الندوات والمؤتمرات في أكثر من أربعين دولة على مستوى العالم. من أبرز الكتب والمقالات التي ألفها (إيران من الداخل) نقل فيه مشاهداته.