ورد ذكر الإبل في القرآن الكريم في مواضع كثيرة منها قوله تعالى: أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) سورة الغاشية.
كما وردت الإبل في كثير من الأحاديث الشريفة منها: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت). (رواه البخاري).
والناقة هي التي بركت في الموضع الذي اتخذ فيما بعد مكاناً للمسجد النبوي (القصواء) وكانت مطية الرسول -صلى الله عليه وسلم- في صلح الحديبية وعندما دخل مكة فاتحاً، وطاف عليها حول الكعبة معتمراً وكانت راحلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع. وما ذكرته أعلاه مدخل مختصر لأهميتها في الإسلام. أما مكانتها عند العرب منذ أقدم العصور المتتالية فلا تعد لها منزلة في العصر الجاهلي وكانت تسمى بالمال وكانوا يقيسون عز القبيلة وقوتها بعدد الإبل التي تمتلكها. والإبل رفيقة للإنسان العربي منذ القدم وهي سفينته عبر الصحراء وقد ورد ذكرها في المعلقات السبع قبل الإسلام من ذلك قول الشاعر لبيد بن ربيعة:
بطَليحِ أسْفارٍ تَرَكْنَ بَقيّةً
مِنْها فأحْنَقَ صُلْبُها وَسَنامُها
وإذا تَغَالى لَحْمُها وَتَحَسّرتْ
وَتَقَطّعَتْ بعدَ الكَلالِ خِدامُها
فَلَها هِبابٌ في الزّمام كأنها
صَهْباءُ خَفَ معَ الجَنوبِ جَهامُها
كما كان للإبل حضورها في كل مراحل الشعر الفصيح طيلة تتابع عصوره منذ ذلك الأمد والشواهد أكبر من الحصر والإشارة هنا لإحالة الباحث لا للتدليل على أمر بدهي ملء السمع والبصر.
ومن نماذج الشعر الشعبي التي وردت فيها أوصاف الإبل قول الشاعر الشيخ تركي بن حميد:
يا راكب من لفوق (حرٍ) ذعيري
(سبق الظليم) اليا تقافى بمرواح
(والظلم: ذكر النعام)
وقال الشيخ شالح ابن هدلان في مرثيته في أخيه الفارس الفديع بن هدلان:
تبكيه (وضحٍ) تالي الليل عجلات
ترقب وعدها يوم غاب الهلالي
والوضح: من المغاتير وهي ذات اللون الأبيض. ويقول الشيخ راكان بن حثلين:
ياراكب (حرٍ) تذوب سنامه
عليه نيٍ راكب نيه العام
ماصك لحيه في ليالي فطامه
وعظمه قويٍ من لبن كل (مرزام)
ومن أشهر الشعراء في قصائد الإبل الشاعر خلف أبوزويد الشمري وتحديداً في (الحمر) يقول:
من عقب ذا ياراكبٍ فوق (مذعار)
ما فوقه إلاَّ مزهبه مع شداده
(حمرا) سنا عينه تشادي سنا نار
تقلب كما المشهاب عقب السواده
عين العديم اليا سمع صيحة الجار
وعى وله عند الملازيم عاده
وامتدت أهمية الإبل في الشعر الشعبي إلى الشعراء المعاصرين الذين وثقوا ذلك في قصائدهم، يقول الشاعر بدر الحويفي الحربي، مبيناً مكانتها الكبيرة في الماضي والحاضر:
مقدارها عند المناعير مضمون
يومنها بين القبايل غنايم
ومنها قوله:
واللي عطوها حقها ما يلامون
بعناية البل مالحقهم لوايم
ويقول الشاعر خلف بن هذال:
(البل) لها في مهجة القلب منزال
(منايح) القصار سفن الصحاري
مراجلٍ يشقى بها كل رجَّال
افلاس بايعها نواميس شاري
ويقول الشاعر ناصر الفراعنة في الإبل:
بين (صفرا) (واشعلا) كنها طش الغراش
بين (ملحا) وبين (وضحا) تقل وجه امغبش
ومنها قوله:
كنهن روسٍ تحاذف غترها في اهواش
لا نحوهن عن هواهن وضاميهن جهش
والوان الإبل تنقسم إلى (المغاتير والمجاهيم) والمغاتير واحدتها مغتر وتنقسم إلى (الوضح والصفر والشعل) وأما المجاهيم واحدتها مجهم ذوات اللون الأسود (الملحاء والصهباء والزرقاء).
** **
- عبيد محمد العبيد البريذع الشمري