«الجزيرة» - غدير الطيار:
جاء قرار الملك سلمان الذي نص على تكوين لجنة لمكافحة الفساد برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد وتتبع كل قضية فساد، ليحدث في البلاد صدى واسعاً لدى جميع المواطنين، حيث قالوا بكل أمانة إنهم فرحوا بهذا القرار، وهذا التوجه الذي يحقق - بإذن الله - الرقي والتطور لبلادنا. في هذا الموضوع تحدث أ.د. ثاقب بن عبدالرحمن الشعلان رئيس الجمعية السعودية لطب أسنان الأطفال عميد كلية طب الأسنان سابقا الأستاذ في جامعة الملك سعود قائلا: تسابق الدول في الرقي والارتقاء بأنظمتها وسياساتها الداخلية والخارجية لتحقيق غايات وأهداف. مؤكداً الشعلان أن تجارب الأمم الناجحة السابقة والحديثة أنبأت أن من أهم عوامل نموها وتقدمها حرص قياداتها على تأصيل مبادئ العدل والمساواة مبيناً أن استمرار ظاهرة الفساد بكافة أشكاله كان أحد الأسباب لانهيار الاقتصاد والنظام في الدول التي شاعت بها هذه الظاهرة على مر العصور.
وأشار الشعلان أنه من نعم الله سبحانه وتعالى على وطننا أن ألهم ولي أمرنا وقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزبز آل سعود وتوجيهه لولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بالعمل على مراجعة ما تم خلال أكثر من ثلاثين عاماً من قضايا فساد مالي أو إداري أو غيرهما من أشكال الفساد ومحاسبة من تثبت عليه الإدانة في تلك القضايا كائناً من كان، فزاد المواطنون المخلصون (وهم الأكثرية ولله الحمد) ثقتهم بالله أولاً ثم بقيادتهم واطمأنت نفوسهم بأن «الحق أحق أن يتبع». وبتوجيه من قيادتنا أيدها الله بنصره ستستمر حملات المتابعة والمراجعة والتدقيق والمساءلة ليعلم أهل الصدق والإخلاص أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}.
وفي ذات السياق قال لواء طيار ركن عبدالله القحطاني لا يمكن لأي دولة وأي مجتمع يسعى لتطوير حياته وبناء حضارته وإنجاز تنمية شاملة وطنية في ظل غياب القواعد والأنظمة الرسمية والمجتمعية التي تراقب وتأخذ في الاعتبار أن الفساد بأنواعه ينمو ويترعرع ثم يهيمن ويسيطر على أي بيئة والفساد يرتبط دائماً بأي حركة إنسانية تطويرية تسعى للتغيير الإيجابي وبناء المجتمع ومؤسساته وبناء الفرد الذي هو أساس الدولة.. ومن هنا يتضح أثر الفساد على التنمية وعلى الفرد والمجتمع وعلى هياكل الدولة ومؤسساتها، والمجتمع بأكمله مؤكدا أهمية مقاومة مسببات الفساد والكشف عن أساليبه وحيله والأهم من ذلك هو الوقوف بوجه كل من يُشك في أنه من مرتكبي أي جريمة فساد والتبليغ عن ذلك من خلال الجهات الرسمية، وهذا الإجراء المأمول من المواطن الصالح هو أهم حتى من دور الجهات الرقابية الرسمية التي تحارب الفساد مبينا أهمية دور المواطن بأنه هو الأشمل والأهم والأقرب للحدث نفسه وهو نفسه ضحية لذلك الفساد، والمواطن هو عين الوطن ومؤسسات الدولة وهو السلاح الأقوى الذي يخشاه من يخططون وينفذون الفساد بأنواعه. ومن الإنصاف الإشارة إلى أن المواطن في المملكة العربية السعودية له جهود عظيمة تقدرها له القيادة والحكومة بشكل عام حيث إنه هو الصخرة الصلبة والثابتة لإحباط الكثير جداً من عمليات الفساد المختلفة التي تشمل الجوانب المالية والاقتصادية وفي مجالات متعددة تشمل الفساد الإداري والعبث بأوقات العمل وإفساد الإنتاجية وتخريب المخرجات النهائية التي تسعى الدولة إلى رفع مستواها في شتى مناحي حياة واحتياجات ومتطلبات المواطن السعودي الكريم، وهذه الجهود على أهميتها وقيمتها العالية إلاَّ أنها تتطلب تطوير ملاحقة الفساد ومعرفة كافة الحيل والوسائل التي يستخدمها الفاسدون ليتمكنوا من تنفيذ جرائمهم.
ومن جانب آخر تحدثت مساعد مدير عام أكاديمية المركز الوطني للحوار الأستاذة فاطمة القحطاني قائلة بات واضحا أن السلوك الأخلاقي أصبح قراراً وطنياً يجب حمايته ورعايته على مختلف الأصعدة، وهو السلوك الذي يجسد الجوانب الأخلاقية والقيم الإسلامية والذي يستهدف مصلحة الناس ويحافظ على حقوقهم الأساسية بعيدا عن تحقيق المصالح الشخصية المباشرة.
على أن الواقع أحيانا يكشف عن بعض السلوكيات التي لا تمثل السلوك الأخلاقي لاسيما في المجال الإداري أو المالي، ومن هنا فيمكننا أن نصنف كل سلوك لا أخلاقي في هذين المجالين بأنه نوع من الفساد المالي أو الفساد الإداري ويندرج تحته إساءة استخدام الموارد المادية والمالية وأيضا البشرية وتسخيرها للمصالح الشخصية وتوجيه النظام لهذا الاتجاه. مؤكدة أن المحافظة على الحقوق واجب يحقق بتوفر ضمان الثقة، ومن نافلة القول بأن السلوك اللاأخلاقي أو الفساد بأشكاله للأفراد يتأثر بأساليب التربية والتنشئة الاجتماعية، فمن الطبيعي أن نجد فردا لم ينشأ في ظل منظومة سلوكية راشدة وصارمة أن لا يتماشى سلوكه مع القواعد الأخلاقية وأن يمارس السلوك الأخلاقي في عمله، ونجد أن الأفراد الذين يقومون بأي سلوك لا أخلاقي يحاولون تقديم مبررات ليقنعوا أنفسهم بمشروعية هذه السلوكيات وبصحة ما يعملون. إن تبرير السلوك الاأخلاقي غالبا يأتي في إطار أربعة تفسيرات وهي:
(الاعتقاد بمشروعية السلوك -أو التقليد والمحاكاة -الاعتقاد بعدم اكتشاف السلوك-أو الشعور بالحماية) وقد كان في قرارات العدل في مملكة الحزم الرد على كل الأطر الأربعة لتبرير الفساد أو اتباع السلوك اللاأخلاقي مما يجعلنا نؤمن بأن العدل والمساواة والحرية والأمانة والصدق هو عنوان المرحلة القادمة لنهضة تنموية شاملة.
كما تحدث لـ«الجزيرة» استشاري الأمراض الباطنة والصدرية وعناية الحالات الحرجة للكبار والمشرف على برنامج الزمالة السعودية للعناية الحرجة بمستشفى النور التخصصي الدكتور قاسم الخطيب قائلا مكافحة الفساد هو حجر الأساس لبناء دولة قوية ومتينة تكون في مقدمة الدول العظمى فجميع المقومات موجودة ولله الحمد من قيادة حكيمة وشعب مخلص معطاء وأمن وأمان.
فالفساد والمفسدون كانوا على مر العصور سبب ضعف وهشاشة أي مجتمع حيث يلجؤون لشتى الوسائل للوصول لغايتهم مؤكدا أهمية معالجة الفساد لأننا لا نريد أن يكون بيننا مريض بهذا الوباء الذي يلطخ الدولة ككل ويلوثها وختم الخطيب حديثه، نشكر حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهدة الأمين على جهودهما في تحقيق العدل ومتابعة المفسدين ولبناء وطن وأجيال آمنة.