«الجزيرة» - متابعة محمد المنيف:
استمرارا في خطواته العالمية يقيم الفنان احمد ماطر حالياً معرضه الفوتوغرافي الجديد الذي يحمل عنوان رحلات مكة»، يقدّم من خلاله نظرةً عميقة لما يتم من تطور لمدينة مكة المكرمة، عبر نظرة إبداعية بعين فنان متمكن من أدواته ومن فكره في كيفية التعامل مع نظرته المتعمقة والمغايرة التي تتبع بها التغيرات المتعاقبة في شتى أرجاء مدينة مكة المكرمة كما يقول ، سجل بها معالم الزمان والمكان عبر صورة مركبة عن مظاهر إعادة التنمية الحضرية وتحولاتها والتأثيرات المباشرة لأعمال التشييد الحاضرة على أرض هذه المدينة المقدسة.
وقد بدأ الفنان ماطر مشروعه التوثيقي كما أشار في بيان معرضه منذ عام 2008، في مسعى منه ليكون شاهد عيان على التوسع الاستثنائي وأعمال الهدم والبناء الحديث في مكة المكرمة. وسوف يضم المعرض الجديد صوراً شاملة للمدينة، وأُخرى تُقرب للمشاهد وأهلها وسكانها، وتظهر تنوع الأعراق والجنسيات والثقافات، كما يشمل المعرض مقاطع فيديو، وعملا نحتيا، وآخر تركيبيا يبرز موقع الكعبة المُشرّفة في قلوب المسلمين، بصفتها قبلة ملايين المصلين في كل جزء من العالم، إضافة إلى العمرة والحج، بجانب رصد الفنان ماطر لطبيعة للمعيشة اليومية وظروف عمل المقيمين الدائمين في مكة المكرمة. وتأتي الصور في المعرض كإنتاج فني مستوحى من كتاب ماطر «صحراء فاران: تواريخ غير رسميّة حول التوسع الشامل في مكة المكرمة»، «دار لارس مولر» للنشر 2016، والذي رصد سنوات طويلة من الترحال لأصوات وتجارب ونشاطات سكان وحجاج مكة المكرمة في منظور جديد.
ويكمل الفنان ماطر إشاراته عن صحراء فاران أنها تعكس تاريخاً غير رسمي لمنظومة الحياة بمختلف أوجهها وأزمنتها في مكة المكرّمة، وضمن الحراك المستمر للمسلمين القادمين إلى المدينة من كل أصقاع الأرض. وتوثق سلسلة الصور تطور مظاهر الرفاهية في المدينة من خلال صور لغرف الفنادق الفاخرة ذات الإطلالات الساحرة على برج ساعة مكة المكرمة، فضلاً عن الصور التي تقدّم لمحة عن حياة العمال في مواقع البناء والإنشاءات، ومن بينهم عدد كبير من مسلمي الروهينجا الذين هاجروا قسراً من ميانمار (بورما سابقاً) إلى مكة المكرمة على مدى عقودٍ من الزمن كما يضم المعرض مقطع الفيديو «الأوراق تتساقط في كل الفصول» (2013)، يتضمن صوراً متنوعة تم التقاطها باستخدام الهواتف المحمولة، والتي ترصد اللحظات المثيرة عند قيام أحد العمّال بتركيب الهلال الذهبي فوق برج الساعة الملكي في مكة المكرمة ما يعتبره العمال لحظات محورية في حياتهم.
حول المعرض تحدثت المشرفة على المعرض كبيرة القيمين الفنيين في «مركز إليزابيث ساكلر للفن النسوي»، السيدة كاثرين موريس قائلة «تعتبر مكة المكرمة أهم مدينة يزورها المسلمون من شتى أنحاء العالم، وقد طُلب مني الإشراف فنياً على هذا العمل لكونه يمثل نافذة إلى وجهة مقدّسة وتجربة ثقافية لا يتسنّى للكثيرين في العالم فرصة اختبارها على أرض الواقع. وقبل أن يصبح أحمد ماطر فناناً، عمل كطبيب متخصص بصحة المجتمع؛ ولكن اهتمامه اللافت بتأثير الرفاه والصحة على المستويين الفردي والاجتماعي - كما هو واضح في هذه المدينة التي تتغير بوتيرة متسارعة - يجعل من معرضه هذا أشبه بعمل توثيقي وثقافي واعد وتجربة استكشافيّة وشخصية للغاية».