«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
بلغ إجمالي السعوديين الباحثين عن عمل نحو 907 ألف فرد من واقع بيانات السجلات الإدارية للربع الأول 2017م». وأعلنت نشرة هيئة الإحصاء مؤخراً أن معدل البطالة لإجمالي السكان السعوديين من 15 سنة فأكثر بلغ خلال الربع الثاني من 2017 12.8 % بواقع 7.4 % للذكور 33.1 % للإناث. وقد أشارت دراسات متنوعة سابقة إلى أن نسبة كبيرة من المتعطلين هم من حملة المؤهلات الجامعية.
ومن ناحية أخرى، فقد برزت على السطح منذ 10 سنوات تقريباً، توجهات رسمية لبناء وإيجاد ثقافة العمل الحر، أو بالأحرى التثقيف حول ريادة الأعمال، وظهرت مراكز بحثية وبرزت مقررات أكاديمية متعددة لترسيخ مفاهيم الاستثمار الحر لدى الشباب. إلا إن ذلك لم يعد كافياً، لأن هذا التثقيف يجيء من باب أكاديمي، نكتشف بعدها أن الخريجيون هم في تخصصات إدارية وتجارية، وأنهم ينتظرون التوظف، وينضمون لطابور المتعطلين.
فالجدول «المرفق» يوضح أن تخصص الأعمال التجارية والإدارة يمثِّل 40.3 % من إجمالي الخريجين بإجمالي عدد 69.6 ألف طالب وطالبة، وأن نسبة الإناث فيهم تصل إلى 37.7 %، وهي نسبة عالية. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل الخريج اكتسب خبرات للعمل الحر؟ أم أنه مؤهل للعمل الحر؟
بالطبع هو مؤهل أكثر من أقرانه للعمل الحر، ولكن التجارب تشير إلى أن النسبة العالية من هؤلاء الخريجين ينضمون لطابور الباحثين عن عمل، ولا يتجه إلى العمل الحر إلا نسبة قليلة منهم، كمستثمر شاب يمتلك عملاً.
وحدة أبحاث «الجزيرة» تطرح رؤية جديدة، ربما تكون أثيرت من قبل، ولكن لم تنل الاهتمام الكافي في التركيز عليها، وهي إيجاد مسارات أكاديمية خاصة بالعمل الحر أو بشباب الأعمال، بحيث يكون مفهوم من البداية أن هذا المسار هو لإيجاد مستثمر أو شباب أعمال وليس لإيجاد خريج يبحث عن عمل.
نحن نعطي للطلاب حزمة أكاديمية وتطبيقية متنوعة وكافية لكي يتمرن على كيفية بناء وتأسيس مشروعه الخاص. فالواقع التطبيقي يشير الآن إلى أن بيئة الأعمال في المملكة في ظل رؤية 2030 تتيح الإمكانات والبيئة المناسبة للعمل الحر، ولكن نسبة الإقبال عليه لا تزال غير مرتفعة. والسبب عدم الإلمام بكافة المزايا والتسهيلات المتوافرة في البيئة الاقتصادية والسوقية المحلية. ناهيك عن المبالغة في تقدير حجم المخاطرة المرتبة عن العمل الحر لدى الشباب السعودي. فضلاً عن افتقاد القدرة على معرفة والوصول إلى المشروعات الأنسب حسب تخصصاتهم وكفاءتهم والأسواق التي يقيمون بالقرب منها.
إنها معايير واشتراطات مختلفة ومتعددة يحتاج الشباب للتعلّم والتدريب عليها، وهي تستحق أن تكون مساراً أكاديمياً مستقلاً ومنفصلاً، فالخريج في هذا المسار قد يكون قادراً على العمل لدى شركة خاصة أو حتى لدى الحكومة، ولكن الخريجين في المسارات الأكاديمية الحالية قد لا يكونون مؤهلين بشكل كامل ليكونوا ضمن شباب الأعمال. لذلك، فإن المسار الأكاديمى المقترح لشباب الأعمال قد يكون مناسباً ومهماً ومطلوباً للفترة الحالية، وإن لم يقدم منافع جليلة، فإنه لن يضر في شيء.
لقد طرحت رؤية 2030 أفكاراً ورؤى عديدة، يقع من ضمنها الحلول غير التقليدية للبطالة، ونرى أن إيجاد مثل هذا المسار الأكاديمي لإيجاد خريج مستثمر يقع على قمة هذه الحلول غير التقليدية.