فهد بن أحمد الصالح
نؤمن كثيراً بالجهود التي تبذلها الأندية الأدبية ونقدر لمجالس إداراتها والإدارة التنفيذية فيها ما يقدمونه ونشكرهم عليهم ونستاء كثيراً من الحضور المتدني لفعاليتها وندواتها وأنشطتها, وندعو باستمرار إلى إجراء دراسات واستفتاءات واستبيانات توضح لنا بعد تحليلها أسباب العزف وضعف التفاعل من المجتمع عامة ومن الأدباء على وجه الخصوص حتى تعالج أو يصار إلى التغلب عليها مرحلياً لنجد فيما بعد تفاعلاً مهنياً وحضوراً مجتمعياً يثري الحركة الأدبية والثقافية للأندية مع ضرورة تدخل الجهات المسؤولة عنها التي كانت في السابق بين رعاية الشباب ثم وزارة الثقافة والإعلام والآن أصبحت مظلتها مع الهيئة الثقافية الوليدة حديثاً منتظرين لاشك ماذا ستقدمه الوزارة للهيئة من عون معنوي ودعم مالي يعين ويمكن الأندية من إحداث نهضة أدبية توازي العدد الهائل من الأدباء والمفكرين والشعراء وأصحاب القلم وأهل الهواية وكتاب القصة وحملة الموروث والتراث الوطني ويساند بفاعلية العدد الكبير للأندية واللجان الأدبية لعموم المناطق والمحافظات.
بعد هذا المدخل الذي يعكس بصورة جلية وواضحة واقع النشاط الأدبي الرسمي عبر الأندية الأدبية والذي لا يحضر فعالياته وبرامجه ومحاضراته وأمسياته إلا الأحاد من المهتمين نجد أن الصالونات الأدبية الأسرية والأمسيات التي يقيمها الوجهاء والأدباء في منازلهم يُعد الحضور فيها بالعشرات وربما نتجاوز ذلك العدد إذا كان الضيف من البارزين في علم أو أدب أو هواية أو صاحب جماهيرية طاغية في وسائل التواصل الاجتماعي, وهنا نقول بصدق أين دور الأندية الأدبية من دعم الحراك الأدبي في المجتمع ومساندته وابرازه وتدوينه ومتابعته ونشره والتعريف به, ولعلي أقدم رؤية خاصة للاستفادة من هذا الحراك المجتمعي الهام جداً, كذلك لعل الأندية الأدبية تعيد قراءة المشهد من جديد وتعدل استراتيجيتها وعدم انتظار الأديب أو المثقف أو حتى الهاوي والمستمع حتى يأتيها ويبحث عن برامجها وعليها أن تكون حيث وجد كي تستطيع أن تدعوه حيث تريد لأن هناك بُعدا واضحا وانفصالا في العلاقة يكون أوضح وفق الإضاءات التالية:-
1 - إطلاق مبادرة من النادي الأدبي في كل منطقة من مناطقنا ولكل الراغبين في إنشاء دواوين أدبية أن يتقدموا لأخذ ترخيص من النادي الأدبي وفق إجراءات تنظيمية بسيطة وغير معقدة حتى لا نمنع انتشارها أو نحد من الموجود منها.
2 - بناء تطبيق إلكتروني على أجهزة الجوال التي أصبحت في أيدي الجميع يمكن من خلاله معرفة الضيف في كل ديوان أسري وموضوع الندوة أو المحاضرة والأمسية والوقت ويتوجه المهتم عبر الموقع الموسوم في التطبيق للحضور.
3 - تصميم قاعدة بيانات تضم الفاعلين من الأدباء والكتاب والشعراء وأصحاب التجارب التنويرية المختلفة والذين يرغبون في زكاة علمهم وتقديم تجربتهم والنفع للآخرين وضمن القاعدة السيرة الذاتية ووسائل التواصل المختلفة وغيرها.
4 - في حال عدم وجود ضيف لأحد الدواوين فإن النادي الأدبي من باب المساندة والدعم يتولى الاتصال مع من هم في قاعدة البيانات ليعرضهم على صاحب الديوان الأدبي لكي يختار ما يناسبه ويتولى النادي التنسيق والمتابعة لمشاركته .
5 - يتولى النادي الأدبي إصدار كتاب دوري نصف سنوي أو سنوي يرصد فيه الحركة الأدبية لتلك الدواوين ويقيمها ويقومها ويوجهها لما يخدم المجتمع ويرفع من ذائقه الثقافية ويشجعه لتنويع ثقافته وتقديم ما يفيد في المكان الذي يختار .
6 - إطلاق جائزة سنوية لأفضل ثلاثة دواوين وتسمية لجنة محايدة للفرز والترشيح وتوضع لتلك الجوائز محددات دقيقة ترتبط بالموضوع والضيف والحضور والاستمرارية والالتزام بالتواصل المعلوماتي مع النادي فيما يطلبه منهم .
7 - التشجيع على إطلاق الدواوين النسائية وخدمتها بمثل ما تخدم به الدواوين الرجالية فالمرأة اليوم لا تقل ثقافة ولا علماً ولا حضوراً عن الرجل وحاجتها إلى تنمية ثقافتها كبيرة جداً ولا تجد المكان الذي تذهب إليه وتستفيد منه .
8 - إشراك القطاع الخاص لرعاية تلك الأنشطة مثلما أشرك نادي الرياض الأدبي بنك الرياض في جائزة كتاب العام وأشركه نادي القصيم الأدبي في أفضل قصة خصصت للنساء فالقطاع الخاص يحمل ثقافة مختلفة للمسؤولية الاجتماعية.
وفي الختام, نؤمن جميعاً أن التقليدية لا تصنع التطور ولا نستطيع أن نواكب بها المستقبل وكما قيل سابقاً إذا لم تتقدم فستتقادم وهو الحال للأندية الأدبية في وطننا الكبير التي لم تفكر خارج الصندوق منذ عقود ويكفي أن نقول إن بعض الصالونات والدواوين أكثر تأثيراً في الحركة الأدبية في المجتمع من الأندية المعنية بذلك بل إن المثقفين ينتظرون الدعوة من بعض الدواوين الأسرية ليتحدثوا فيها ويعتبرون تلك الدعوة تكريماً لهما مثلما نقول عن اثنينية الأديب عبدالمقصود خوجة أو ثلوثية الشيخ حمد الجاسر رحمه الله أو أحدية الدكتور راشد المبارك رحمه الله وغيرها الكثير, وهنا لابد من تقديم شكر المجتمع للقائمين على سبتية الجاسر وأحدية العبدلي واثنينية الذييب وثلوثية المشوح واربعائية السديري والمريبض وكلها مجتمعة وغيرها الكثير قد أنتجت لنا في المدن حراكاً أدبياً متنوعاً فاق ما أنتجته الأندية الأدبية مجتمعة, وكان لأهلها مبادرة سجلتها ثقافة المدن لهم وقدموا لكل الحضور ابتسامة وأريحية وترحاباً وضيافة يستحقون عليها شكر المجتمع, ولعل الحال اليوم وغداً يكون مختلفاً مع الهيئة الثقافية التي نتوقع أن تكون الانطلاقة فيها مختلفة, فالتقليدية الثقافية المعتادة أصبحت غير مألوفة مع تطور وحداثة وسائل العصر وأدواته.