استبشر المسلمون في أصقاع الأرض بصدور الأمر السامي الكريم من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بإنشاء مجمع باسم (مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف)، يكون مقره المدينة المنورة، ويكون للمجمع مجلس علمي، يضم صفوة من علماء الحديث الشريف في العالم، ويُعيَّن رئيسه وأعضاؤه بأمر ملكي.
ولقد جاء في حيثيات الأمر الملكي الكريم أنه نظرًا لعظم مكانة السنة النبوية لدى المسلمين؛ كونها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، واستمرارًا لما نهجت عليه هذه الدولة من خدمتها للشريعة الإسلامية ومصادرها، ولأهمية وجود جهة تعنى بخدمة الحديث الشريف وعلومه جمعًا وتصنيفًا وتحقيقًا ودراسة، فقد صدر الأمر السامي الكريم بإنشاء (مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف).
ولا شك أن صدور هذا الأمر الملكي الكريم بإنشاء هذا المجمع يأتي امتدادًا لخدمة هذه الدولة المباركة للشريعة الإسلامية وللإسلام والمسلمين ولمصدرَي التشريع الإسلامي (القرآن الكريم والسنة النبوية).
فهذه الدولة المباركة قامت على منهاج واضح من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السياسة والحكم والدعوة والاجتماع. وهذا المنهاج هو الإسلام عقيدة وشريعة. ولقد كان من أعظم نصوص النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية أن (المملكة العربية السعودية دولة عربية وإسلامية، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولغتها هي اللغة العربية).
وفي المادة السادسة من النظام الأساسي للحكم أن (الحكم في المملكة العربية السعودية يستمد سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهما الحاكمان على نظم الحكم، وجميع أنظمة الدولة).
ولقد كان الأمر السامي الكريم من مقام خادم الحرمين الشريفين بإنشاء (مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف) بلسمًا على قلوب المؤمنين في أرجاء المعمورة؛ لما تضمنه الأمر الكريم من الإشارة إلى عظم مكانة السنة النبوية؛ كونها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، والتشديد على أن ذلك هو استمرار لما نهجت عليه هذه الدولة المباركة من خدمتها للشريعة الإسلامية ومصادرها الأصيلة.
ونحمد الله تعالى على إنشاء هذا المجمع في هذا الوقت الذي الحاجة فيه ماسة لتوثيق السنة النبوية وعلومها ونشرها وجمعها وتحقيقها ودراسة نصوصها.
وهذا المجمع امتداد للاهتمام الكبير من مقام خادم الحرمين الشريفين بالشريعة المطهرة ومصادرها الأصيلة منذ نشأته على يد والده المؤسس الملك الصالح عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-؛ إذ حفظ القرآن في مقتبل عمره، فكان القرآن الكريم منهج حياة لمقامه الكريم. ولا شك أن الاهتمام بالسنة النبوية ونشرها وتوثيقها من أجل وأعظم الأعمال عند الله تعالى، وهو من العلم الذي ينتفع به، والصدقة الجارية التي تبقى للعبد ذخرًا له عند الله تعالى مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، وهي كذلك من أعظم أبواب الخير والدعوة مصداقًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من دعا إلى هدى فله من الأجور مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا».
ونحسب - إن شاء الله تعالى - أن خادم الحرمين الشريفين بإنشائه هذا الصرح العملاق والمجمع الكبير داخل في قوله - صلى الله عليه وسلم-: «نضّر الله امرأ سمع منا حديثًا فبلّغه كما سمعه، فرُبّ مبلَّغ أدعى من سامع». وهو كذلك من حفظ السنة النبوية، والسنة النبوية المطهرة من الوحي الذي أُنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ...}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه». وقد تكفل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم والسنة المطهرة بقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. ولا شك أن مجمع الملك فهد - رحمه الله تعالى - لطباعة المصحف الشريف ومجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف من أعظم الأسباب التي وفق الله تعالى قيادة هذه البلاد المباركة لها لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية، وهو تأكيد لما قامت عليه رؤية المملكة العربية السعودية 2030م؛ إذ نصت على أن مكانتنا في العالم الإسلامي ستمكننا من أداء دورنا الريادي كعمق وسند للأمتين العربية والإسلامية.
فنسأل الله تعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأن يجزيه خير الجزاء وأوفاه كفاء ما قدم ويقدم للإسلام والمسلمين وللحرمين الشريفين وخدمة للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يجعل قيام هذا المجمع في ميزان حسناته يوم يلقى الله تعالى، وأن يبارك في عمله وماله ووقته، وأن ينصر الله - عز وجل - بخادم الحرمين الشريفين دينه وكتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وعباده المؤمنين، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
** **
د. عبدالله بن محمد الصامل - وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للتخطيط والتطوير والجودة