خالد بن حمد المالك
يؤسفني أن أصف نظام تميم في قطر بأنه نظام يكذب ويمكر ويخادع، ولكن ما حيلتي أمام هذه المستجدات في سلوكه الذي يرسخ به من جديد الانطباع على أنه نظام لا يوثق به ولا يُعتمد عليه ولا يُنظر إليه إلا على أنه بهذه الصورة من عدم الالتزام بما يقوله أو يوافق عليه.
* *
فقد أسعدنا اتصال الشيخ تميم بالأمير محمد بن سلمان واستجابته وإنْ جاءت متأخرة للتراجع عن عناده، وقبوله بحث المطالب الثلاثة عشر، في بادرة قلنا إنها مشجعة لتليين موقف الدول المتضررة من الإرهاب القطري وتدخلها في شؤونها الداخلية، بما جعل المملكة تسارع بإصدار خبر أو تصريح لطمأنة الشارع الخليجي والعربي بشكل غير مباشر، وبما يوحي بأنّ الأزمة في طريقها للحل، وأنّ التفاصيل سوف يعلن عنها لاحقاً.
* *
خبر اتصال الشيخ تميم بالأمير محمد كان قد حمل مضامين ودلالات أهمها: أنّ الاتصال تم من تميم وليس من محمد، وأنّ الرغبة بالجلوس على طاولة الحوار إنما هي رغبة قطرية رحبت بها المملكة، وأنّ المملكة لا تملك القرار منفردة للموافقة على رغبة تميم إلا بعد الرجوع إلى شركائها، وكذلك فقد تعمّد خبر الاتصال أن يشير إلى أنّ الهدف من الحوار أن يحقق ويضمن مصالح الجميع بما فيها قطر، وكنا بانتظار التفاصيل التي وعد بها خبر الاتصال للوصول إلى حل للأزمة القطرية، غير أنّ قطر كان لها رأي آخر.
* *
فما كادت المملكة تعلن عن هذا الاتصال بروح من الأخوّة، حتى سارعت قطر بالالتفاف عليه، وتحريفه، ومحاولة تكذيب ما ورد فيه، فقد زعم النظام القطري من خلال تصريحه لوكالة الأنباء القطرية بأنّ الاتصال جرى بين الشيخ تميم والأمير محمد بناءً على تنسيق من الرئيس الأمريكي، وأنّ الأمير محمد بن سلمان اقترح تكليف مبعوثين لحل الأمور الخلافية، بما لا يمس سيادة الدول، أي أنّ وكالة الأنباء القطرية الرسمية تجنّبت أي إشارة إلى أنّ الاتصال تم من قِبَل تميم، وادعت أنّ الاتصال تم بتنسيق من الرئيس الأمريكي باتصاله بالطرفين، ولم ترد أي إشارة إلى المطالب الثلاثة عشر، مع اعتبار الوكالة أنّ الأزمة خليجية وليست قطرية.
* *
رد المملكة جاء سريعاً وحاسماً وقوياً، وألجم نظام تميم بما لم يخطر على باله، فقد صدر تصريح لمصدر سعودي مسؤول في وزارة الخارجية، بأنّ ما نشرته وكالة الأنباء القطرية، لا يمت للحقيقة بصلة، وأنّ نشره إنما هو استمرار لتحريف السلطة القطرية للحقائق، وأنّ الاتصال كان بناءً على طلب من قطر، وهي من طلبت الحوار مع الدول الأربع حول المطالب الثلاثة عشر، وأنّ كل هذا يدل بشكل واضح على أنّ السلطة القطرية ليست جادة في الحوار، ومستمرة بسياساتها السابقة المرفوضة.
* *
وفي ضوء هذه الأكاذيب والمماطلات، أعلنت المملكة بأنه ليس لديها أي استعداد للتسامح مع تحوير السلطة القطرية للاتفاقيات والحقائق، وذلك بدلالة تحريف مضمون الاتصال الذي تلقّاه سمو ولي العهد من أمير دولة قطر بعد دقائق من إتمامه، ما جعل المملكة تؤكد بأنّ تخبُّط السياسة القطرية لا يعزز بناء الثقة المطلوبة للحوار.
* *
وفي ظل أكاذيب نظام تميم أعلن المصدر المسؤول في وزارة الخارجية أيضاً عن تعطيل أي حوار أو تواصل مع السلطة في قطر، حتى يصدر منها تصريح واضح توضح فيه موقفها بشكل علني، وأن تكون تصريحاتها بالعلن متطابقة مع ما تلتزم به، ما يعني أننا أمام نظام معاق ومريض وكذاب، ولا يحسن أن يتعامل بما يجنبه وبلاده الأخطار التي تخطط لها القوى المعادية لقطر ولأشقائها.
* *
لقد كنا نظن بدءاً عند اتصال الشيخ تميم بالأمير محمد، بأنّ الخطوة الأولى لحل الأزمة القطرية قد بدأت، وأنّ العقدة التي يعاني منها نظام تميم في طريقها لأن تأخذ مسارها الصحيح إلى العيادة المتخصصة لهذا النوع من الأمراض، غير أنّ ما نشرته وكالة الأنباء القطرية أثبت أننا أمام نظام لا تكفيه المسكنات، ولا ينفع معه التسامح، ولا يفيد فيه معاملته كطفل قاصر، فقد بلغ السيل الزبى في تقبل نزاوته وإرهابه وإصراره على الإضرار بدولنا ومواطنينا، ولهذا كان موقف المملكة بهذه القوة والحزم والتصميم مع من لا ينفع فيه إلا هذا الأسلوب لتأديبه.