د. محمد عبدالله الخازم
الحقيقة التي لا نستطيع إنكارها في تعليم المهن الصحية كالتمريض وتخصصات العلوم الطبية التطبيقية، هي ضعف الجانب التطبيقي السريري، ولذلك أسباب عديدة لا نريد التوسع فيها حتى لا يكون المقال درساً في التعليم الطبي. المؤسف أنّ الضعف أصبح ثقافة سائدة ينسخها الغالبية من بعضهم البعض! سأطرح العلاج الطبيعي، كنموذج، وهو أحد التخصصات ذات المخرجات العالية العدد، باعتباره من المهن التي أقبل عليها الشباب والشابات مبكراً ولتعليمها في أغلب الجامعات والكليات.
عطفاً على ذلك ارتفع عدد حملة الدراسات العليا فيها بشكل مضطرد، وهذا أمر إيجابي حين يكون في القطاع الأكاديمي، وحين يتيح تجديد الفكر المهني - بالذات على مستوى درجة الماجستير - وتعويض المهنة، عن توجُّه بعض قدمائها نحو مجالات أخرى، ومنهم كاتبكم الذي تخلى عن الممارسة المهنية واتجه نحو الجانب التعليمي والثقافي. الإشكالية هي أنه رغم إدراكنا مسألة الضعف في الجوانب السريرية لا زلنا نريد التوسع في برامج الدراسات العليا النظرية، بما في توجه أكثر من جامعة نحو تأسيس برامج دكتوراه في التخصص.
الدكتوراه، وبالمعيار الأكاديمي مهمة في المجال الأكاديمي وتناسبنا نحن الأكاديميين كونها ضمن اهتمامنا بالبحث، وتمنحنا برستيجنا الأكاديمي وتساعدنا على الترقيات والنشر العلمي، وربما تساعدنا في الحصول على بعض المنح البحثية ... الخ. للأسف هذه جزء من أنانية الأكاديمي، الذي يعمل في ما يشبع رغبته وليس في ما تحتاجه مهنته من تطوير، ودون طرح السؤال؛ هل الدكتوراه تساعد في ردم الفجوة التعليمية لهذا التخصص، وأقصد تلك التي أشرنا إليها؛ المهارات السريرية؟
وجهة نظري التي أطرحها ولست أخترعها، أستعيرها من نماذج شمال أمريكا، حيث هناك تحول جذري في تعليم التخصصات الصحية وكان الأجدر بنا الاستفادة منه. التوجه في أمريكا هو إيجاد برامج زمالة في التخصصات الصحية كما هو في الطب، تمتد من سنتين إلى أربع سنوات. طبعاً أقدر عدم حماس بعض الزملاء لهذا التوجه عطفاً على عدم تعرفهم عن كثب على التجربة الأمريكية. نحن بحاجة إلى زمالات مهنية يتم التدريب فيها على رأس العمل. بعض جامعاتنا تبنّت المدرسة الأمريكية في تدريس البكالوريس (دكتور علاج طبيعي)، وكان يفترض أن نأخذ (النموذج) بكاملة وليس لمرحلة واحدة. مع تحفظي على أنّ تطبيق برنامج دكتور علاج طبيعي في بعض الجامعات السعودية يحدث بطريقة متواضعة!
هناك توجه آخر يتمثل في تحويل الدخول للمهن الصحية إلى مرحلة الماجستير، وهذا نموذج سبق أن كتبت عنه في تعليم التخصصات المهنية كالعلوم الصحية والقانون والتدريس وغيرها. تخصص العلاج الطبيعي في كندا أصبح على مستوى الماجستير...
برامج الزمالة تتطلب تعاون عدة أقسام (تخصصات أو مستشفيات) وهيئة التخصصات الصحية، تحفز تأسيسها وفق مبادرة أهل كل مهنة أو تخصص. ربما نطالبها بدور أكبر في تأسيس إطار عام للمهن الصحية المختلفة وحث المستشفيات الكبرى على تبنيه، مع الاستعانة بالخبرات العالمية في هذا الشأن. كما نطالبها بوضع التشريعات المتعلقة بمخرجات تلك البرامج ومعادلة برامجهم التدريبية لأغراض التوظيف والترقيات.
أخيراً، أقدر زملاء المهنة وجهود المخلصين منهم وأعتذر إن أزعجهم طرحي هذا في يومهم العالمي.