د.محمد بن عبد العزيز الفيصل
عرض - د.محمد بن عبدالعزيز الفيصل:
لقد كان اتفاق الإمامان: محمد بن سعود، ومحمد بن عبدالوهاب، فتحاً للإسلام والمسلمين ورحمةً من رب العالمين بأهل جزيرة العرب الذين شتتهم الحروب، وفرقتهم الفتن والمجاعات، فتأسست مملكة قوية رايتها التوحيد، تحتكم لكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وواكب هذا الفتح المبين، نشاط في الحركة العلمية والثقافية، برزت ملامحه مع رحلات الشيخ محمد بن عبدالوهاب شرقاً وغرباً لطلب العلم والبحث في أبواب الشريعة، فأصبحت هذه المملكة الفتية منبعاً للعلم، ومقصداً للعلماء وطلبتهم من مختلف أنحاء العالم، وأزيلت الشركيات التي وضعتها الدول المعادية المغرضة التي تبنت عبادة القبور ونشر الشرك والبدع والخرافات، فكانت هذه الدعوة الصادقة هي الوسيلة المثلى والطريق الصحيح الذي طهر التوحيد مما علق به من البدع والخرافات، فانتشر العلم، وسادت المعرفة في كل أرجاء مملكة التوحيد.
لقد حرص قادة هذه البلاد الطاهرة على نشر العلم، وتعليم الناس أمور دينهم، حتى استتب الأمن وساد السلام، فكان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل -طيب الله ثراه- يضع لكل فئة من البادية هجرة، ويرسل معهم من يعلمهم أمور دينهم، فنشأت المملكة على العلم والمعرفة، وانخفضت نسبة الأمية حتى تلاشت، فأصبحت المملكة مناراً للعلم والعلماء، وقد ترك هؤلاء العلماء إرثاً علمياً ضخماً؛ ومن أبرزهم الشيخ الجليل سليمان بن علي بن مشرف جد الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-، وهو من أبرز علماء الحنابلة في نجد، ومرجعهم كما ذُكر في كتاب: «اللآلئ البهية في كيفية الاستفادة من الكتب الحنبلية»، وقد ألف هذا العالم الجليل كتاب: «مصباح السالك في أحكام المناسك»، الذي حققه العلامة الشيخ أ.د.سليمان بن عبدالله أبا الخيل، عضو هيئة كبار العلماء، ومدير جامعة الإمام بن سعود الإسلامية، ورئيس المجلس التنفيذي لاتحاد جامعات العالم الإسلامي، وقد استغرق تحقيق هذا الكتاب المهم الذي يتناول أحكام المناسك جهداً كبيراً، ووقتاً طويلاً من مؤلفه الشيخ د.سليمان أبا الخيل -وفقه الله-، حيث عكف على تحقيقه لمدة خمس سنوات، حتى اكتمل العمل وظهر بهذه الدقة وهذا الكمال، يقول محققه في مقدمة الكتاب: «إن الحمد لله، نستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
ثم إن من أعظم نعمة على الأمة بعثة الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- فأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، وهداهم به إلى الصراط المستقيم، فدل أمته على خير، وحذرها من كل شر، بلغ رسالة ربه، وقد جاء دينه مبنياً على خمسة أركان هي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام، كما جاء ذلك مبيناً في حديث جبريل المشهور الذي سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأماراتها، وقال في آخره: «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم»، وكان جواب النبي -صلى الله عليه وسلم- له لما سأله عن الإسلام: «أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً».
والحج إلى بيت الله الحرام، ركن من أركان الإسلام، شرعه الله -عزّ وجلّ- إتماماً لهذه الأركان، وزيارة لبيته الحرام، ينال فيه الحاج الأجر العظيم، والخير العميم، وقد عني العلماء ببيان هذا الركن، وكانت لهم تآليف نافعة، منها ما هو مذهبي، ومنها ما هو مقارن، كما تنوعت مشاربهم، وتعددت أساليبهم، وقل أن تجد عالماً مشهوراً إلا وتجد له عناية بالحج، وله منسك مستقبل فيه، ومن علماء الحنابلة المشهورين، الذين اشتهروا بالمناسك والعناية بها، بل وعرفوا بها العالم العامل الشيخ سليمان بن علي بن مشرف جد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل إسماعيل في كتابه اللآلىء البهية في كيفية الاستفادة من الكتب الحنبلية: «وإذا ورد في كتب أهل نجد سليمان بن علي فيقصدون سليمان بن علي بن مشرف جد الشيخ محمد بن عبدالوهاب، له فتاوى وتحريرات وله منسك مطبوع وهو مرجع الحنابلة في نجد)، وقد اتصل الشيخ سليمان بالشيخ منصور البهوتي في حج سنة 1049هـ، وقد ألف شرحاً نفيساً على الإقناع، لكنه لما اتصل بالبهوتي، وعلم بشرحه للإقناع أتلف شرحه المذكور، كما ذكر ذلك الشيخ عثمان بن عبدالله ابن بشر في كتابه «عنوان المجد في تاريخ نجد»، وهذا المنسك الذي اشتهر به الشيخ سليمان هو كتابه الماتع، وسفره الجليل الموسوم بـ»مصباح السالك في أحكام المناسك»، وهو الذي عليه اعتماد الحنابلة في المناسك، وقد جاء في مقدمته: «فهذا منسك مفيد مختصر، جمعته من كتب الأصحاب غير متحل بتصنيف التأليف، لست من أهل ذلك الشأن، ولا من خيل ذلك الميدان... إلخ».
وقد كانت أول طبعة له في شهر ذي الحجة سنة 1352هـ، تولى طباعته الشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ت 1367هـ، وقد صدر هذا الكتاب بترجمة للمؤلف، كما ختمه بترجمة له نقلها من كتاب «السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة» للشيخ محمد بن عبد الله بن حميد، إلا أنه لم يشر للمصدر، وقد ذكره عبد الله بن الصالح العثيمين خطأ باسم «تحفة الناسك بأحكام المناسك»، ويوجد منه نسخة مخطوطة بالمكتبة المحمودية وفي جامع سلطان علي ببغداد، وقد جاء تعريف هذا الكتاب في جريدة صوت الحجاز الصادرة في 4 ذي الحجة سنة 1352هـ الموافق 20 مارس 1934م حيث جاء: «صدر حديثاً كتاب مصباح السالك في أحكام المناسك تأليف سليمان بن علي رحمه الله تعالى، وقد طبع على نفقة الأستاذ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ».
وهو كتاب نفيس في بيان مناسك الحج، اعتمد فيه مؤلفه مذهب الحنابلة، وعني فيه بالروايات، والنقول والنصوص، ويشير إلى مذاهب الأئمة، وإيراده للمذهب ونقله عن الكتب المشهورة فيه يعد دقيقاً في ذلك، مما يجعله مورداً مهماً لكل مسلم، ولكل طالب علم على وجه الخصوص فيما يتعلق بأحكام الحج والعمرة، ولأجل هذه الأهمية البالغة، ولأن الكتاب غير متوفر إلا في نوادر المطبوعات مع ما في الطبعة من أخطاء فقد اتجهت عزيمتي، واستعنت بالله - بعد مشورة أهل العلم - لإخراج هذا المنسك المتميز، وتوفيره لطلاب العلم خصوصاً، وللناس عموماً، وقد سلكت في تحقيق هذا الكتاب الأساليب المتبعة في التحقيق، والتي تتلخص في الآتي:
أولاً: نسخ النص المحقق حسب قواعد الإملاء.
ثانياً: زيادة بعض الحروف التي قد يستدعيها السياق، مع الإشارة إلى ذلك في الهامش.
ثالثاً: عزو الآيات القرآنية، وتخريج الأحاديث النبوية، والآثار والحكم عليها ما لم تكن في الصحيحين أو في أحدهما لتلقي الأمة بالقبول.
رابعاً: توثيق النصوص والنقول من مصادرها، والإشارة إلى الروايات الأخرى.
خامساً: بذل الجهد في تحقيق المذهب من خلال الكتب المعتمدة، كالمعني والشرك الكبير والفروع، والمقنع والإنصاف، وغيرها.
سادساً: التعليق على بعض المسائل التي تحتاج إلى ذلك.
سابعاً: التعريف بالأعلام، والمصطلحات الغريبة أو الفقهية من مظانها المعروفة.
ثامناً: تصحيح بعض النصوص والنقول التي ترد في الكتاب المحقق وفيها سقط أو نقص أو اختلاف يخل بالمعنى، وذلك بالرجوع إلى مصادرها.
تاسعاً: بذل الجهد في كل ما يخدم هذا الشأن، ويجعل هذا الكتاب محققاً لغرضه، ومؤدياً لهدفه، سهل التناول لطالب العلم، ومن يطلع عليه قريباً من الأفهام بين المقاصد، واضح المعالم.
عاشراً: وحتى تتم الاستفادة من الكتاب عززته بالترجمات، والنقولات من علمائنا المعاصرين وخصوصاً سماحة شيخنا الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- إتماماً للفائدة وتكميلاً للمقاصد.
حادي عشر: وختمت عملي هذا بوضع فهارس تفصيلية تتضمن ما يلي:
1- فهرس الآيات القرآنية.
2- فهرس الأحاديث.
3- فهرس الأعلام.
4- فهرس المصادر والمراجع.
5- فهرس الموضوعات.
والحق أن الكتاب استغرق مني جهداً ووقتاً، لاسيما مع المسؤوليات والأعمال التي كلفت بها، وقد رافقني أكثر من خمس سنوات، وأنا أعيد النظر فيه واستكمل الجهد فيه، وربما عدلت من بعض الأمور طلباً للدقة، ولست بهذا أستكثر ما بذل فيه؛ لأن هذا هو طريق العلم، ولا بد فيه من مصاعب، ولكني أردت طمأنة القارئ أنه أمام نص موثوق بذل فيه محققه ما وفقه الله إليه، ومع ذلك فلا شك أن عمل ابن آدم دائماً يعتريه التقصير والنسيان، وما سمي الإنسان إنساناً إلا لذلك، ولكن خيرنا من غمر قليل السلبيات وبكثير المحاسن والإيجابيات، وهذا عملي المتواضع، وجهدي المقل بين أيديكم أيها القراء الكرام، فما وجدتم من خطأ فبلغونا إياه، وما رأيتم من نقص فسددوه برأيكم ونصحكم ومشورتكم، فالمؤمن قليل بنفسه كثير بإخوانه.
أسأل الله أن يهب لنا من أمرنا رشداً، وأن يرزقنا الفقه في دينه، ويهدينا لما اختلف فيه من الحق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد».
ويقع هذا الكتاب القيّم في (372) صفحة، ويحوي (12) باباً، وقد صدره المحقق معالي الشيخ أ.د.سليمان أبا الخيل، بمقدمة وترجمة للشيخ سليمان بن علي، تناول فيها اسمه ونسبه وأسرته، وولادته ونشأته، وأعماله التي قام بها، وتلاميذه ومؤلفاته، ووفاته، وثناء الناس عليه.
ويقف الباب الأول من هذا الكتاب على: «الأذكار بعد العزم على السفر»، وقد وَجّه فيه المؤلف من عزم على السفر أن يلتزم بعدة أمور منها: أن يوصي على ما يحتاج إلى الوصية، وليشهد على وصيته، ويستحل من بينه وبينه معاملة في شيء أو مصاحبة، ويسترضي والديه، وشيوخه ومن ندب إلى بره واستعطافه، وأن يتوب إلى الله تعالى، ويستغفره من جميع الذنوب والمخالفات، ويطلب من الله المعونة على السفر، ويجتهد على تعلم ما يحتاج إليه في سفره، ومن ثم يخصص حديثه توجيهاته لمن كان سفره لحج أو عمرة.
أما الباب الثاني فهو باب التيمم، وتطرق المؤلف فيه إلى بيان التيمم وصفته وآليته، وأنه استعمال تراب مخصوص، بشرط أن يكون تراباً طهوراً مباحاً، غير محترق، له غبار يعلق باليد، وأن محل استعمال ذلك الوجه واليدين فقط، بدل طهارة الماء عند العجز عنه شرعاً، ليسترسل بعد ذلك في بيان أحكام التيمم، وما يتصل به من مسائل شرعية، وفي هذا الباب فصلان؛ الأول: يحوي فرائض التيمم وصفته، والثاني: مبطلات التيمم.
وما يميز هذا الكتاب هو الدقة في بيان مسائل التيمم وعرضها في الحاشية، مما يدل على الجهد الكبير الذي بذله العلامة معالي الشيخ د.أبا الخيل في تحقيق الكتاب.
وقد خصص المحقق الباب الثاني: لصلاة المسافر، وفي هذا الباب تناول المؤلف بيان صلاة المسافر، وما يتصل بها من أحكام، ومن يقرأ هذا الباب من الكتاب فسيتجلى له الجهد الذي بذله المحقق معالي د.أبا الخيل في التخريج، وفي ذكر آراء العلماء في بعض الجوانب الشرعية.
بعد ذلك يخصص المحقق د.أبا الخيل كتاباً عن الحج؛ وفيه فصلان، الأول: يتطرق فيه المؤلف لحكم من لم يحج أو يعتمر عن نفسه أن يحج عن غيره، وعمّا يتصل بها من أحكام، والثاني: عن عمّا يشترط على الأنثى من أحكام النسك إلى جانب ما ذكر في الفصل الأول أن تجد محرماً لها إذا عزمت النسك، ويسترسل المؤلف في ذكر تفصيل ذلك -رحمه الله-.
وبعد هذا البيان والتفصيل الجامع المانع فيما ذكر من مسائل سابقة يخصص المحقق معالي الشيخ د.أبا الخيل الباب الثالث للمواقيت، وفيه ما ذكره المؤلف عنها، وعن أماكنها، وفي هذا الباب فصلٌ واحدٌ أكد فيه على أهمية المواقيت وأنه لا يمكن للمسلم المكلف إذا أراد مكة أن يتجاوز الميقات بلا إحرام، إلا في حالات بعينها وبيّن القول فيها.
أما الباب الرابع فهو باب: الإحرام والتلبية، وفيه ثلاثة فصول، تحدث المصنف فيها عن نية النسك وهو أول أركانها، وعن اختيار من أراد الإحرام بين التمتع والإفراد والقران، وعن أحكام من أحرم وأطلق النية ولم يعين نسكاً، وكما تناول السنن عقب إحرام التلبية حتى عن الأخرس والمريض.
بعد ذلك يخصص المحقق -وفقه الله- الباب الخامس لمحظورات الإحرام، وفيه ثلاثة فصول تناول فيها المحظورات التسع على المحرم، وخصص أحدها عن إحرام المرأة وما يتصل بها من أحكام، وكما تحدث عن أحكام من كرر محظوراً من جنس غير قتل صيد، بأن حلق أو قلم أو لبس أو تطيب، أو وطئ وأعاده قبل التكفير، وكما تناول أحكام الهدي المتعلق بحرم أو إحرام.
أما الباب السادس فهو عن جزاء الصيد، وفيه فصلٌ واحد، وقد وقف المؤلف فيه على أحكام جزاء الصيد في الحرم، وعن جزاء من أتلف جزءاً من الصيد فاندمل وهو ممتنع.
فيما خصص المحقق د.أبا الخيل الباب السابع عن صيد الحرمين ونباتهما، ويحوي ثلاثة فصول، ووقف فيه المصنف على حكم صيد حرم مكة، وعن حكم قطع الأشجار والنبات حتى الشوك والورق ونحوه، وعن حدود حرم مكة، وكما تطرق لأحكام صيد حرم المدينة المنورة، وقطع أشجارها ونباتها.
وفي الباب الثامن يعرض المؤلف -رحمه الله- أحكام دخول مكة المكرمة، حتى من جانب الاستحباب حيث إن دخولها يستحب نهاراً، وفي هذا الباب ثلاثة فصول، تناول فيها أحكام الطواف وحالاته، وعن الشروط الأربعة عشر لصحة الطواف، وما يتصل بذلك من الأدعية والمندوبات.
أما الباب التاسع فقد خصصه المحقق لصفة الحج، ويحوي أحد عشر فصلاً، وفي هذا الباب يتناول المصنف -رحمه الله تعالى- أحكام الحج عامة، ويتطرق إلى الأدعية، وعمّا يشرع للحاج من الأذكار، ويتناول مراحل الحج تباعاً بشكل دقيق منذ الإحرام وحتى التحلل من الإحرام وإتمام نسك هذه الشعيرة.
وفي الباب العاشر يقف المحقق على ما ذكره المؤلف من الفوات، أي من طلع عليه فجر يوم النحر، ولم يقف بعرفة، وعن الأحكام المتصلة بذلك.
أما الباب الحادي عشر فهو باب الهدي والأضاحي، وفيه خمسة فصول، ناقش المصنف فيها أحكام الهدي، وأحكام الأضحية وصفاتها وأنها سنة مؤكدة على كل مسلم تام الملك، وكيفية نحرها وبالذات الإبل، حيث ذكر أنه يسن نحرها قائمة مع ربط يدها اليسرى بأن يطعنها في الوهدة بين أصل العنق والصدر.
بعد ذلك يدلف القارئ إلى فهارس الآيات القرآنية والأحاديث والآثار، وفهارس المراجع والموضوعات.
وبهذا انتهى الكتاب، ويتجلى لنا دقة توزيع أبوابه وفصوله، وأن توزيعها جاء وفقاً للمسائل العلمية، والأحكام الشرعية، مع مراعاة اتصال المادة العلمية، وهذا المجهود الكبير الذي بذله محقق الكتاب معالي الشيخ الأستاذ الدكتور: سليمان بن عبدالله أبا الخيل، مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عضو هيئة كبار العلماء، في هذا الكتاب حتى ظهر بهذه الصورة الرصينة، وإن الجهود التي بذلها الشيخ د.أبا الخيل - وفقه الله- في هذا المصنف لتمثل عبرة لطلاب العلم في الصبر والمجالدة على العلم، فقد بذل في هذا الكتاب جهود عظيمة في التحقيق والبحث والمقارنة، جزى الله مؤلفه الشيخ الجليل سليمان بن علي خير الجزاء، وكل الشكر وعبارات التقدير لا تَفِي حق المحقق معالي الشيخ العلامة أ.د.سليمان بن عبدالله أبا الخيل، الذي بذل مجهوداً كبيراً في تحقيق هذا الكتاب وفي إتاحته للباحثين ولطلاب العلم في مختلف أنحاء العالم، فجزاه الله خير الجزاء على هذا الجهد الكبير، في إلقاء الضوء على هذا المصنف المهم الذي يعد من أهم كتب علماء الحنابلة.