محمد سليمان العنقري
نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» قبل أيام خبراً حول تعديلات تطال برنامج التحول الوطني 2020م بإضافة مبادرات وإلغاء أو تعديل بعضها مما تضمنته خطة التحول بنسختها الأولى التي اعتمدت العام الماضي، والحقيقة أن خطة التحول الوطني 2 أعلن عنها قبل قرابة شهرين بملامح عامة اتضح فيها تعديلاً واسعاً بالمبادرات وأدوار الجهات المعنية بالتحول الاقتصادي بالمملكة حيث ينتظر اعتماد النسخة الثانية المعدلة قبل نهاية العام الحالي حسب بعض التقديرات.
بداية لابد من الإشارة إلى أهمية المرونة بالبرامج التي تعد ركائز تحقيق الرؤية الإستراتيجية 2030 م، فاكتشاف أي تحديات أو معطيات لا يمكن معها تنفيذ بعض المبادرات أو ضرورة تأجيل بعضها يعد عاملاً إيجابياً يحمي الاقتصاد من الأثار السلبية التي تحدث بالمراحل الانتقالية، لكن من المهم اعادة جدولة المدة الزمنية لتنفيذ برنامج التحول الوطني فقد كان من المقرر أن يستمر لخمسة أعوام من 2016 إلى 2020 م ومع الانتقال لتعديل واسع في البرنامج خلال هذا العام فإن إمكانية تحقيقه في العام 2020 م تشكل تحدياً كبيراً ليس بالضرورة أن يبقى تاريخاً نهائياً لتنفيذ البرنامج فالمدة المتبقية ثلاثة أعوام لا تعد كبيرة لتنفيذ جميع المبادرات والبرامج الأخرى.
فعامل المرونة الذي بات واضحاً في التعامل مع المستجدات التي تظهر خلال مراحل التحول الوطني الاقتصادي يسمح أيضاً بالنظر في العامل الزمني المطلوب والمناسب لتنفيذ كافة البرامج كالتحول الوطني والتوازن المالي، فالاقتصاد الوطني يمتلك امكانيات كبيرة تسمح له بالتروي واخذ الوقت الكافي لتنفيذ البرامج والمبادرات الاقتصادية التي تم اعتمادها فيمكن ان يمتد برنامج التحول الى 2025م إذا كان ذلك يكفل جودة ودقة التنفيذ وحصد أفضل النتائج، بالإضافة إلى إعطاء الفرصة كاملة لإعادة النمو المستدام للاقتصاد لمستويات تفوق النمو السكاني أي أعلى من 3 %، فأسعار النفط مستقرة بمستويات مناسبة فوق 50 دولار والتوقعات أغلبها تشير لارتفاعها خلال السنوات الثلاث القادمة إلى متوسط 70 دولاراً للبرميل وهو ما يعد مريحاً للميزانية العامة إضافة إلى أن التحسن بالإيرادات غير النفطية إضافة لارتفاع كفاءة الانفاق والترشيد الذي ساهم بخفض العجز بالميزانية عن التوقعات، يضاف لذلك الاحتياطيات المالية الضخمة الداعمة لقوة الاقتصاد ودين عام منخفض لا يتعدى 13 % من الناتج المحلي ولا يتوقع أن يرتفع لأكثر من 30 % خلال السنوات القادمة حسب ما تم إعلانه رسمياً على لسان وزير المالية في بداية العام المالي الحالي، كما أن التوسع بدور القطاع الخاص وتنشيط قطاعات اقتصادية عديدة سيسهم بارتفاع الناتج المحلي وتنويع بمصادر الدخل، فجميع ما ذكر تعد عوامل تساند اعطاء مدة زمنية أطول لتنفيذ برامج التحول والتي تعد عماد تحقيق الرؤية.
الاقتصاد الوطني يمر بمرحلة انتقالية يتم اعداده لمرحلة نمو اكثر صحية لا تعتمد على الإنفاق الحكومي الذي يتأثر بإيرادات النفط، لكن العامل الزمني الذي يحتاجه الاقتصاد للتحول هو المعيار لتحقيق أفضل النتائج فالانتقال لاقتصاد منتج يتطلب جهداً ووقتاً كبيرين لا يمكن الوصول للأهداف والطموحات خلال وقت قصير خصوصاً أن العوامل كلها تصب في صالح إعطاء كل برنامج وقت كافي لتنفيذه دون ضغوط بما قد ينعكس باثار سلبية اكبر من التوقعات وبما لا يضر بتنافسية بعض القطاعات الرئيسية بالاقتصاد كالبتروكيماويات او تنخفض القوة التي يتمتع بها المستهلك بانفاقه المؤثر إيجاباً بالاقتصاد.