مها محمد الشريف
إزالة البواعث التي تدهور العلاقات بين الدول هي أساس الاستقرار السياسي، ولا يزال في أذهان بعضهم أثر عجيب أن أحد الأسباب التي ذكرها برتراند راسل في السياسة، وحذر العالم منها قائلاً: إنها جعلت الشعوب تجتمع على هدف مشترك حتى ابتهج الناس بهذا الشعور ومن ثم أسفوا للتباعد بينهم وبين أعدائهم، وأكثر مصادر الضرر الذي تتسبب فيه الدولة هو أن تكون القوة غايتها وتدفع إلى الحرب. بل هي السبب التي أشعلت نيران الحرب العالمية الثانية وبعد دراسة هذه التحذيرات أُنشئت الأمم المتحدة ثم أنشأ بعدها مجلس الأمن ليعالجوا مواضع الخلل في بنائهم الاجتماعي.
ويعزو الفيلسوف أن أسباب الحروب كلها، لا تعود إلى أسباب اقتصادية كما يفسرها غيره من المفكرين، ولكن إلى سوء مناهج التعليم في مدارس الأمم جميعًا . تلك المناهج التي خطتها هيئات تختارها الدولة، وتحبسهم في مكاتب وزارات التربية والتعليم، وما يقومون به من حشو في رؤوس الأطفال وتجييشهم واستعبادهم لعقائدهم، فيكبر هؤلاء الأطفال وفي أعماقهم ثورة داخلية تهدف إلى إثارة حب المخاطرة إما تحكم عليه بالسجن وإما يؤقت لها لحظة انطلاق مفاجئة، وأكاد أجزم أن «كيم جونغ أون « ضحية تعليم له عقلية بغيضة خالية من المنطق والعدالة.
ولابد من وسيلة لعلاج القوة المفرطة والتسويق لها إذا أردنا سلامًا دائمًا، ففي السياسة تكتسب الأحدوثة أسوأ من حجمها الطبيعي حتى تنتهي إلى خلافات عميقة كما هو الحال في كوريا الشمالية، والتي حذر بوتين منها لئلا تصبح «كارثة عالمية» في حال عدم التوصل إلى تسوية دبلوماسية للأزمة مع بيونغيانغ، معتبرًا أن فرض عقوبات جديدة على بيونغيانغ سيكون «غير مفيد وغير فعّال». وما حدث من تجارب تسببت في انهيارات أرضية يعتقد أنها نتيجة التجربة «النووية» الأخيرة التي أجرتها البلاد تحت الأرض في منطقة بونغ يي ري الجبلية، وحدثت على إثرها هزة أرضية قوتها 6.3 شعر بها الناس على الحدود الصينية.
وكثيرٌ من الخبراء كتب في موقع «نورث 38» أن «الاضطرابات التي أحدثتها التجربة النووية الأخيرة. تشكل تهديدًا خطيرًا على السلم والأمن الدولي. ومع هذه السلسلة من الأحداث بدأ معها اختلاف وجهات النظر بين ترامب وبوتين بخصوص العقوبات المفروضة، في هذا السياق شاهد العالم تنصيب الصواريخ في آسيا التي اتخذت وضعيات متوثبة تستفز بها الولايات المتحدة واليابان وبقية الحلفاء، فالولايات المتحدة أخذت على عاتقها مهمة إدارة العالم، ولكنها وجدت فضاءات غامضة في المنطقة.
وقد جربت التهديد مع كوريا الشمالية وفيتنام فوجدته أسلوبًا باليًا ولن ينفع مع كوريا وهي بقرب الصين وصواريخها الموجهة إلى اليابان أو كوريا الجنوبية، ففي هذه المنطقة لم يستطع الرئيس الصيني شي جينيينغ لعب دور رجل دولة عالمي قوي، أثناء استضافة بريكس في شيامن، عوضًا عن مسألة الخلاف مع كوريا الشمالية التي طغت على الحدث.
إن الزهو والكبرياء التي تعانيهما كوريا الشمالية سببه الخوف ما جعلها تصر على تنفيذ التجارب، ولن تخطو نحو ديموقراطية صحيحة في البلاد ولن تصلح المفاوضات بين الأطراف الخارجية في حال تعنت الرئيس الكوري الشمالي.