ياسر صالح البهيجان
مدينة أبها الواقعة جنوب المملكة تتميّز بمقومات سياحيّة فريدة من نوعها. تضم مرتفعات جبلية تتجاوز 2000 متر عن سطح البحر. هناك تنخفض درجات الحرارة إلى مستوى يجعل من طقسها غاية في اللطف، وتهطل الأمطار بصفة مستمرة، وتكتسي الأرض بالخضرة لترسم على تضاريسها لوحة من الجمال الرباني البديع.
جمال الطبيعة رغم أهميته إلا أنه لا يكفي بمفرده لجعل المدينة وجهة سياحية على المستوى المحلي أو الخليجي والعربي، ثمة خطوات من الضروري اتخاذها لاستثمار مقوماتها، في ظل تطور مفهوم السياحة، والذي يتأسس على مقومات ثلاث رئيسة، وفرة الوحدات السكنية الراقية، وتنوع وسائل الترفيه والاستجمام، ونظافة البيئة.
أكثر ما يؤرق السائح عندما يفكّر بالذهاب إلى مدينة أبها هو شح المساكن الراقية، إذ إن الفنادق ذات تصنيف الخمس والأربع نجوم محدودة جدًا، ولا يمكننا إغفال دور الوحدات السكنية في ازدهار السياحة في أي منطقة. السياح يبحثون عن خدمات متكاملة، والمسكن من الأولويات الرئيسة التي من شأنها أن تجعل الرحلة بأكملها إما ناجحة وممتعة أو حافلة بالعناء والمشقة، ولا أظن أن المستثمرين سيترددون في تشييد الفنادق المميزة في المدينة إن وجدوا التحفيز والتسهيلات.
كما أن تنوع الوجهات الترفيهية داخل المدينة مطلب ضروري لازدهارها، ولم يعد التلفريك أو الجلوس العشوائي فوق الجبال أو المتنزهات التقليدية كافيًا في الوقت الراهن. مفهوم الترفيه أخذ أبعادًا أخرى تتمثل في إقامة مدن ألعاب عالمية، وإنشاء المجمعات التجارية الضخمة والمتكاملة، وتوفير إطلالات خلابة بطرق منظمة محاطة بوسائل الأمن والسلامة، وإقامة منتجعات راقية، وتشييد متاحف وحدائق عصرية. ومعظم هذه الوسائل الترفيهية تكاد تُعدم في مدينة أبها. وتجد كثيراً من السياح يفترشون في منطقة السودة والحبلة دون تنظيم، ويعللون سلوكهم بأنه ليس هناك متنفس آخر غير الافتراش.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى دور نظافة الأماكن العامة، وتثقيف السياح بأهمية إزالة مخلفاتهم، وفرض رقابة أكبر للحفاظ على البيئة من العبث، وهذه ركيزة أساسية حتى أننا لا نكاد نجد مدينة سياحية حول العالم تتكدس فيها النفايات بطرق عشوائية، ومثل تلك المناظر كفيلة بتقويض مساعي أي تطور سياحي، وقادرة على تشويه جمال المكان، لذا لا مجال للتهاون في هذا الشأن، إن أردنا صناعة سياحة حقيقية.
مدينة أبها بحاجة إلى اهتمام أكبر في ظل مقوماتها التي يقل نظيرها في منطقة الخليج، وأجزم بأنها ستحتل مرتبة الصدارة إن عالجنا ما ينقصها من إمكانات سكنية وترفيهية ونظافة عامة. لدينا تطلعات جادة ورؤية تنموية كبرى لتعزيز دور السياحة وتقليل حجم ما يُنفق في الخارج لذات الغرض. ومتى ما كانت الإرادة حاضرة فإننا حتمًا سنحقق الأهداف المرسومة.