ماجدة السويِّح
يرى بعض علماء الإعلام والاتصال أن وسائل الإعلام لديها القدرة على تشكيل ثقافة الجمهور من خلال المحتوى، فمن خلال مراقبة ذلك المحتوى يتعلم الجمهور القيم والمعتقدات والأدوار المفترضة لكلا الجنسين.
والمحتوى المقدم من خلال الإعلان لا يقل أهمية وخطورة عن المحتوى المقدم في وسائل الإعلام الأخرى، فعلى سبيل المثال القوالب النمطية على أساس الجنس هي الأكثر شيوعا في مختلف الثقافات، والأخطر في إحداث وتشكيل الثقافة العامة، لذا تعهدت هيئة معايير الإعلان بالمملكة المتحدة في 2017 باتخاذ إجراءات أكثر صرامة لتنظيم فوضى ونمطية الإعلان المقدم للجمهور، لتفادي الضرر المجتمعي التي تسببه في قولبة أدوار ووظائف المرأة والرجل على حد سواء.
في مجال الإعلام العديد من الدراسات التحليلية الحديثة التي ترصد قولبة وتنميط الجنسين في الإعلانات، ولعل أهمها دراسة تحليلية على مدى 50 عاما وجدت أن الإعلانات أصبحت أكثر مساواة في تقديم صورة المرأة والرجل، وعلى النقيض من ذلك أظهرت دراسات أخرى أن التنميط الأنثوي ما زال قائما حتى يومنا هذا في كل أنحاء العالم.
المتابع للإعلان في العالم للغربي سيجد أن القوالب النمطية الثقافية على أساس الجنس ما زالت تقدم المرأة والرجل بنفس الأدوار التقليدية، على الرغم من التقدم الذي أحرزته المرأة اليوم في المشاركة السياسية والاقتصادية وفي جميع نواحي الحياة، فعلى سبيل المثال قدمت شركة أودي إعلانا مخجلا حينما عقدت مقارنة زوجة بسيارة مستخدمة، دون اهتمام بالرسالة غير اللائقة والتنميط الجنسي غير المحترم للمرأة.
ووفقا لبحث تحليلي لـ60 دراسة عن صورة المرأة والرجل في الإعلانات وجدت الدراسة أدلة موثقة أن المرأة تصور بطريقة مختلفة عن الرجل في عدة طرق تحصر دورها ووظيفتها في الأدوار التقليدية للمرأة، متجاهلة الواقع في تطور وظيفة المرأة اليوم، فالصورة المقدمة غير متساوية وفي كثير من الحالات تفرض على المرأة نموذجا واحدا للجمال للاحتذاء به، دون النظر للاختلافات والتنوع الذي يفترض أن تراعيه كوسيلة تسعى لمعالجة عدم المساواة، وتحسين أوجه الحياة لجميع الأفراد بعض النظر عن الجنس.
الإعلان المقولب والمتحيز ظاهرة عالمية تنتشر بشكل أكبر في المجتمعات العربية لأسباب ثقافية واجتماعية، وهذه الظاهرة بحاجة إلى رقابة وتنظيم من خلال إنشاء هيئة خاصة لمتابعة الواقع الإعلاني، وفرض المعايير التنظيمية لتنظيم العملية الإعلانية دون تنميط أو تحيز وتعصب على أساس اللغة أو اللهجة أو الجنس أو اللون.