فهد بن جليد
غربلة الأنظمة وتجديدها فيما يخص العلاقات الأسرية وإعادة تنظيمها أمر جيد, وهنا أقترح أن يكون وجود الزوجة أو وليّها شرطاً لتوثيق الطلاق في المحكمة، حتى يتم حفظ الحقوق وتدوينها للطرفين، وعدم استغلال بعض الرجال للعصمة بطريقة تعسفية تسبب متاعب ومتاهات للزوجة وأهلها بعد الانفصال، لنفكر بالأمر تنظيمياً مثلما يحدث عند توثيق عقد الزواج، وأعلم أن هذا ليس شرطاً دينياً كما في العقد الذي هو قبول وإيجاب، ولكنه محاولة تنظيم إداري يهدف لضبط المسألة مع كثرة المشكلات، ولعل ذلك يساعد حتى في تراجع نسب الطلاق، فهو يمنح فرصة أكبر للحلول والتفاهم بين الزوجين، فإمَّا إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، والأخير هو ما نفتقده - للأسف - مع كثرة مشكلات الطلاق.
يندر أن تسمع أسباباً مُقنعة وحقيقية للطلاق، دائماً هناك شيء خفي وتافه تسبب في الانفصال، كل القصص تتعلق بكلمة خرجت في ساعة غضب وانتهى كل شيء، حالات قليلة تبحث عن مخارج أو حلول في فتوى، إلا أن العناد والمُكابرة من كلا الطرفين، وتدخل من حولهم بحسن أو سوء نية يفاقم الأمور عادة في أغلب حالات الطلاق، نتيجة الاستعجال في اتخاذ هذا القرار الذي هدم حياة الكثيرين من بناتنا وأبنائنا، وقلة الجهد الحقيقي المبذول للعدول عن الخطوة، والاستسلام لسهولة اتخاذ قرار الانفصال.
الهند مؤخراً أقرَّت بحظر الطلاق الشفوي بالثلاث دفعة واحدة، قد يكون لهذا القرار أسبابه الخاصة بالمجتمع الهندي ووفق مُطالبات نسائية حول الاستغلال السيء لبعض الرجال لمسألة الطلاق هناك، ولكنه في النهاية يعكس بأنَّ مسألة التفكير في طرق تؤدي لتخفيف وقوع الطلاق قضية مهمة لكل المجتمعات، شريطة أن تتوافق تلك الحلول مع الدين الإسلامي وتراعي الثقافة العرفية السائدة في المجتمع .
مصر مُنذ فبراير الماضي وهي تدرس قضية حظر الطلاق اللفظي، وقصر وقوعه على المأذون الشرعي، المسألة مُتعلقة بتسجيل حوالي 900 ألف حالة طلاق سنوية بهذه الطريقة لأسباب متنوعة ونتيجة غضب الزوج السريع، وفقدان الأعصاب، والهدف دائماً التفكير في طرق للتخفيف من وقوع الطلاق بين الزوجين بمجرد كلمة خرجت في لحظة غضب، وليست نية عازمة على الانفصال الجاد.
من الأمور الغريبة لدينا أن حضور أو وجود الطرف والشريك شرط لفظ أي شراكات تجارية، حفظاً لحقوق الطرفين، بينما يغيب هذا عند فض أسمى وأقدس عقد شراكة في الحياة.
وعلى دروب الخير نلتقي.