فضل بن سعد البوعينين
تعمل هيئة الطيران المدني على إعادة هيكلة قطاع الطيران بما يتوافق مع متطلبات وأهداف رؤية المملكة 2030 التي تدعم خصخصة المطارات وتحويلها إلى كيانات مستقلة ذات ربحية وجودة في تقديم الخدمات وتوفير الدعم الأمثل للاقتصاد السعودي. تُعَدُّ المطارات من أهم المنشآت الحيوية الداعمة لقطاعات الاقتصاد، وفي مقدمها القطاعين السياحي والتجاري، الأكثر خلقاً للفرص الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى توليد الوظائف المتنوعة والجاذبة للسعوديين. هناك توجه لإنشاء مزيد من المطارات على أسس تجارية ووفق منظومة متكاملة، ونموذج موحد يقلل التكاليف ويضمن الجودة والتنفيذ السريع. نموذج التصميم الموحد له مزايا وعيوب، غير أن فصل تنفيذ المطار الأول عن باقي المطارات يساعد على اكتشاف العيوب ومعالجتها للحؤول دون انتقالها للمطارات الأخرى.
تهدف خصخصة المطارات إلى رفع كفاءة تشغيلها، وجودة مخرجاتها، وضمان تفعيل دورها الاقتصادي على أسس تجارية صرفة، ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق الوظائف ذات الأجر المجزي وتحفيز الاستثمارات، وخفض الالتزامات المالية الحكومية وخلق تنافسية إيجابية للقطاع.
أسهم تأخر المملكة في تطوير مطاراتها وإدارتها على أسس تجارية ووفق رؤية عالمية حديثة في تقلص حصتها في سوق السفر والنقل الجوي وتسرب الفرص النوعية إلى دول الجوار التي نجحت في اقتناص الفرصة واستثمار سوق السفر السعودية لدعم مطاراتها ورفع مساهمتها في الناتج الإجمالي.
بات مشهد التطوير مختلفاً اليوم، فالعمل على خصخصة المطارات وتحويلها إلى شركات ذات استقلالية مالية وإدارية، وخصخصة قطاعات الطيران المدني الأخرى، يتم على قدم وساق. تسابق فيه هيئة الطيران المدني الزمن لتعويض ما مضى، وفق إستراتيجية واضحة الأهداف محددة الزمن ومرتبطة بجهات أخرى تفرض التناغم في الحركة وإنجاز المهمة في وقتها.
فصل الصلاحيات في القطاع، وإنشاء شركة الطيران المدني القابضة التي ستعنى بالإشراف على كافة المطارات في المملكة، سيسهم في تمكين هيئة الطيران المدني من القيام بدورها التشريعي والرقابي على سوق الطيران، وسيضمن عدالة المنافسة، والعمل الاحترافي لتطوير القطاع وقيادته وفق الممارسات والمعايير العالمية، في الوقت الذي سيدعم فيه قرار تحويل المطارات الحالية إلى شركات، استقلاليتها التنظيمية والإدارية والمالية ومسؤولية مجلس إدارتها عن إدارة شؤونها على أسس ربحية، وتسهيل عملية طرحها وإدراجها في سوق المال مستقبلاً.
يشير مساعد رئيس الهيئة العامة للطيران المدني للشؤون المالية محمد الشتوي، إلى أن هدف الخصخصة الرئيس هو رفع جودة الخدمة وخلق تنافسية قادرة على تطوير القطاع ورفع مساهمته في الناتج الإجمالي المحلي وخلق فرص وظيفية واستثمارية، وتحويل المطارات إلى كيانات مدرة للدخل، إضافة إلى التوسع في إنشاء المطارات من خلال القطاع الخاص دون تحمل الحكومة أعباء مالية إضافية.
تطوير القوى البشرية السعودية على أسس علمية وعملية أحد أهم المحاور التي تناولها الشتوي في حديثة للإعلاميين، وأحسب أن إنشاء معاهد متخصصة للطيران من حسنات الخصخصة والتنافسية المرتقبة في السوق. إضافة إلى ذلك ففتح قطاعات جديدة لعمل المرأة وفق ضوابط الشريعة من الجهود التي تقوم بها هيئة الطيران حالياً.
لا خلاف على أهمية الخصخصة في تطوير قطاع الطيران المدني ورفع كفاءة المطارات ومساهمتها الاقتصادية، إلا أن تطبيق الخصخصة على جميع مطارات المملكة قد لا يكون متاحاً، لأسباب ربحية صرفة، غير أن ذلك لن يمنع من توسع الحكومة في إنشاء المطارات الإقليمية وتطوير القائم منها لخدمة سكان المناطق والمحافظات.
يؤمن محمد الشتوي أن تقديم خدمات النقل الجوي حق مكتسب للمواطنين، لذا تلتزم الحكومة بتوفير الخدمة بغض النظر عن تكاليفها وربحيتها، ويستشهد بمطارات إقليمية متدنية التشغيل استمرت في تقديم الخدمة وتحمل الدولة تكاليفها الباهظة، إلا أن رؤية هيئة الطيران تركز على إيجاد الحلول للتحديات الحالية ومنها تحديات التشغيل على أسس ربحية. تحويل بعض المطارات الإقليمية إلى مركز لتجميع المسافرين القادمين من مطارات مختلفة ومن ثم نقلهم إلى الوجهة النهائية من الحلول الناجعة، وتعمل الهيئة حالياً على تفعيل هذا الأمر لتحقيق الحسنيين، كفاءة التشغيل وتوفير الخدمة للمواطن والمقيم.
أختم بالإشادة بشفافية هيئة الطيران المدني، وتواصلها مع الإعلام وفتح الأبواب لإيصال كل ما يستجد من أمور متعلقة بقطاع الطيران المدني. الأعوام القادمة ستشهد نقلة نوعية لمطارات المملكة تعيد لها حصتها المفقودة، وتسهم بشكل فاعل في دعم الاقتصاد ورفع مساهمتها في الناتج لمحلي الإجمالي.