د. عبدالرحمن الشلاش
كمية السلوكيات غير الجيدة أو المستفزة التي نشاهدها يوميا في أي مكان نذهب إليه لا تعد ولا تحصى. وأنت في طريقك من منزلك إلى عملك أو أي مشوار لا شك أنك ستلاحظ كثيرا من السلوكيات التي لا تجعلك تملك أكثر من الأسى ثم هز الرأس تعبيراً عن الحسرة على الحال!
قبل سنوات كان كبار السن والعقلاء عندما يتدخلون لحل أي مشكلة نشبت في مكان عام أو خاص يكون لهم خاطر ويسمع كلامهم ويطاع وينفذ بل ويحظون بالتقدير. أما اليوم فلن يسلم أي منهم من الكلام اللي ما له داعي من صغار سن مراهقين لا يملكون أدنى درجة من احترام الغير خاصة من يكبرهم بالسن والخبرة في الحياة ومن يريد لهم الخير ومن يتدخل من أجل الإصلاح هذا إذا لم يقابل المصلح بوابل من عبارات الاستهزاء والسخرية ناهيك عن عبارات التقريع مثل، «وش دخلك، ملقوف، مو شغلك، خليك في حالك».
ردود الفعل السلبية جعلت أي إنسان يخاف على نفسه ويحافظ على هيبته يتجنب أي تجمعات فيها مشاجرة، لذا لا تجد أي مواقف قوية في الشوارع لإيقاف متهوري التفحيط عند حدهم، أو الإبلاغ عنهم. كان من يقطع إشارة في زمن مضى أو يعكس السير يقوم أحد المتطوعين بتسجيل رقم لوحة سيارته وإيصالها لأقرب مركز مرور.
لو سجلت كل التجاوزات والأفعال المرفوضة والأخطاء على الغير التي تواجهك أنت فقط يوميا وتشاهدها بعينيك ستصل مؤكداً إلى رقم غير متوقع. هذه الأفعال غالبا لا تجد من يردعها إذا لم تصل للجهات المختصة. نعاني في هذا الجانب من سلبية. بعض الأوقات تخشى أن تواجه أشخاصًا غير طبيعيين فتحجم عن التدخل.
أذكر في أحد الأيام دخلت إلى محل فوجدت ثلاثة شباب يضربون عاملا آسيويا. مازال مقطع الشباب الذين يضربون الطبيب في المستشفى حاضرًا في الأذهان. أعتقد أن تطبيق النظام بقوة ودون رحمة على المستهترين والإعلان عنهم سيخفف من ممارسة الشغب والاعتداءات على الغير. قبل خمسة أيام قام موظف وفي موقف مسجل بطلب منحه إجازة مرضية من طبيب سوداني وهو لا يستحق. الطبيب رفض. الجميع ثمنوا موقفه الشريف برغم ما تعرض له من سب وشتم لكنه ظل متمسكا بموقفه ليثبت أن الأمانة أهم من أي شيء. كان استقبال وزير الصحة للطبيب أكبر تقدير لموقفه الشجاع الذي يعجز عنه كثيرون بسبب تهور بعض الجهلة وانفلاتهم، والوعد بمعاقبة الموظف أثلج الصدور. كم واحد مثل هذا الطبيب يستطيع الوقوف أمام المتهورين من الجهلة؟