د. فوزية البكر
يعيش الجيل الحالي مشكلات كثيرة في علاقات الرجال والنساء وخاصة بعد الزواج، مما رفع نسب الطلاق ونسب عدم الزواج، سواء من قبل الذكور أو الإناث بطريقة مقلقلة تهدد المؤسسة الرئيسة التي يقوم عليها البناء الاجتماعي في المجتمع وهي الأسرة.
وقد أثار مقال سابق لي حول شكل الأسرة السعودية الجديدة نقاشاً مطولاً بين بعض المتابعين في توتير حول قضية الطلاق ومسبباتها فكانت الآراء هكذا:
- فكرة زوِّجوه يعقل: دمرت الكثير.
- زواجاتنا لم تتغير، زواج تقليدي، مجتمعنا تغير سراً لكنه لم يغير طريقة تواصله مع فكرة الزواج، لهذا استشرت حالات الطلاق والعنوسة.
- المرأة اليوم لديها المعرفة والاضطلاع والثقافة، وأصبحت على دراية بحقوقها أكثر وما فقدته من في عدم التناسب، لذلك تلجأ لطلب الطلاق.
- في السنوات الأخيرة ارتفعت نسبة الوعي بالمجتمع، وما زال الزواج على طريقة جدتي، لأن الطرفين يعتقدان أول الزواج مرحلة تعارف فيكتشفان الكارثة، بدليل أنه بعد شهر العسل تزداد نسب الطلاق! أنا أؤيد تطويل فترة الخطبة والملكة.
- ربما أن عدم وعي الطرفين لمسؤولية عقد ميثاق الزواج جاء بسبب عدم التنازلات في الحياة الزوجية والانفتاح المفاجئ اللاواعي، وخطأ مفهوم الحرية وعدم التأهل النفسي.
- لكل مجتمع أسبابه الخاصة: معظم أسباب الطلاق لدينا بسبب أن الزواج يتم بلا تفاهم، لا معرفة، لا حب.
- زواج بدون تخطيط، أمي شافتها أمي أعجبتها: زواج الصدف والمجاملات.
- إن المهم يلزقون البنت في أي إنسان ولا تجلس من غير زواج.
- أعتقد أن السبب نتيجة لعدم الأمان بالمستقبل، واختلال منظومة القيم المجتمعية، ففي حين تنهار وتضعف قيم تنعدم عملية تأسيس منظومة قيم بديلة ومستقرة.
- أهم سبب في الطلاق سياسة تهميش الرجل لزوجته، وعدم وجود الرأي والرأي الآخر «لا سلطة إلا أنا»، والتسلط والاستبداد من الرجل واضحة، وليس كل امرأة تتحمل.
- المشكلة أن البنت فرص الاختيار عندها قليلة، وعندما تتجاوز الأربعين تندم وتقول يا ليت لو تزوجت أي إنسان لأنجب منه أولاداً أتسلى فيهم باقي عمري.
- إن الذين يتزوجون أخيراً (بزران) بغض النظر عن العمر. تفكير طفولي لديهم ولا يوجد إحساس بالمسؤولية.
- تثقفت وتريد أن تجاري التطور الحضاري، لكن الرجل يرفض تناشز ثقافي واجتماعي كما ذكره الوردي بأحد كتبه.
- إنه زواج يفتقد للأسس الحقيقية، وقائم على المظاهر وتقليدي بحت، ولا يوجد توافق فكري بين الطرفين، يُعَدُّ تزاوجاً أكثر من كونه زواجاً، ومن الطبيعي أن يفشل.
- أعتقد أن من الأسباب ارتفاع تكاليف الزواج، والمتهم هن النساء، بذخ واستعراض بشكل مبالغ فيه (رفقاً بالرجال يا قوارير).
- تدخل الأهل السلبي في السنة الأولى من الزواج، وغالب حالات الطلاق تتم في السنة الأولى.
- من أسباب الطلاق عدم قدرة الرجل على الإنفاق، فتكاليف الزواج أرهقته في الديون، وبالتالي لا يستطيع أن يؤمن حياة مريحة للفتاة التي اختارها.
- شهدت رجلاً وصل ابنه للصف الرابع وما زال يسدد أقساط الزواج، قلة ذات اليد من مفشلات الزواج، وخاصة أن الفتاة تنتظر الزوج الذي يوفر لها كل شيء.
- مفهوم الزواج عندنا بالمظاهر الاجتماعية والبذخ والمقارنات، والمفترض المودة والرحمة والإيجابية والحب والتضحية، ما أجمل القلوب إذا أحبت.
- السبب ظروف مادية مع مطالب عالية من الطرفين بحياة مستواها لا يتواءم مع واقع الزوجين.
- (الدراما نخرت في عقلية الزوجين، والقادم مؤلم أكثر، والمسلسلات التركية نكبتنا!)..
انتهى.
- من الواضح أن المشاركات ركزت على عدد من العوامل التي تهدد مؤسسة الزواج لدينا، وعلى رأسها التغير القيمي الذي حصل لكلا الطرفين، واختلاف توقعات الجيل الحالي (الذكر والأنثى) من بعضهما، ولم يتوافق ذلك مع تغير في مؤسسة الزواج الذي ما زال (مؤسسة اجتماعية أكثر منها شخصية)، بمعني أن اختيار الطرفين لبعضهما يخضع لشروط الأهل وشروط العمومة والحسب والنسب، مما يحدد خيارات الشباب من الطرفين فيما توافق عليه المؤسسة الاجتماعية الكبرى قبل أن توافق العروسين.
- الشباب السعودي ذكوراً وإناثاً يمرون بحكم هذا العصر بتغيرات ثقافية وقيمية عميقة جداً، لكن الأساليب التقليدية لربطهم بمؤسسة الزواج ما زالت تقليدية ولا تلبي احتياجاتهم، لذا يكثر الطلاق في السنة الأولى لأنهم لا يعرفوا بعضهم بعضاً بشكل كاف، ولأنهم محملون بتوقعات (غير واقعية) عن الطرف الآخر، ويأتي تدخلات الأهل الذين ربوا أبناءهم بدلال وإمكانات أكثر من الجيل الماضي، فما أن تحصل مشكلة صغيرة إلا والكل هارب إلى بيت أهله. هناك بالطبع مشكلة الشرب والمخدرات بين الشباب التي تفجع الفتاة فتعود مكسورة إلى أهلها بعد أن حسب عليها زواج، فيبقي حظها مع رجل متزوج قبلاً أو ذي أبناء.. إلخ.
- الطفرة النفطية التي هي في طريقها إلى التلاشي أوجدت أنماطاً من الممارسات الاجتماعية يتعلق بالمتطلبات المادية والتكاليف الباهظة، والسناب والانستجرام زاد الطين بلة، فالكل يريد استعراض فستانه وعرسه ومجوهراته لإرضاء الأطراف المختلفة في المجتمع ومَنْ الذي يدفع الثمن أخيراً: العريسان اللذان يجدان أنفسهما في خضم التزامات مالية عالية يحتاجان سنين لتلبيتها، كما يحتاجان (ربما) إلى فريق نفسي زواجي (متكامل) يساعدهما على التوافق مع اختلافاتهما الفكرية والقيمية.
الآن ما الحلول التي يمكن لقرائنا الأعزاء اقتراحها لمساعدتنا في التخفيف من نسب الطلاق المقلقة؟