حمد بن عبدالله القاضي
* السعداء هم الراضون سواء في الدنيا أو الآخرة ولذا جعل الله أجزل ثواب: هو رضاه سبحانه عن عباده ورضاؤهم عنه.
أمر آخر ألا وهو الرضا بما يكتب الله على الإنسان من مصائب من فقد ومرض.
الرضا يسكب الطمأنينة بالقضاء وبما قسم الله وهو أبلغ من الصبر، فالصبر هو عدم الشكوى لكن الرضا هو ارتياح وسلوى إلى درجة أن عدم الرضا بما قسم الله هو عين الشقاء.
إن الإنسان لا يدري ما الخير فيه حتى عندما يرى ما لا يسره في حياته.
أروي هنا قصة معبرة مؤثرة عنوانها مثل شعبي بسيط «أبو البنات يتعشَّى».
«وهي تحكي قصة جارين أحدهما له ثلاثة أولاد ذكور وكان سعيدًا بذلك ومفاخرًا بهم، وجار له لم يرزق إلا بثلاث بنات وكان راضيًا بما قسم الله، وكان جاره يشنّع عليه وبناديه بـ «أبو البنات» سخرية منه وكان جاره «أبو البنات» يرد: برضا تام كان يقول دومًا: لعل الله أراد بي خيرًا عندما قسم الله لي هؤلاء البنات ولم يرزقني بأولاد.
وكبر الجاران وكبرت زوجاتهما فأصبحا غير قادرين على أن يقوما بشؤون حياتهما المعيشية، وكان أبو الذكور الثلاثة يعاني التعب وصعوبة العيش وكان أحيانًا يبيت مع زوجته جائعين، أما «أبو البنات» فكان مرتاحًا في حياته ومعيشته.
ذات يوم زار «أبو البنات» جاره القديم وسأله عن أحواله فأبان له أن أولاده انشغلوا عنه بأولادهم وحياتهم ولا يوجد في بيته من يقوم على أمر معيشته مع أمهم وبعد شكوى حاله سأل جاره «أبو البنات» عن أحواله فأجابه: إنه بغاية الارتياح، فقد تقاسم بناته الثلاث أمور معيشته والعناية به فواحدة تأتي له صباح كل يوم بالإفطار وتتفقد أحوال بيته ثم تذهب، وفي الظهر تأتي ابنتي الثانية بغدائنا وتقدمه لي ولأمها وتؤنسنا ثم تذهب، وفي نهاية النهار تأتي ابنتي الثالثة بالعشاء وتجلس معنا وتسعدنا وتتفقد أحوالنا ثم تعود إلى بيتها».
وبعد:
وبعد هذه القصة الواقعية أكبر من كل تعليق!
إنها نعمة الرضا فلا يدري المرء ما الخير به، ومحصلة ذلك: ارتياح بالحاضر وربما خير وفير بالمستقبل.
فها هو «أبو البنات» يتعشى ويسعد ويهنأ حاضرًا ومستقبلاً، بينما أبو الذكور يبيت طاويًا.
=2=
*آخر الجداول
· للشاعر المبدع: حرفًا وخلقًا محمد جبر الحربي
«ما أطيب الأهل في أرضي وفي سكني
هم نور عيني وهم نبضي وهم سكني
إن أثمر الحب نهرًا قلت: فيضهمو
أو أمطر القلب شعرًا صحت ذا: وطني»