شمسنا التي غابت في صباح يوم السبت في منتصف شهر رمضان غابت شمسنا وغاب معها كل جميل بحياتنا وحياة أسرتنا.. غاب وفقدنا إنساناً عصامياً كريماً مسالماً معطاء يبذل ولا ينتظر مقابل أو إشادة، إنسان أعطى الكثير من عمره وماله لغيره.. لا يشتكي مهما أصابه من تعب أو ضيق كانت كلمته المعتادة التي يرددها بخير وبألف نعمة.. والدي أبو أحمد قرين أرواحنا وحبيب أعمارنا وبلسم جروحنا.. وعضيد حياتنا وعز ورمز اسمنا..
رحل ورحل معه الكثير من سعادتنا لم يبق منها غير ذكرياته الجميلة وكلماته الرنانة المحببة للجميع.. والدي أبي... رحلت وأحدثت فراغاً بأسرتنا رغم ضعفك الجسدي وقلة حركتك إلا أنك كنت مرجعاً وفخراً وعزاً لنا...
ولجميع من ينتسب لعائلتنا...
الآن والدي وبعد رحيلك أصبح مكانك خالياً لا نرى منه غير بقايا أشباه صدى لرنين صوتك عندما تنادي كل منا باسمه أو لقبه الذي أطلقته علينا ومنه لقبي المحبب لك ولي الظبي... كان لا يحلو له مناداتي إلا بها..
غادرتنا من غير وداع غادرتنا غير مصدقين.. رغم علمنا أن الدنيا دار مرور وليست دار بقاء قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} ومع ذلك كنا نرى ضعفك وألمك الذي صاحبك خلال أيام من وفاتك لكن لم يدر في خلدنا أنه الموت والفراق الأبدي إلى غير رجعة..
غادرتنا لم يبق غير فنجان قهوتك المحبب، كوبك الخاص للماء، منبه الصلاة، كلها بقايا نتخيلك فيها..
رحلت يا والدي ورحل معك توجيب الكبار، وأخلاق وشيم الكرام.. كان لا يسعد إلا إذا أقام وليمة يجمع فيها أولاده وأحبابه ومعارفه يسابق الجميع لإقامة مأدبة لمتزوج أو مسافر وكان كل أسلوبه وكلامه (تغدوا معنا).
أبي الكلام عنك لا ينتهي ومهما كتبنا من مقال أو خاطرة أو صفحات لن أوفيك جزءاً من حقك..
فقد جمعت جميع صفات الوالد المثالي من حب وحنان وعطف لأولاده وبناته ولجميع أحفاده كان يقبل يد الصغير قبل الكبير لحرصه على إسعادهم وكان جل اهتمامه توزيع ما يجود فيه من حلويات أو ريالات على الصغار فقط لإضفاء الفرحة عليهم..
افتقدناه كثيراً، عزاؤنا الوحيد حب الناس له، القريب البعيد الجار شاركونا إحزاننا ومصابنا بفقده..
رحمك الله يا والدي وغفر الله لك إن شاء الله وجمعنا الله وإياك بجنات عرضها السموات والأرض وأعاننا الله على فقدك وثبتنا بالصبر على تحمل فقده، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
** **
ابنتك/ رقية محمد أحمد العنقري - محافظة الزلفي