«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
جاء الصيف فهل يعود البعض للقراءة.. أقول البعض وأعني الذين مازالوا يعشقون القراءة حتى ما وراء السطور. كنا فيما مضى من زمن نحتفظ بالعديد من الكتب والروايات ذات المئات من الصفحات والعديد من الأجزاء والتي نحصل عليها من معارفنا الذين كانوا يدرسون في بعض الدول العربية خصوصا مصر ولبنان. كهدايا أو نتيجة لتوصية مسبقة عندما نعلم بصدور رواية أو كتاب ما وكانت مجلات شهيرة تنشر ضمن أخبار الكتب آخر الإصدارات. أو من خلال ما نقتنيه من المكتبات التجارية في المنطقة. وربما قد يسأل واحد منكم ألا يمكن قراءة هذه الكتب إلا في الصيف. وهل للصيف تميز عن بقية الشهور والأسابيع العادية فأجيب من خلال المعايشة والمشاهدة وحتى تجاربنا جميعا كطلاب لم يكن لدينا الوقت الكافي لقراءة كتاب من 800 صفحة خلال أيام الدراسة والتحصيل فهناك عيون تراقب وترصد ما نفعله وهل علاقتنا مستمرة مع المذاكرة وحل الواجبات المنزلية وما أكثرها في الماضي إضافة إلى التزاماتنا الحياتية الأخرى. في زمن لا يوجد (سائق أسرة) يقوم بتوفير طلباتها إذا كان رب الأسرة يعمل خارج المنطقة أو نظرا لالتزاماته الوظيفية التي تحتم عليه الاعتماد على أولاده. وجل ما نستطيع اقتناصه من الوقت نوظفه في قراءة المجلات ومزاولة الهوايات وحتى الألعاب مع الأقارب والأقران وزملاء الدراسة وأبناء الجيران..لكن نؤجل قراءة الكتب «الدسمة» إلى أيام الإجازات والعطل والأهم الإجازة الصيفية.. وجميعنا يعلم أن موسم الإجازات يعطي الشباب والفتيات دائما وقتا أطول في القراءة ويحاول الجميع خلالها دائما البحث عن الأفضل لقراءته وبالطبع المتاح من الكتب والروايات والقصص.؟! وأعرف أشخاصا وأنا واحد منهم وأقولها بتواضع كنا نسافر إلى دول مجاورة وحتى بعيدة لشراء الكتب بعضها نسارع في قراءته (ونفلفصه) نظرا لأنه يحمل أفكارا قد لا تتيح له الدخول للمملكة.؟! وأذكر أنني تعرفت على أحد باعة الكتب في شارع المتنبي ببغداد واتفقت معه على أن يسمح لي وصاحبي باستعارة بعض الكتب لقراءتها ومن ثم إعادتها نظرا لأننا لا نستطيع أخذها معنا للوطن. وبالطبع أعطيناه عنوان إقامتنا في شارع السعدون. وحتى رقم الغرفة. وكم دينار تحت الحساب. وكم كان رجلا متعاونا ولطيفا بل إنه بات طوال أيام إقامتنا في بغداد التي تمتد عادة لمدة شهر حيث كان يبعث لنا مع أحد العاملين لديه بكل جديد يصل مكتبته.. وكم قضينا أياما وليالي ونحن نقرأ ونتمتع. داخل غرفتنا بالفندق وأحيانا نذهب للقراءة في الحدائق والمطاعم في شارع أبو نواس. تذكرت ذلك وأنا أشاهد تقريرا عن شارع المتنبي في بغداد. وبسطات الكتب المتناثرة في الشارع.. ومازال يحظى بإقبال عشاق الكتب عليه. واليوم ولله الحمد تغيرت الأحوال في وطننا الحبيب وبات الباب مفتوحا لملايين الكتب وفي مختلف مجالات العلوم والثقافة والأدب فمكتبات الجامعات والكليات ومكتبات الملك فهد والملك عبد العزيز والمكتبات العامة في مختلف المناطق والمحافظات. والمؤسسات الثقافية والأندية الأدبية تفتح ذراعيها مرحبة وبحب لعشاق القراءة والاطلاع والاستفادة من إجازة الصيف الطويلة. ليستمتعوا ويستفيدوا من هذا الكم الهائل من محتوياتها وبدون مقابل.. والجميل أن العديد من المكتبات في بلادنا تدعو الشباب والفتيات والدارسين والباحثين للتقدم للحصول على عضوية المكتبة والتي تتيح للمشترك فرصة الاطلاع والقراءة بيسر وسهولة.. فكل شيء ولله الحمد والمنة بات موجودا. بل إن عالم الكتب وفي مختلف المجالات واللغات بات رهن (نقرة) من إصبعك. فمكتبات العالم لها مواقعها على الشبكة العنكبوتية وجميعها تنادي هل من يطلع هل من يقرأ في هذه الإجازة وغير الإجازة.؟!