مؤلم أن نرى الشعب القطري الشقيق يقع ضحية لتصرفات حكومة بلاده، فكم من إرهاب في دول الخليج وكثير من الدول العربية الشقيقة نشرته الدوحة ودعمته ووفرت له المنبر الإعلامي إلى محاولة زعزعة ما تعايشه تلك الدول من أمن واستقرار بفوضى دمرت البلاد والعباد.
إن هذه التصرفات جعلت لا حل بيد جيرانها وأشقائها الا مقاطعتها، من المؤسف أن يتضرر الشعب القطري منه بسبب تصرفات حكومته التي تقوم الآن باستغلال معاناته التي هي المتسبب الأول بها، لم يكن بود أي سعودي أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه، ولكن حكومة قطر هي من وضعت مصالح شعبها في مهب الريح خدمة لأهداف أجنبية لا تخصه.
ان أبناء الشعب القطري، وبخاصة المكون القبلي هم أكثر من تضرر من هذه التصرفات، وليست قضية قبيلة الغفران ال مرة عنا ببعيد عندما طُردت قبيله كاملة بسبب تهم كاذبة وبدون احترام لانتماء هذه القبيلة العربية التي لا ذنب لها الا عدم ثقة حكام الدوحة في العنصر القبلي وكرههم له، وفي جزء من مخطط لتغيير التركيبة السكانية، وما طرد تلك القبيلة إلا حالة مؤكد تكرارها مع قبائل قطرية أخرى عند أول تهمة، وكذلك استعدادا لإحلال عناصر أجنبية اتضح لاحقا الهدف منها، ويظهر ذلك بإلقائنا نظرة سريعة على ذراع قطر الإعلامي قناة الجزيرة وكوادرها القائمين على برامجها ومعظمهم ان لم يكن جميعهم ليسوا قطريين، ولكم ان تعرفوا توجهاتهم وعداوتهم للخليج وأهله من خلفياتهم وانتماءاتهم.
وآخر شواهد عدم ثقة حكام قطر هو استقدام قوات تركية، مع أنه ليس هناك أي تهديد خارجي لقطر، ولو تواجد فقوات درع الجزيرة الذي قطر هي إحدى الدول المتفقة مع أشقائها في الخليج، على أن يحمي أرضها، ولكن هنا نحن أمام دليل على أن استقدام القوات الأجنبية لتحمي الحكومة نفسها من الشعب القطري فهي لم تعد تثق فيه وليس بسبب الأزمة مع المملكة والبحرين والإمارات، فهذه الدول لم تحشد قواتها أو تهدد عسكريا، فكل ما في الامر أن تلك الدول قطعت علاقاتها مع قطر بعد أن يئست من احتوائها وخوفاً على أمنها القومي، وهو حق سيادي يكفله القانون الدولي، ومن حق أي دولة أن تغلق منافذها ومجالها الجوي متى ما أرادت حماية لأمنها، هذا الأمر الذي أتى في وقت شعرت هذه الدول أن أمنها يتطلب ذلك.
ومن المثير للسخرية أن قطر تدعي انها محاصرة مع ان هذا غير صحيح ولكنه يأتي كدليل على منهج الكذب وقلب الحقائق الذي انتهجه الإعلام القطري ودأب عليه بدعوى حرية الكلمة، هذه الحرية التي لم تُكفل لشاعر قطري سجنته حكومة الدوحة عدة سنوات من أجل شطر بيت.
ومنذ انقلاب حمد على والده وقطر وإعلامها لم يبقِ إساءة الا ووجهها للمملكة ولدول الخليج بداية بالبرامج الإعلامية المسيئة وصولاً لدعم الخارجين والمعارضين، خاصة للمملكة وتلميعهم ومنحهم منبرا إعلاميا يبثون من خلاله سمومهم وليس نهاية بالعلاقات المشبوهة مع كل عدو متربص للخليج وأهله، ورغم كل ذلك لم تفعل المملكة وشقيقاتها اكثر من ممارسة حقها السيادي في إغلاق مجالها الجوي وحدودها البرية عندما أحست بالخطر على أمنها الوطني من تصرفات قطر، وبعد ان استنفدت كافة الوسائل ولَم تجد هذه السياسات القطرية من يقف في وجهها وخاصة من عقلاء الداخل القطري كانت المملكة طوال هذه السنين تتجاهل وكأن ليس هناك إساءة تحدث من الجار والشقيق، كل ذلك أملاً منها في ان تخجل حكومة قطر أو يكون هناك من أهل قطر عقلاء يردعون هذه السفاهات، وطوال تلك السنوات المؤذية لم تُشعر المملكة أبناء الشعب القطري أنهم غرباء أو انهم غير مرحب بهم وكان المواطن القطري فيها يعامل معاملة السعودي أو اكثر، بل ان اغلب أهل قطر يملكون في المملكة اكثر مما يملك غيرهم ابتداء من المنازل والاستثمارات وليس انتهاء بالمزارع التي مساحة بعضها يقارب مساحة قطر هذا غير مئات آلاف من المواشي لدرجة اننا في المملكة لم نعلم ان الإخوة القطريين يملكون هذه الإعداد المهولة الا بعد ان خرج بها أصحابها الذين كانوا يتنعمون بدعم المملكة لأعلافها وسقياها واستفادتها من كل المميزات التي تمنح للمواطن السعودي.
إن ما أخرج المملكة من مساحة الصبر الواسعة التي وضعتها لاحتواء عبث قطر هو تطور الحالة العبثية لدى الحكام القطريين، فبعدما كان الامر تخريبا وإيذاء في الداخل الخليجي تطور الوضع إلى تدمير الدول العربية الكبرى وتبني توجه في ظاهره مساعدة الشعوب وفِي داخله الفوضى ونشر النموذج الصومالي، وهو ما حصل في ليبيا من حرب اهليه وانقسام لهذا البلد ليس في المنظور نهاية قريبة له، وما حصل في سوريا التي كان من ثمرات العبث القطري فيها وتعاملها مع الجماعات الارهابية، ان صنفت كافة اطياف المعارضة السورية الشرعية في منظور العالم بالارهاب والمستفيد الأوحد النظام السوري وحليفه الإيراني. ولولا فضل الله ثم وقوف المملكة وشقيقاتها للحقت مصر بليبيا وسوريا والعراق .
إن هذا العبث الذي يقوم به حكام قطر المتسلحون بمكانة قطر الخليجية وبالمال الكثير والإعلام المبدع في تزوير الحقائق والمتبني لكلام حق يراد به باطل أدت لتدمير عدد من الدول العربية ورأينا انعكاسات خطيرة على دول المنطقة الكبرى ومنها المملكة وهذا ما تسعى له قطر، لذلك لم يعد في وسع المملكة وشقيقاتها الصبر أكثر من ذلك لأن السفينة تحمل الجميع، وكما هو معروف إذا ترك العابث يعبث بها ولَم يؤخذ على يده غرقت بمن فيها.
اخيراً كلمة للإخوة في قطر، بما ان إغلاق منفذ بري أدى إلى كل هذا الكابوس لدولتكم وجعلها تملأ الدنيا صراخا وشكاوي، وبما ان دولة يسبب لها قطع دولة ما العلاقات معها كل هذا الضرر فلماذا لا تعرف قطر أن لكل دولة قيمة جيوستراتيجية معينة وتتعامل مع محيطها على هذا الأساس، وتهتم بمصلحة شعبها بدلا من مناكفة دول اقليمية كبرى لها حساباتها ولها سياساتها ولها قدراتها التى تمتلكها، ومن الطبيعي انها ستستخدمها في الحفاظ على مصالحها في أي وقت ولن تترك أحدا يعبث بها.
- رئيس مركز شويه