لم يكن اختيار سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لولاية العهد إلا نتاج قرار سياسي جاء بالتزامن مع تعديلات جوهرية إستراتيجية على نظام الحكم الأساسي المستقبلي للبلاد..
كعادته خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حازماً، جاداً، متبصراً بكامل المعطيات السياسية وأوضاع المنطقة الداخلية والخارجية مما جعله يُقدم بعد التشاور مع أهل الحل والعقد من الأسرة الحاكمة بإجراء تلك التعديلات البناءة على إحدى فقرات نظام الحكم الأساسي والتي طورت من منهجية استلام وتداول السلطة، بشكل يعزز الاستقرار، ويدعم سلاسة انتقال الحكم من أبناء المؤسس المغفور له -بإذن الله - الملك عبدالعزيز إلى أحفاده بكل شفافية ويُسر.
إجماع منقطع النظير بهيئة البيعة على اختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد وعضيداً لخادم الحرمين الشريفين بإدارة البلاد، والتفاف كامل من الأسرة الحاكمة والمواطنين على تأييد كامل القرارات التي اتخذت للصالح العام..
إضافة إلى ما ذكر فتعديلات بذلك الحجم بالنظام الأساسي للحكم كفيلة بتأطير منهج المملكة الجديد ذي النزعة نحو تكوين قاعدة متينة من القيادات السياسية الشابة التي تستطيع التحكم بإدارة ومواجهة التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الدولية المتسارعة، والتي أثبت خادم الحرمين الشريفين بكل قراراته المصيرية السابقة وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء بأنها كانت حكيمة، متزنة، حازمة وحاسمة، كما أثبت بمواقفه السياسية الواضحة والتي لا تحتمل التأويل بأن المملكة العربية السعودية تتعامل مع كل أزمة عربية أو إسلامية بمنظور إسلامي شامل متكامل، يرتكز على قياس الآثار العامة على الإسلام والمسلمين ولم تنظر المملكة قط إلى مصلحة فردية دون الإمعان بتبعاتها على جيرانها من الدول الخليجية والعربية، ولو كانت المملكة تسعى لمصالحها الذاتية فقط لسادت العالم أجمع، ولكن سيكون ذاك على حساب دول المنطقة خاصة الخليجية والتي تنظر إليهم المملكة كالأب الحاني.
نعود لسمو ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان والذي ضرب أروع الأمثلة في الجد والاجتهاد والمثابرة على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا أعتقد بأن الفترة القصيرة التي أمضاها كولي لولي العهد كافية لأي شاب في سنه مع توفر كامل الظروف المماثلة لتحقيق نصف إنجازاته على المستوى العالمي، ناهيك عن التوفيق والربط وتقوية العلاقات بين المملكة وعدد لا يُستهان به من الدول العظمى وغيرها، والمساهمة في رسم خطة واضحة للبلاد، بدأت ملامحها بالظهور، وأبرز نتائجها تحديد المخاطر المحدقة بالبلاد، وتحليلها، وتقييمها، وتقديم الأهم على المهم في التعاطي مع الأزمات..
لا أود الإطالة، ولكني متفائل - بإذن الله - بمستقبل زاهر واقتصاد ناهض مقبل على المملكة العربية السعودية خلال المراحل المقبلة، مع توجيه كل الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير المحبوب محمد بن نايف بن عبدالعزيز على كل ما بذله من جهد وتفان خلال المرحلة التي تولى بها زمام وزارة الداخلية وولاية العهد، وتبقى بصمته الأمنية -حفظه الله.
- خالد الحقيل