هاني سالم مسهور
تعاني السياسة القطرية من اضطراب أساسي في مفهوم التعامل مع القوى الإقليمية فيقول وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم لقناة بي بي سي الأمريكية في مايو 2014م أن هناك خلافات تصل إلى تفاوت في وجهات النظر مع الرياض، ولكن يتعين التعامل مع الدول الكبرى المحيطة بقطر مثل السعودية وإيران، وهذا هو المبدأ الأساسي في السياسة الخارجية لقطر، هذا الاضطراب في مساواة السعودية بإيران يُشكل الخطأ الأساس لدى القطريين وهو ما يفتح دائماً أبواب الخلافات مفتوحة مع الجانب الخليجي.
تستحق أن تشكل علاقة (قطر بالإخوان) دراسة لمدى قدرة هذه الجماعة في التحكم والسيطرة على مفاصل الدولة، كانت الرغبة القطرية في استقطاب الإخوان بأن تتحول إلى لاعب رئيسي في العالم، فدولة قطر دولة ذات إمكانيات تصنف وفق أدبيات السياسة الدولية من ضمن الدول الصغيرة في العالم نظراً لصغر حجمها الجغرافي والبشري، وهو ما حدث فعلياً منذ منتصف التسعينيات الميلادية.
تدرك دولة قطر مدى الحساسية التي تشكلها جماعة الإخوان المسلمين في السعودية فارتباط هذه الجماعة بسلسلة حوادث العنف التي يمكن تأسيسها من (حادثة الحرم 1400هـ) فلقد كشفت تلك الواقعة أهداف الجماعة وما تستهدف به المملكة من تهديدات مباشرة لأمنها واستقرارها السياسي، كما أن جماعة الإخوان لا تنسجم توجهاتها مع دولة الإمارات التي كانوا يحكمون قبضتهم على التعليم والقضاء فيها قبل أن يتم التعامل الأمني مع أفراد الجماعة، وتأتي علاقة قطر بالجماعة تماماً كما تأتي علاقتها مع إسرائيل فهي جزء من المتناقضات التي تحملها السياسة القطرية غير أن الوجود الإخواني يتجاوز هذه النقطة إلى ما هو أبعد لتلعب قطر الدور الأكبر في العالم وهو طموح الأسرة الحاكمة (حمد الأب وتميم الأبن).
يُمكننا في اليمن قراءة الدور القطري من خلال علاقتها بالأطراف اللاعبة في المشهد السياسي، فلقد قدمت قطر إلى الحوثيين دعماً مفتوحاً حتى أسقطوا العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، كذلك دعمهم للتنظيمات المتطرفة وحديث الولايات المتحدة عن هذا التموسل فلقد ذكرت مجلة فورين بوليسي أن (جمعية قطر الخيرية تدعم عناصر من تنظيم القاعدة الذين ينشطون في مالي، وهذه العناصر ليست مسلحة جيداً ولكنها ممولة بشكل جيد) كما أكدت وثائق بريد المرشحة الأمريكية السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون تمويل قطر لتنظيم داعش الإرهابي.
كما أسهمت قطر في الانقسام الفلسيطني عبر دعمها لحركة حماس فعلت ذات الأمر في الحالة اليمنية مما زاد الانقسام السياسي، ومع تغاضي الدوحة لانتهاكات إيران والإشادة بدورها في المحافل الدولية، تتطابق توجهات قطر والإخوان بالدوران حول المحور الإيراني، فلقد زار الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي إيران في تأكيدات على توجه الإخوان نحو الإيرانيين وهو ذات التوجه نحو قوى إقليمية أخرى. لا يحق لأحد أن يفرض على قطر سياستها ولكن على قطر أن تدرك خطورة سلوكها المضطرب الذي يضر بجيرانها في دول الخليج العربية التي تُعد هي العمق الإستراتيجي فالعلاقة مع جماعة الإخوان تسببت في كل أزمات قطر وحان لها أن توقف هذه العلاقة، فالعودة إلى جادة الحق هو الأصوب لشعب قطر وشعوب الخليج العربية جميعها.