الدمام - عبير الزهراني:
أجمع مختصون اقتصاديون لـ«الجزيرة»، أن فرض مشروع نظام الضريبة الانتقائية سيسهم في زيادة موارد الدولة بإيجاد دخل إضافي ويخفض التكاليف والأعباء للخدمات الطبية المقدمة للأضرار الصحية لتلك السلع. ومن المقرر أن تطبق الضريبة المنتقاة على مجموعة من السلع التي ستكون في الأغلب السلع الضارة على الإنسان مثل السلع ذات السعرات الحرارية المرتفعة، منتجات التبغ، مشروبات الطاقة والمشروبات الغازية. وهنا، تساءل بعض الاقتصاديين هل سيؤدي رفع الأسعار إلى تقليل استهلاك هذه المنتجات أم أنه سيكون مجرد رفع أسعار مع استمرار العادات الشرائية؟، مؤكدين في هذا الصدد على أهمية إجراء دراسة لنمط الاستهلاك بعد تطبيق القرارات لرؤية أثرها الفعلي قبل أن نحكم عليها.
ومن المعلوم أن مشروعي الاتفاقيتين الموحدة لضريبتي القيمة المضافة والسلع الانتقائية لدول مجلس التعاون الخليجي قطعا مشوار إحدى خطواتهما القانونية والتشريعية عندما دخلا حيز النفاذ فعليًا، بعد أن أودعت دولتان من الأعضاء وثيقتي التصديق على تلك الاتفاقيتين لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون.
يشار إلى أن مجلس الوزراء قد وافق بنهاية يناير الماضي على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة والاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون.
وقال الاقتصادي فيصل الدوخي: إن الضريبة الانتقائية على بعض السلع أمر إيجابي لزيادة الإيرادات غير النفطية، فهذا النظام الضريبي يعزز الإنفاق الحكومي ويعظم استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع المواطنين في ظل بيئة آمنة ومستقرة، فقد أصبح ضروريًا تنمية ثرواتنا وحمايتها لما فيه مصلحة الدولة وتحقيق نمو اقتصادي طويل الأمد وتحسين حياة المواطنين، لتتماشى مع الجهود التي تبذلها المملكة في سبيل تحقيق الرؤية الجديدة وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط والوصول إلى ميزانية مستقرة ومتوازنة بحلول2020.
وأضاف: الضريبة الانتقائية لها آثار إيجابية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، فمن الناحية الاقتصادية ستزيد إيرادات الدولة غير النفطية حيث من المتوقع أن يصل عائدات فرض الضريبة الانتقائية في حدود 8 إلى 10 مليارات ريال بحسب ما ورد من هيئة الزكاة والدخل، كما أن فرض ضريبة على التبغ ومشتقاته ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية سيسهم في تقليل تكلفة علاج الأمراض الصحية الناتجة عن استهلاك هذه المنتجات، التي تكبد الدولة أموالاً طائلة، فمثلاً تبلغ تكلفة علاج مرض السكري 25 مليار ريال سنويًا، التي تمثل 14 في المائة من ميزانية وزارة الصحة، وبهذا يتم توجيه الموارد الناتجة من الضريبة لدعم ميزانية الدولة في القطاع الصحي وتحسين مستوى الخدمات الطبية، كذلك تحديد إجمالي الناتج المحلي بكل دقة وكشف التستر والحد من انتشار ظاهرة الاقتصاد الخفي الذي يكلف اقتصاد البلد أموالاً طائلة، كما أنها تشجع على الادخار لدى المواطنين وزيادة الاستثمار والنمو وتحسين القدرة التنافسية.
أما من الناحية الاجتماعية، ففرض الضريبة الانتقائية سيحد من استهلاك منتجات قد تسبب أمراضًا صحية، وتترك آثارًا سلبية أخرى على المجتمع، لذا نتوقع أن يؤدي فرض الضريبة إلى انخفاض استهلاك تلك السلع، وبالتالي زيادة المدخرات مما ينعكس على سلوكهم خاصة لدى الناشئة والأطفال.
بدوره، يرى الاقتصادي عبدالله الأحمري أن الضريبة الانتقائية هي انتقاء بعض السلع غير الأساسية لمعيشة الفرد والسلع المنتقاة مثل التبغ والمشروبات الغازية والكماليات والسيارات الفارهة، والهدف منها هو رفع اقتصاد البلد وتنويع مصادر الدخل ومنع المواطن من استهلاك مواد مضرة لصحته وعدم اقتناء السيارات الكبيرة 8 سلندر و6 سلندر التي تصرف محروقات كثيرة ويعتمد المواطن استخدام السيارات الصغيرة الاقتصادية ويتعود على التقشف، وهذا ينسجم مع رؤية 2030 التي تعتمد على تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على البترول ومشتقاته، ويجب على المواطنين التعود على الوضع حتى نتخطى المرحلة الراهنة بنجاح ونثبت للعالم أننا شعب عامل ولسنا شعبًا عاطلاً مرفهًا رغم وجود صعوبات على محدودي الدخل خلال هذه المرحلة.
من جهته، قال الاقتصادي هشام الوليعي: الضريبة الانتقائية تفرض على السلع المضرة للبيئة والصحة والسلع الكمالية بنسب 50 في المائة إلى 100 في المائة، وتعد من الضرائب غير المباشرة التي يتحملها المستهلك النهائي. وتستهدف الضريبة بالدرجة الأولى زيادة موارد الدولة بإيجاد دخل إضافي وتخفيض التكاليف والأعباء للخدمات الطبية المقدمة للأضرار الصحية لتلك السلع، وأيضًا تساعد هذه الضريبة لحد ما المستهلكين للإقلاع أو ترشيد استهلاك السلع المشمولة بالضريبة للحد من أضرارها.
من جهته، قال الاقتصادي عبدالواحد محمد المطر: تقوم الحكومات حول العالم بفرض ضرائب على الشركات والأفراد التي تعد مصدر الدخل الأساسي في أكثرها، وبالنسبة للمملكة، ليس هناك نظام ضرائب على المواطنين أو الشركات حتى الآن. وأضاف: عمليًا يمثل هذا النظام رافدًا جديدًا لمصادر الدخل في المملكة خصوصًا مع حجم الاستهلاك المحلي الكبير للمنتجات المذكورة (5 مليارات ريال سنويًا)، إضافة إلى أنه من المتوقع أن يتم صرف متحصلات هذه الضرائب على برامج علاج أمراض التدخين والمواد الضارة الأخرى. وسيؤثر تطبيق هذه الضرائب على القدرة الشرائية للمستهلكين في المملكة مع تخوف البعض من أن يمتد تطبيق الضرائب الانتقائية إلى منتجات أخرى (السلع الكمالية مثلاً) مما سيؤثر على شريحة أكبر من المواطنين.
وتابع: من ناحية أخرى، إذا كان الهدف من فرض الضريبة تقليل استهلاك هذه المنتجات الضارة، فهذا يفتح الباب على مصراعيه لدخول عديد من المنتجات الأخرى تحت مظلتها مثل السكر الأبيض والحلويات مما سيؤدي إلى تضخم أسعار كثير من المنتجات المرتبطة بها، وبالتالي التأثير المباشر على القدرة الشرائية للمواطنين.
وتساءل المطر قائلاً: هل سيؤدي رفع الأسعار إلى تقليل استهلاك هذه المنتجات (بشكل كبير) أم أنه سيكون مجرد رفع أسعار مع استمرار العادات الشرائية؟ نحتاج لدراسة نمط الاستهلاك بعد تطبيق القرارات لرؤية أثرها الفعلي قبل أن نحكم.