«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
يشكِّل (الكر) أداة من أدوات الفلاح المتوارثة أبًا عن جد، ولا يمكن الاستغناء عنه في مختلف المزارع والبساتين وحتى الأماكن التي يوجد بها نخيل؛ كونه الأداة المهمة في عمل الفلاح للقيام بمهمة صعود النخيل في مختلف المهمات والأعمال التي تتطلبها عمليات «التكريب» والتنبيت وخلال جني الرطب أو التمر. ويُعتبر هذا «الكر» من أغلى أدوات الفلاح التي تصنع يدويًّا، ويتفنن في صناعته بعض من حرفيي العمل في نسج «الليف» المستخرج من النخلة، بعدما تتم اختيار كمية من الليف، ووضعها لفترة في ماء الجدول؛ لتسهل عملية لفه، وتكوين المقاس المطلوب مع عمل حلقتين.
وتتم عملية تشذيبه وتغطيته بطبقات عدة من القماش؛ حتى يكون مريحًا لمن يستخدمه. فالفلاح عند صعوده إلى أعلى النخلة وأمام العذوق يأخذ راحته، ويجلس وهو يؤدي عمله. وكان في الماضي يربط من خلال طرفيه «الحلقتين» بحبل قوي، لا يقل مقاسه عن 1.5 متر، وربما يزيد قليلاً.
وفي السنوات الأخيرة بات الحبل يُصنع من أسلاك حديدية للمحافظة على ديمومته وقوته؛ فالحبل مع الاستمرار في الاستعمال يتآكل، وتضعف قوته.. ويبلغ سعره حسب نوعيته؛ فهناك من 160 إلى 180 ريالاً، ويتوافر عادة في الأسواق الشعبية، وخصوصًا بسطات الأدوات الزراعية التقليدية.
وهذا «الكر» التاريخي استخدمه الفلاح في الأحساء وغير الأحساء منذ آلاف السنين، إن لم يكن القرون. وفي دول الخليج يسمى «الحامول» من كلمة الحمل؛ لأنه يحمل المزارع خلال تسلقه وصعوده إلى أعلى النخلة حيث توجد التمور لجنيها أو خلال عملية التنبيت كما أشرنا سابقًا.. ومثل أشياء أخرى باتت بعض الدول تصدر «الكر» لدول العالم بشكل بسيط، عكس الذي يصنعه الحرفي في الأحساء، الذي يعتبر من الصناعات التقليدية الشهيرة والمتميزة التي تعتز بها المنطقة.
وهذا «الكر» الذي يحتضن الفلاح، ويتحمل وزنه، يساعده في تأدية عمله بسهولة، بل إن وجوده في المزارع والنخيل والبساتين مهمٌّ جدًّا؛ فالحاجة لاستعماله مستمرة طوال العام، وخصوصًا في مواسم «الصرام» والتكريب والتنبيت..! ومن المهم جدًّا أن يحرص من يستخدمه على الإلمام بالكيفية والطريقة السليمة لاستخدامه؛ فأقل حركة، أو عدم التأكد من تثبيته على «جذع» النخلة قد تؤدي - لا قدر الله - إلى سقوطه.
وهنا تحدث كارثة. وكم تعرض أحد المزارعين الذين أهملوا استعماله لحوادث مؤسفة. والكر يُعتبر حزامًا مهمًّا لكل فلاح أو مزارع؛ إذ يسهِّل عليه العمل والتعامل مع النخيل، وعلى الأخص النخيل الطويلة أو العملاقة. هذا، وتشهد بسطات الأدوات الزراعية في الأحساء إقبالاً كبيرًا على شراء «الكر» من المزارعين من داخل الأحساء وخارجها، بل حتى من دول الخليج، نظرًا لما تتميز به صناعته هنا من قوة ومتانة وتميز..!