«الجزيرة» - سفر السالم:
أكد مختصون لـ«الجزيرة» أن المملكة تعد بيئة خصبة لبناء اقتصاد الترفيه؛ الأمر الذي يسهل على هيئة الترفيه الوليدة الإبقاء على مليارات الريالات التي ينفقها السعوديون بالخارج على أنشطة الترفيه. وقال الدكتور سليمان الثويني، أستاذ التسويق بالجامعة العربية المفتوحة، إن السعوديين أنفقوا 38 مليار ريال في 2016 على التسوُّق والترفيه والإجازات، وهذا الرقم يضع الهيئة أمام تحدٍّ في مشاركة قطاع الترفيه في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السعودي. ونتطلع إلى أن يزهد السعوديون في تمضية إجازاتهم خارج المملكة في حال وُفِّقت هيئة الترفيه في تنفيذ أجندتها ومشاريعها الترفيهية بطريقة تنافس فيها نظيرتها في دول الخليج، وتكسب النصيب الأكبر من المليارات التي ينفقها السعوديون بالخارج على أنشطة الترفيه.
وأضاف الثويني: السعودية أرض خصبة لبناء اقتصاد الترفيه؛ فالمساحة الواسعة التي تحظى بها المملكة، وتنوُّع الطبيعة الجغرافية، إضافة إلى زيادة الفئة العمرية من الشباب، تساعد على نجاح الفعاليات الترفيهية بالمملكة؛ فالمتابع للترفيه في السابق يلحظ نقصًا حادًّا في أنشطته؛ ما يشدد على ضرورتها في المجتمع. فعلى سبيل المثال، أصبح الترفيه الاقتصاد المؤثر في مدينة دبي نظير الاستثمارات التي ضختها المدينة في إنشاء مراكز التسوق والمنتجعات والمدن الترفيهية؛ ما جعلها الوجهة الأولى للترفيه في منطقة الخليج.
ورأى الثويني أن الاستثمار بالترفيه مربح، ولكنه مكلف في أعماله التشغيلية. والطريق طويل أمام هيئة الترفيه لتصبح منافسًا لمدن مجاورة لها في المنطقة، ولكن طالما أنه أضحى هناك توجُّه حكومي لتغير النموذج وتنويع مصادر الدخل فعلى الهيئة أن تمضي بخطوات سريعة لإنشاء المنتجعات الترفيهية، وتحقيق عوائد اقتصادية مجزية مع شراكتها مع القطاع الخاص.
وحول زيادة أسعار التذاكر لبعض فعاليات الهيئة أوضح الثويني أن الهيئة حديثة النشأة؛ وبالتالي لا بد لها أن تبدأ بتعزيز وتحسين صورتها الذهنية عن طريق التركيز على الفعاليات ذات الأجور الرمزية أو المجانية نظرًا إلى أن المستهلك السعودي يتوقع أن يدفع نظير ما يستهلكه من خدمات ترفيهية؛ وبالتالي لا بد أن يتوافق السعر مع الخدمة المقدمة.. علاوة على ذلك، اعتماد السعر المخفض في بداية حياة الخدمات استراتيجية تسويقية لكسب شريحة واسعة من المستهلكين، وأيضًا من أجل مواجهة المنافسين.
من جهته، قال الاقتصادي نواف آل الشيخ إن هيئة الترفيه تشرف حاليًا على أكثر من 300 نشاط ترفيهي خلال 2017م، وتسعى عبرها إلى زيادة إنفاق الأسر على الأنشطة الثقافية والترفيهية داخل المملكة من المستوى الحالي البالغ 2.9 % إلى 6 %. وفي أول حضور ومشاركة للأنشطة والفعاليات التي نظمتها الهيئة بلغت نسبة الحضور 143 ألف زائر في الثلث الأخير من 2016م، ومن المتوقع في 2017م أن تتجاوز نسبة الحضور لروزنامة الترفيه أكثر من مليون زائر.
وأضاف آل الشيخ: من فوائد قطاع الترفيه إشغال أوقات أفراد المجتمع، وبخاصة الشباب، بما يعود عليهم بالنفع، والاستفادة من حماسهم ورغبتهم في خدمة المجتمع، واستثمار أوقاتهم بالطرق الصحيحة والنظامية، وتنمية مهاراتهم، ومنحهم الفرصة في كسب الخبرة، وعدم الاعتماد على الوظائف؛ وبالتالي ستنخفض لدينا معدلات البطالة، وسيقل طلب التوظيف، وسيكون لدينا جيل قادر على الاعتماد على نفسه دون مساعدة أحد.
ودعا آل الشيخ هيئة الترفيه إلى فتح قنوات للتواصل مع المستفيدين بشكل مستمر، والنظر في مقترحاتهم وآرائهم، وعمل استبيان دوري لمعرفة مدى احتياجات المستفيدين، والاستفادة من هذا الاستبيان لتطوير روزنامة الترفيه، إضافة إلى أنه يجب على الهيئة توفير أنشطة وفعاليات، تكون أسعارها رمزية لتسهل للناس حضورها. كما دعا الهيئة أيضًا إلى وضع إحصائية دورية لبعض البيانات المهمة التي تشمل أعداد الحضور، وأعداد فرص العمل التي توافرت، والتحول من مجرد التنظيم والإشراف إلى التركيز على صناعة حقيقية للترفيه.
إلى ذلك، قال الدكتور عبد الله المغلوث إن الهيئة الوليدة تلعب دورًا كبيرًا في إحياء مفهوم الترفيه في المجتمع السعودي الذي تنقصه منتجات جديدة، تتلامس مع الواقع، وتتناسب مع الضوابط الإسلامية والاجتماعية. والترفيه - كما هو مفهوم - هو أحد العناصر التي تسعى إليها الجهات الرسمية من أجل تسلية المواطنين والمقيمين لتجديد النشاط؛ لذلك ينبغي إقامة المهرجانات والمناسبات حسب برنامج التحول الوطني2020 الذي يسعى لتقديم تلك الأنشطة للمواطن والمقيم. ولا شك أن مثل هذه المهرجانات ستعود بالنفع اقتصاديًّا من أجل عمل حراك اقتصادي ومردود مالي.
ودعا المغلوث الهيئة إلى أن تجعل برامجها حافلة طوال العام؛ ما سيفتح فرصًا وظيفية للمواطنين في المجالات والمهن كافة، بل سيترتب على ذلك ظهور مواهب جديدة، واكتشاف عناصر وخلق إبداعات؛ فالاستثمار في مجال الترفيه محفز ومشجع، ويدر أرباحًا مغرية، ولكن علينا أن نعمل الدراسات اللازمة التي تطور هذا الاستثمار، ولعلنا نستعين بالخبرات الإقليمية والأجنبية بما يتناسب مع عاداتنا؛ لكي ننجح بشكل مميز، ترتقي إليه المفاهيم والمعايير.