«الجزيرة» - سلطان الحارثي:
اقترب فريق الهلال كثيرًا من تحقيق لقب دوري جميل في موسمه الحالي 2016 - 2017، وابتعد عن بقية منافسيه بفارق نقطي كبير؛ إذ وصل الفارق النقطي بين الهلال ووصيفه بعد الجولة الـ21 إلى 10 نقاط، ولم يتبقَّ على نهاية الدوري إلا أربع جولات.
ابتعاد فريق الهلال عن بقية الفرق جعل الوسط الرياضي يتساءل: لماذا ابتعد فريق الهلال عن بقية الفرق بهذا الشكل؟ وهل ذلك قوة في الهلال أم ضعف في بقية الفرق..!؟
الجزيرة اتجهت بهذا السؤال لأصحاب الشأن، وعرضت تساؤل الوسط الرياضي على المدربين الوطنيين لمعرفة رأيهم، والغوص معهم فنيًّا حول الإجابة عن هذا التساؤل الكبير.
المنافسون ضِعف المواسم السابقة
البداية كانت مع المدرب الوطني والمحلل الفني نايف العنزي، الذي بارك للهلال بطولة الدوري، وقال: نقول للهلال مبروك مقدمًا بطولة الدوري التي غابت عن الفريق فترة تُعتبر بالنسبة للهلاليين فترة طويلة جدًّا، ولكنه حينما عاد عاد بقوة؛ فالهلال هذا الموسم يُعتبر الأفضل والأقوى والأكثر تميُّزًا بين فرق الدوري بدليل الفارق النقطي بينه وبين وصيفه.
وأضاف: منذ بداية الموسم كان الهلال يفكر في بطولة الدوري، ولو سألت أي هلالي، سواء لاعبين أو إدارة أو جمهورًا، عن هدفه هذا الموسم لقال بطولة الدوري، وربما تكون أكثر من البطولة الآسيوية.
وأشار العنزي إلى أن دوري هذا الموسم يعتبر قويًّا جدًّا، وقال: في دوري هذا الموسم كانت المنافسة بين أربعة فرق منذ بداية الدوري، وهذا دليل على قوة الدوري. ومن يقُل إن الدوري ضعيف فهو مخطئ، بل إن المنافسين هذا الموسم ضِعف ما كان عليه في المواسم الخمسة الأخيرة، التي تقتصر على فريق أو فريقين. أما هذا الموسم فقد كانت المنافسة بين أربعة فرق، ولكن الثلاثي المنافس للهلال لم يستطع الاستمرار بدءًا من الجولة الـ21. كما أن الفرق التي تصارع على الهبوط لا تستطيع الجزم بأنها ستخسر أمام الفرق الكبيرة، وهذا دليل على أن دوري هذا الموسم قوي جدًّا.
وزاد: الهلال هذا الموسم تميز على النواحي كافة، ويكفي أن نقول إنه استطاع أن يجلب لاعبين غيَّروا من أداء الفريق. ونتحدث هنا عن عبدالله المعيوف حارس فريق الهلال، وأسامة هوساوي في الدفاع، وعبدالملك الخيبري في المحور، وعبدالمجيد الرويلي لاعبًا بديلاً، وبروز عبدالله عطيف، ووجود ميليسي لاعبًا محترفًا، والاستعانة في الفترة الشتوية، وتعديل وضع الهجوم بجلب عمر خربين، وهذا عمل كبير من قِبل مسيّري نادي الهلال، أثمر عن صنع فوارق فنية بينه وبين البقية.
الهلال الأكثر فوزًا والأقل خسارة
من جانبه، أشار المدرب الوطني سمير هلال إلى أن لغة الأرقام هي الفاصل في مثل هذا الموضوع.. وقال: انقضى من الدوري 22 مباراة، ويعتبر الهلال هو الأكثر فوزًا فيها بـ18 مباراة، وأكثر فريق حقق نسبة أهداف بـ53 هدفًا، وأفضل هجوم، وأفضل دفاع، كما يعتبر أقل الفرق خسارة بخسارتين فقط. وهذه العوامل التي ذكرناها من المؤكد أنها سترجح كفة الهلال، وأنه الأفضل من بقية فرق الدوري. هذا على المستوى الفني، بعيدًا عن الأمور الأخرى.
وتابع: أيضًا الهلال وُفِّق في اللاعبين الأجانب؛ فهو يملك لاعبين أجانب مميزين، وعنده لاعبون محليون جيدون، ولديه دكة بدلاء جيدة، ويملك لاعبين يستطيعون حسم أي مباراة، ويعرفون كيف يتعاملون مع المباريات الصعبة والكبيرة. كما أن الهلال يملك مدربًا جيدًا، يثبت من مباراة لأخرى أنه قادر على تحقيق لقب الدوري. ويملك الهلال إدارة نادي وإدارة فريق جيدة، ويملك رئيسًا يوجد مع الفريق في جل مبارياته، ويعرف كيف يتحدث، ومتزن في تصريحاته في حالة الفوز والخسارة. كل تلك العوامل - من وجهة نظري الشخصية - هي التي أعطت الهلال أفضلية كبيرة.
وزاد: الهلال منذ سنوات يمتلك ميزة لا توجد في أندية أخرى، مع كامل احترامي للأندية كافة. وهذه الميزة هي حصوله على نقاط فرق الوسط وفرق المؤخرة كاملة، وهذا يحدث بشكل كبير. ولو لاحظنا أن الفرق التي نافست الهلال هذا الموسم لوجدنا أنها تعطلت من فِرق الوسط وفِرق المؤخرة، بينما الهلال في الغالب يجيد التعامل مع هذه الفرق، وهذه ميزة جيدة للهلال.
وأوضح هلال أن فريق الهلال فريق كبير، وهو الأكثر بطولات على مستوى المملكة، وحينما يحقق بطولة فهذا يعني أنه حققها بجهده وعطاء لاعبيه، وليس بابتعاد الفرق المنافسة له عن مستوياتها.
وأضاف: الهلال هذا الموسم يتميز بالثبات على الأداء، وإن كان لديه بعض المباريات لم تكن مُرضية لجمهوره، ولكن ليس هناك فريق في العالم يسير برتم واحد في الدوري؛ ولذلك صنع الهلال هذا الفارق الذي نشاهده اليوم.
الاستقرار الفني والإداري أفاد الفريق
من جهة أخرى، أوضح المدرب الوطني والمحلل الفني تركي السلطان أن تميُّز الهلال وانفراده جاءا من خلال أمور عدة، يأتي في مقدمتها الإعداد الجيد، ووجود لاعبين مؤثرين أساسيين وبدلاء، كما أن مدربه دياز رتب الفريق فنيًّا، فضلاً عن الاستقرار الإداري.
وأضاف: في كل دوريات العالم يكون هناك فرق مستوياتها ممتازة وفرق عكسها، ولكن من المهم معرفة كيف تستطيع أن تستفيد من كل العوامل لمصلحتك. وهذا ما حصل للهلال هذا الموسم.
لاعبو الخبرة أثبتوا أن بيئة الهلال صحية
من جهته، أشار المدرب الوطني والمحلل الفني بندر الأحمدي أن ابتعاد فريق الهلال عن بقية الفرق كان بسبب تميزه على المستويات كافة، وقال: العمل في الهلال تراكمي؛ ففي المواسم الماضية كان ينافس، رغم أنه مرَّ بظروف عدة، مثل التغيرات الفنية، وضخ الدماء الجديدة بالنسبة للاعبين؛ وهذا ما جعله يبتعد عن تحقيق اللقب رغم أنه كان منافسًا، إلا أنه الموسم الحالي استقر الفريق الهلالي، وحتى حينما غيّر مدربه جاء التغيير وفق منهجية؛ فدياز أكمل المنهجية نفسها، مع معالجته بعض السلبيات التي كانت مع المدرب السابق؛ وهذا يجعلنا نقول إن دياز حافظ على شخصية الهلال، وحافظ على استراتيجية اللعب، وأسلوب الأداء.. وهذه نقاط مهمة.
وأضاف: حينما غيَّر الهلال مدربه لم نشعر بانخفاض مستوى الفريق، بقدر ما شعرنا بالتحسن والتطور في المستوى؛ وهذا دليل على أن إدارة النادي أحسنت اختيار المدرب الذي يتماشى مع سياسة النادي، وأسلوب اللعب، وشخصية الفريق الهلالي. كما أن المدرب بدوره اختار الطريقة التي تناسب اللاعبين الموجودين، واستطاع توظيف لاعبي الخبرة بشكل مميز.. فمثلاً محمد الشلهوب وياسر القحطاني حينما يوجدان في دكة البدلاء وهما راضيان بذلك فهذا مؤشر على أن الأجواء في نادي الهلال صحية، إضافة إلى أنهما متى وُجِدا في التشكيلة الرئيسية فإنهما قادران على صناعة الفارق والإضافة للفريق؛ وهذا دليل حي على أن المدرب الهلالي عرف كيف يستغل ويستفيد من هذه الأسماء، وجعلهم يخدمون الفريق الهلالي.
وزاد في حديثه: لاعبو الخبرة والأسماء الكبيرة في نادي الهلال ساهموا بشكل كبير في ابتعاد الهلال عن بقية الفرق، وذلك من خلال تعاونهم مع زملائهم، ووجودهم مع الفريق، وتوجيهاتهم للاعبي الفريق، وحتى داخل الملعب يصنعون الفارق الفني.
وتابع الأحمدي: نأتي على الدور الإداري الذي دائمًا ما يكون أقل الأدوار وضوحًا، إلا أن الدور الإداري في الهلال كان مميزًا أيضًا. ورغم الضغوطات التي واجهها مدير الكرة فهد المفرج في أكثر من مرة إلا أنه كان ثابتًا، ويعمل بصمت، واستطاع أن يحقق التوازن المطلوب للفريق، واستطاع أن يسير بتوازن مع مدرب الفريق وفق المنهجية العامة لنادي الهلال.
واستطرد الأحمدي: أيضًا أجانب الهلال الذين كانوا محل انتقاد من بعض الجماهير الهلالية كانوا من أفضل اللاعبين المحترفين لدينا، وإن لم يكن لهم أدوار بارزة بشكل كبير إلا أنني دائمًا أقول إن ميليسي من أفضل لاعبي المحاور، وليو مهاجم لا يستطيع الهلال الاستغناء عنه، وكان البعض يعترض على هذا الكلام، ولكن لاعبي الهلال مفيدون لفريقهم بصورة جماعية، ولا يظهرون بشكل فردي.
وأضاف: كل تلك الأمور هي من ساهمت في ابتعاد الهلال عن بقية الفرق في دوري جميل، وتميُّز الهلال هذا الموسم لا يمكن أن نعيده لسوء الآخرين؛ فجميع الأندية بدأت وعملت وخططت مع الهلال، ولكن في النهاية الثبات والاستقرار والإمكانيات الفردية للاعبين، وتميُّز الجهاز الفني، وتعاطي الإدارة مع كل ما يدور داخل وخارج الملعب بشكل جيد، جعلت الهلال يظهر ويفرض شخصيته، ويبتعد عن بقية الفرق.