د. عبدالواحد الحميد
قبل حوالي عشرين عاماً ذهبت مع اثنين من الزملاء الأمريكيين وزوجتيهما من الظهران إلى الجوف، وكنا نعمل وقتها في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. اختار الزميلان وزوجتاهما أن يسافروا بسيارتهم الجيب عن طريق البر، وأخذوا معهم لوازم السفر، وانطلقوا إلى هناك رغم نصحي لهم بالسفر بالطائرة ولكنهم اعتبروا أن السفر عن طريق البر هو جزء ممتع من الرحلة ولا يريدون التنازل عنه.
التقينا هناك في الجوف، وأخذتُهم في جولات لمشاهدة آثار المنطقة في سكاكا ودومة الجندل، وزاروا المتحف ومعرض السجاد التابعين لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي، والتقوا ببعض صانعي السدو والسجاد المحلي وببعض أهالي المنطقة من المثقفين ومن الناس العاديين. كانت سعادتهم لا توصف وكانت بادية على وجوههم طوال الوقت، وعندما عدنا للظهران سألتهم عن انطباعاتهم بحضور زملاء سعوديين فتحدثوا بانبهار وقد أذهلني التقاطهم لأشياء ومواقف ومعالم لم تكن تلفت انتباهي كأحد أبناء المنطقة بحكم التعود. كما أن إحدى الزوجتين كتبت فيما بعد مقالاً جميلاً ومصوراً عن السدو في منطقة الجوف ونشرته في مجلة أجنبية باللغة الإنجليزية.
تذكرت ذلك وأنا أتابع بعض ما تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً عن زيارة سفير المكسيك وزوجته إلى منطقة حائل ولقاءاتهما بالناس هناك وهما يرتديان الملابس السعودية التقليدية ويشاركان أهل حائل في بعض المناسبات الاجتماعية. وكانت زيارة السفير المكسيكي وزوجته على هامش رالي حائل الذي أقيم وقت زيارتهما في موعده المعتاد.
يظن البعض أن بلادنا تفتقر إلى ما يجذب السائح الأجنبي، وهذا غير صحيح. فالصحراء، بطبيعتها المهيبة الساحرة وتقاليد أهلها ورياضاتها وثقافتها التي تختلف عن الثقافة السائدة في أوروبا وفي أمريكا واليابان وغيرها من البلدان، تجذب الزائر الأجنبي. ونحن قد لا نحتاج إلى إغراء السياح الأجانب كي يأتوا إلينا من بلدانهم، فيكفي أن نشجع الوافدين الأجانب الموجودين في بلادنا كي يزوروا معالمها ويتعرفوا على إرثنا الثقافي، فضلاً عمَّن يأتون لأغراض تجارية مؤقتة أو من يأتون للعمرة والزيارة.
لكي ننجح في ذلك، نحن بحاجة إلى برامج سياحية مُعدَّة بشكل احترافي، وإلى تطوير المرافق في أماكن السياحة والآثار، وبحاجة إلى مزيد من التنظيم لخدمات السفر والضيافة وغير ذلك من الجوانب التي تعمل عليها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وهو ما يتطلب تفاعل القطاع الخاص والإدارات المحلية في مناطق المملكة المختلفة مع جهود الهيئة.