حاوره - تهاني الغزالي:
كرم الضيافة السعودية والقهوة العربية واحدة من أهم الذكريات التي انطبعت في ذاكرة الدكتور أندرو بادموس المدير التنفيذي للكلية الملكية لأطباء وجراحي كندا عن المملكة العربية السعودية التي عمل بها لخمسة عشر عاماً في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض، لهذا التقيناه لنتعرف على ذكرياته خلال فترة عمله بالمملكة العربية السعودية وانطباعه عن الأطباء السعوديين.
* ممكن أن تعطينا نبذة عن بداياتك كطبيب؟ ومتى بدأت علاقتك بالأطباء السعوديين؟
- من مواليد مدينة ويندسور في مقاطعة أونتاريو وواحد من أوائل الدفعات التي تخرجت من كلية الطب بجامعة ماكماستر.
وماذا عن علاقتك بالأطباء السعوديين؟
- بعد أن تخرجت من كلية الطب من جامعة ماكماستر في عام 1972، واصلت الدراسة وتخصصت في الأمراض الباطنية وأمراض الدم وبعد أن انتهيت من دراسة التخصص في عام 1976 عملت في مستشفى كالجري لمدة عامين، انتقلت بعدها للعمل في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض في أواخر السبعينيات ومن هنا بدأت علاقتي بالأطباء السعوديين على المستوى الشخصي فخلال فترة إقامتي التي امتدت لخمس عشرة عامًا كثيراً ما كانوا يأتي الأطباء السعوديون طلباً للنصيحة حول نوعية البرامج التدريبية التي يمكن أن يلتحقوا بها في كندا أو يسألوا عن الجامعات التي يمكن أن يلتحقوا فيها لدراسة التخصص الدقيق. وعند عودتي لأوتاوا في عام 2006م بدأت علاقتي بفريق العمل المشرف على الأطباء في الملحقية الثقافية السعودية بعد أن زاد عدد الأطباء السعوديين الدارسين والمتدربين في كندا، وصارت العلاقة تأخذ الشكل الرسمي وبصورة منظمة أكثر من السابق وصارت أكثر تركيزًا على توفير فرص أكثر لقبول الأطباء السعوديين، ومن هنا بدأت العلاقة القوية والقائمة على التعاون بيني وبين الملحقية الثقافية السعودية في كندا، أما على المستوى العام سنجد أن علاقة الأطباء الكنديين بالأطباء السعوديين بدأت في عام 1978 حين قدم عدد من الأطباء السعوديين للتدريب والدراسة في كندا، واستمر التعاون المثمر بين كندا والمملكة في مجال الرعاية الصحية لأكثر من ثلاثين عاماً، وتخرج خلال تلك الفترة نحو 3 آلاف طبيب سعودي من الجامعات العليا بكندا والمستشفيات الكندية بمن فيهم وزير الصحة السابق.
* كلمنا عن فترة عملك في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض؟
- عندما سافرت للعمل في المملكة، كنت لا أملك أي خبرة أو فهم لثقافة المجتمع السعودي، إلى جانب أني كنت طبيبًا حديث التخرج والتدريب في مجال تخصصي في الأمراض الباطنية وأمراض الدم بعد أن عملت فقط لمدة عامين في مستشفى كالجري في أواخر السبعينيات، وقد وافقت أنا وزوجتي على العمل في المملكة بعد أن سافر زميل لي للعمل هناك وبلغنا أنه سعيد بالعمل ولهذا وجدتها فرصة طيبة ومثيرة لي ولأسرتي وخاصة أبنائي الذين كانوا صغار سن في هذا الوقت وقررنا أن نسافر في سبتمبر 1978م ونظراً إلى أننا استمتعنا كثيراً بإقامتنا والعمل في المملكة لهذا قررت البقاء في المملكة لفترة امتدت لخمسة عشر عامًا وكانت بالنسبة لي فرصة طيبة في مجال تخصصي، بالإضافة إلى أن المملكة مكان لطيف للعائلات، وبحلول عام 1993م قررت العودة لكندا.
* ما انطباعك عن الأطباء السعوديين؟ وما الخبرات التي تعلموها منك خلال فترة عملك في المملكة؟
- أعتقد أن ابتعاث الأطباء السعوديين أتاح لهم فرصة طيبة للتعلم، فمع الوقت صاروا مؤهلين على أعلى مستوى من الناحية الأكاديمية والتدريبية بعد عن أن تدربوا على المستوى الدولي، وصاروا أكثر ثقة بالنفس أكثر من السابق، فعندما بدأت العمل معهم كنت أرى أنهم متدربون تدريبًا جيدًا ولكن ينقصهم الثقة بالنفس وذلك في بداية تدريبهم في كندا، ولكن ووجدت المئات منهم بعد الانتهاء من تدريبهم ودراستهم وحصولهم على الدرجة العلمية كانوا أكثر ثقة في أنهم الآن مؤهلون للعودة والعمل في المملكة وفقاً للمستوى الدولي المتعارف عليه، الذي يقابل احتياجات المرضى مع أعلى مستوى من المهنية. أما عن وجه الاستفادة، فهي متبادلة، فعلى سبيل المثال تعلمت من احتكاكي اليومي بهم الكثير عن الثقافة السعودية، أما على المستوى المهني فكان هناك بعض البرامج التدريبية في حاجة إلى تطوير وتنظيم ولهذا كان على القائمين على تلك البرامج من أطباء التدريب والعمل مع الأطباء الدوليين ومنهم أنا لمساعدتهم في تنظيم دراستهم وقراءتهم في تخصصهم الدقيق، وكان ذلك فرصة طيبة بحق لتبادل المعارف والخبرة.
* ما الأمور التي تنصح بها الأطباء السعوديين لتطوير مهاراتهم المهنية والتدريبية وفقاً لخبرتك؟
- أعتقد أن كندا وفرت للأطباء السعوديين وغيرهم من الأطباء الدوليين برامج طبية قوية استغرقنا وقتاً طويلاً في إعدادها ويتم تنفيذها بطريقة منضبطة قائمة على الاختبارات والتقييم المستمر واعتماد برامج تدريبية وفقاً للحاجة، وفي اعتقادي أن المملكة العربية السعودية في طريقها الآن لأن تحقق الجودة المطلوبة لتحقيق رعاية صحية أفضل لمرضها، فهم حققوا تقدمًا طيبًا في السنوات الأخيرة وسوف يصلون قريباً لمبتغاهم في الجودة والنوعية في التخصص والتدريب.
* ما خطتك المستقبلية لتعزيز علاقات التعاون الكلية الملكية لأطباء وجراحي كندا والملحقية الثقافية السعودية في كندا؟
- أعتقد أن برنامج الابتعاث الخارجي وفر فرصة قوية لتعزيز أوجه التعاون بيننا وبين الملحقية، وخاصة بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على التعاون معها إضافة إلى تخرج عديد من الأطباء السعوديين من البرامج الطبية في كندا، وعمل الكثير من الأطباء الكنديين في المملكة العربية السعودية، ونأمل في الفترة المقبلة أن يتم فتح قنوات رسمية جديدة وتقديم شرح أفضل لمؤسستنا على ما يمكن تقديمه فعلى سبيل المثال الثقافة الصحية السعودية تركز على توفير خدمة صحية متميزة للعائلات وللمواطنين وهذا متطابق تماماً مع القيم والثقافة الصحية الكندية على الرغم من اختلاف الخلفية الدينية واللغوية.
وآمل في المستقبل ألا تقتصر برامج التبادل والشراكات الصحية وألا تستمر لمدة سنة أو خمس سنوات، بل لا بد أن تستمر لمدة خمسين عاماً وهذا ما نسعي إلى تحقيقه في الوقت الحالي.
* ما أطرف موقف مر بك خلال فترة عملك مع الأطباء السعوديين سواء هنا في كندا في السعودية؟ وهل أحببت الطعام السعودي؟
- لقد مررت بمواقف طريفة كثيرة ولكن أطرف شيء مر بي وخاصة أنه يتكرر مع كل زيارة عشاء أو غذاء في بيت الزملاء أن الطعام الذي يقدم للضيف يكفي مائة شخص وقد حاولت في مرات عديدة أن أكون لطيفًا وأتناول قدرًا من الطعام على قدر ما أحتمل ولكن للأسف في كثير من المناسبات كنت أتناول كميات كبيرة، والأمر الطريف الآخر أنه في كل زيارة تجد المستضيفين وضيوفهم حريصين على إحضار شنطة كبيرة مليئة بالأدوية التي يكون في بعض الأحيان بعضها قد تم الانتهاء من استخدامه وتناوله ويسألون النصيحة الطبية.
أما عن الأكلات السعودية فأنا استمتع كثيراً بالأكلات الشعبية خاصة الكبسة التي أكلتها كثيراً في الرياض، ولا أنسى أيضاً المندي، وكذلك القهوة العربية التي كثيراً ما كنت أتناولها في المناسبات المختلفة التي أكون مدعوًا فيها.
وفي الختام نود إلى أن نشير إلى أن الملحقية الثقافية السعودية لدى كندا ترتبط بعلاقات مميزة مع الكلية الكندية للأطباء والجراحين. وقد توطدت العلاقة وتطورت مجالات التعاون بينهما في مدى ثلاثين عاما. قامت الملحقية الثقافية خلالها بتنسيق زيارات لوفود رفيعة المستوى من المسؤولين في الكلية الملكية الكندية وفي الجامعات الكندية إلى المملكة ووفود أخرى من كبار المسؤولين في المجال الطبي في المملكة ووفود أخرى من كبار المسؤولين في المجال الطبي في المملكة إلى هذه الكليات وإلى كليات الطب في الجامعات الكندية.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الكلية الملكية الكندية للأطباء والجراحين «RCPSC» هي هيئة وطنية كندية غير ربحية تأسست عام 1929م بموجب تشريع برلماني لتقوم بالإشراف الكامل على التعليم والتخصص الطبي في كندا والعمل على التطوير الطبي والخدمات الصحية للكنديين، وجل اهتمام الكلية منصب على توفير رعاية صحية عامة على أرقى مستوى وكذلك الارتقاء بالسياسة الصحية وأنظمتها. كما أنها المخولة بصلاحية الإشراف على التدريب والتقويم الطبي واعتماد التخصصات الطبية في 61 فرعاً طبياً وجراحياً ومختبرياً، وتضم في عضويتها ما يربو على 40 ألف أخصائي طبي يمثلون 92 دولة، وتسعى إلى وضع مقاييس للجودة في مجال الرعاية الصحية من خلال وضع أسس ومعايير خاصة بالتعليم والتقويم والترخيص للأخصائيين الطبيين في 60 تخصصًا وبرنامجًا تخصصيًا.